هل آن لجامعة سوهاج ان تصحح المسار؟
منذ سنوات تناولنا هذا الموضوع بالنقاش و المداولة، حيث تركز الحديث حينها على ضرورة مراعاة التوافق و ملائمة الموارد المتاحة مع التوسع في انشاء كليات جديدة بجامعة سوهاج، و لكن يبدو انه لم يكن هناك اذان صاغية
واصبحت مكانة الجامعة العلمية الان رهينة هذا الاجراء و ما نتج عنه من سلبيات تعانى منها الغالبية من الكليات التي تم انشائها. ولقد شهدت الاعوام الماضية افتتاح عدد 7 كليات (الحقوق- الاثار- الالسن – الصيدلة - الهندسة – التربية الرياضية- الطب البيطري) بالإضافة الى الكليات القديمة، حيث موارد بشرية و مادية غير كافية لإتمام العمليات التعليمية و البحثية بالصورة المتعارف عليها مرجعيا و ذلك للغالبية العظمى منها، الامر الذى بات غير مقبولا على الوجه الاكمل بل و يقلل من المكانة التنموية و المعرفية و الاجتماعية المنشودة للجامعة بصورة عامة.
و مما قد لا تخطئه عين ناظر من ان ترى ان هناك عجزا شديدا في الموارد القائمة لغالبية هذه الكليات كما ونوعا في النواحي الادارية و الاكاديمية، فعلى سبيل المثال، عند النظر الى اعضاء هيئة التدريس تجد ان نسبة اعضاء هيئة التدريس الى الطلاب في احد الكليات قد بلغت 300:1 و نسبة اعضاء الهيئة المعاونة الى الطالب صفر:1200 و هذه النسب لا تتلاءم مع المعايير المرجعية المعمول بها على الاطلاق لضمان جودة الاداء في المؤسسات التعليمية، كذلك القول ينطبق على المساحات و السعات لقاعات الدرس و المعامل و الورش التدريبية، حيث ينخفض نصيب الطالب من هذه المساحات الى مستوى اقل بكثير من النسب المعيارية، بالإضافة الى ما هو متاح من موارد مالية كمخصصات للتعليم و البحث العلمي.
اذا كان بالفعل هناك جدية في احراز التحول المستدام لتحقيق النجاح لجامعتنا
في عالم تنافسي يشكل فيه البحث عن المهارات والمواهب و قوة الشخصية، وعمق الخبرة، والقدرة
على التطوير والبناء تحديا مستمرا، لابد ان يكون هناك دراسة معمقه للوضع الحالي تأخذ في اعتبارها الموارد
المتاحة و المناخ الداعم لإنشاء هذه الكليات ثم استحداث سياسات و خطط و برامج تصحيحية
مبنية على الاولويات للتغلب على هذه المشكلات و لاسيما لها ان تتضمن على اجراءات حقيقية تمكن من تطوير الادارة الجامعية بهذه الكليات، زيادة قدرة هذه الكليات من الموارد البشرية من اعضاء الجهاز الاكاديمي و الإداري، اجراء المراجعات
للوائح الدراسية والبرامج التعليمية، ابرام الاتفاقيات و مذكرات التفاهم و التعاون مع الكليات المناظرة و مؤسسات
المجتمع الاخرى للمساهمة في دعم العملية التعليمية
و البحثية من خلال المساهمة في تدريب الطلاب
و صقل مهاراتهم العملية و التوظيفية و تطوير
الموارد الذاتية.
و بالرغم من اننا نشخص الواقع بجوانبه التي قد تبدو غالبيها غير مواتيه،
الا اننا مع التوسع في انشاء مثل هذه الكليات و التي في صورتها المثلى قد تقوم بتوفير
العديد من الخدمات المجتمعية و كذلك المساهمة
في تنمية المعرفة الانسانية و اثراء الحركة الثقافية، علاوة على ما قد تساهم به من
دور فعال في القضاء على بطالة الخريجين و دفع
عجلة التنمية المستدامة ليس فقط على المستوى المحلى و انما على المستوى الوطني و الإقليمي.
ان ايماننا العميق و ثقتنا التي لا يخالطها الشك
في نية القيادة السياسية في احراز المزيد من الاصلاحات و التطوير و البناء العصري
لمؤسسات الدولة و الحفاظ على مقدراتها، يفرض علينا طلب مزيد من توفير الدعم المادي
والمعنوي للجامعة و كلياتها و سرعة استكمال و استقرار كوادرها الوظيفية و قياداتها
الجامعية و بخاصة رئيس الجامعة، حتى تتحقق
الاهداف المنشودة من وراء انشاء هذه الجامعة.
حمى الله مصر و مؤسساتها