نحتاج الى مزيد من القادة لا المزيد من التابعين في الجامعات
حينما نطمح الى نجاح أية مؤسسة يجب أن بكون هذا من منطلق المصلحة العامة للمؤسسة لا منطلق مصلحة الافراد- هكذا تكون الادارة الناجحة و التميز الإداري. لذلك لابد أن نعى أن فكرة تميّز المؤسسات لا تحدث من فراغ،
بل ان الجانب الرئيسي في تطويرها هو القيادة، حيث تكون القيادة اللامعة بمثابة الفرق ما بين الأداء المؤسسي المتميز والإخفاق المخيب للآمال. فالقادة العظماء يقودون المؤسسات نحو النجاح، ويغرسون الإلهام والتحفيز لدى العاملين لديهم، ويوفرون بوصلة أخلاقية يستطيع من خلالها الجميع تحديد الاتجاه المطلوب. انهم يقودون التغيير ويوجهون عملية الإبداع، ويحرصون على توصيل رؤية ملهمة للمستقبل. وقد قال علماء مبرزون في علم الإدارة قبل طرحي المتواضع «إن أصحاب الكفاءة المتواضعة من قادة المؤسسات يستقطبون للعمل معهم من هم أقل منهم مهارة كي يظهروا هم بمظهر حسن ولا ينكشف جهلهم»، وأحسب أن ذوي الفكر والمهارة الذين يكثرون من رصد الثقوب في المؤسسة هم الأنفع على المدى البعيد للمؤسسة وللقادة أنفسهم.
و لما كانت مؤسسات العالي و الجامعي ينظر
اليها اليوم على انها القاطرة التي تجر خلفها كل خطط التنمية الشاملة، فلماذا لا تتواجد
العناصر الاكاديمية و المجتمعية من المتخصصين و الممثلين لمؤسسات المجتمع عند اختيار
قيادات هذه المؤسسات لمناقشة المتقدمين لشغل هذه الوظائف فيما يقدمونه من برامج وخطط
لقيادة هذه المؤسسات، حيث ان المنظور الذى نركز عليه هنا مختلف عما هو قائم الان، فهو
منظور يركز على مدى ملائمة الفكر و التنفيذ و التميز و الملائمة للبرامج و الخطط و
ليس ملائمة الافراد أو الاحساب أو الانساب.
و بعد هذا فاذا كنا نحن جادين بالفعل احراز
التحول المستدام لتحقيق النجاح لهذه المؤسسات في عالم تنافسي يشكل فيه البحث عن المهارات
والمواهب و قوة الشخصية، وعمق الخبرة، والقدرة على التطوير والبناء تحديا مستمرا، فلابد من مراجعة آليات اختيار هذه القيادات و في مقدمتها
وثيقة معايير اختيار القيادات الجامعية الصادرة عن المجلس الاعلى للجامعات او استبدالها
باخري ، حيث ان ما ورد بها يركز لمؤسسات توريث القادة و ليس قيادة المؤسسات. كذلك اعادة النظر في تشكيل اللجان القائمة على تقييم
البرامج و الخطط و الخبرات للمتقدمين و ضرورة اشتمالها على خبراء مجتمعيين مهتمين بشئون
التعليم من قطاعات الصناعة – التجارة- الصحة- الزراعة،،، الخ وكذلك أكاديميين مشهود
له بالكفاءة و التميز، و قبل كل هذا و ذاك انشاء و تنفيذ برامج و مراكز تنويرية فاعلة
لبناء القيادات داخل هذه المؤسسات لأنه ليس من المقبول ان تفتقد الجامعة القدرة على تجهيز و بناء قيادات
مستقبلية لها و اعتبرها في ذات الوقت بمثابة بيت الخبرة المسئول عن صناعة أنوية القيادات لمؤسسات المجتمع المختلفة.
·
كاتب
المقال
د/ احمد الخطيب - استاذ بجامعة سوهاج