سياسة الترقيع أو الموائمة على الطريقة المصرية
لنأخذ بداية هذا المثل الذي يقرب الفكرة ، لنفترض أن لديك منزلا بدأ يتهالك ، انهارت شرفة ، ثم سقط أحد أسواره ، تلاه أحد الأعمدة، جميع الخبراء والمهندسين أشاروا عليك بتنكيس المنزل وهدمه ، لكنك لم تستمع إلا لصوت عقلك فقط ، فبدأت تعيد ترميم بعض الشقوق ، وأعدت بناء الشرفة المنهارة ولمزيد من خداع نفسك أعدت طلاء المنزل بطلاء جديد، ثم بدأت تسترخي معتقداً أن كل شيء على ما يرام ، وأنه إذا ظهرتْ مشكلة جديدة فسوف تتعامل معها عندما تحدثْ ، فإذا انهار السلم في اليوم التالي سوف تضع بعض الدرجات أو قوالب من الطوب حتى تعبر عليها . وإذا حدث شرخ في أحد الجدران ستكتفي بأن تحذر أولادك أن يسيروا بعيدا عنه. ستكيف أمورك بسياسة الموائمة على الطريقة المصرية ، والتي هي مجرد ترقيع للثوب المهلهل ، أن تتعامل مع اليوم بيومه . إلى أن يحدث الانهيار المتوقع والذي حذرك منه الجميع .
كل سياسات الحكومات
المصرية تتعامل بنفس المنطق في جميع المشكلات والأزمات. بداية من حوادث الطرق والسكك
الحديد إلى ملف التعليم.
ودعونا نتحدث عن
التعليم باعتباره الملف الحاسم في عملية النمو والتقدم لأي دولة تريد ذلك بالفعل. نظام
تعليمي ملىء بالثقوب والثغرات القاتلة ، فماذا فعلت كل الحكومات معه, أولا تتجاهل المشكلة
، حين يحدث ضغط من الرأي العام تنكر وجودها. ثم تتعامل بسياسة الترقيع والموائمة.
لم نحاول أن ننسف
هذا النظام التعليمي على غرار قاعدة انسف حمامك القديم على الرغم أن مصر وباعتراف كل المؤسسات الدولية
في المراتب الأخيرة في سلم الدول من ناحية نظامها التعليمي ، بل رحنا نسد الثقوب هنا وهناك فتظهر أخرى هنا وهناك.
الرئيس دعا إلى تغيير المناهج إذن نغير المناهج هكذا ودون أي دراسة أو تخطيط مسبق.
ماذا نريد من المناهج الجديدة ما أهدافها ومخرجاتها ؟ كل هذا ليس هو المهم ، المهم
أن ننفذ التعليمات. الوزير دعا إلى أن يكون شعار المدرسة مدرستي جميلة ونظيفة ومتطورة
، فنكتب الشعار على جدران المدرسة ولا بأس من عدة أجهزة للحاسب توضع في المخازن من
أجل أن تكون المدرسة متطورة.
لكننا لم نحاول
أن ننسف هذا البناء المتهالك ، ونبني على نظافة ، نعمل فقط بسياسة دع الأمور تسير إلى أن يقع البلاء ولا تقدر
البلاء قبل وقوعه . إلى أن يقع البلاء . فنندهش ونتعجب كيف حدث هذا ونحن قادة الأمم
ونبع الحضارة ؟ ثم نبدأ في سياستنا المفضلة الموائمة والترقيع على الطريقة المصرية
* محمد صفوت
معلم وروائي مصري