علاء ثابت يكتب: هروب المعلمين والبكالوريا..أغيثوا التعليم
أغيثـوا التعليم..فى أثناء متابعتى النقاشات الدائرة حول النظام الجديد للثانوية العامة “ شهادة البكالوريا المصرية ”، تذكرت تلك القصة الشعبية التي تتحدث عن رجل سقط، فأوصاه الطبيب بوضع الدواء على موضع السقوط، فجلس الرجل على الأرض وبدأ بوضع الدواء. وعندما رآه الناس في هذا الوضع، سألوه: «ماذا تفعل؟»، فأجابهم: «هكذا أوصاني الطبيب».. حالنا مع التعليم يشبه هذا الموقف تمامًا؛ إذ إننا كثيرًا ما نتعامل مع الأزمة دون معالجة جذورها الحقيقية.
موقع السبورة
هروب المعلمين الأكفاء
لقد ركزت التجارب السابقة لتطوير التعليم على حلول سطحية دون التطرق إلى جوهر المشكلة، المتمثل في العنصرين الأساسيين: المعلم والمدرسة. فلا تطوير بدون المعلم، ولا معلم كفؤ بدون راتب عادل. إن الراتب المتدني للغاية أدى إلى هروب المعلمين الأكفاء، وقلل من إقبال المتفوقين على الالتحاق بمهنة التعليم، سواء كانوا من خريجي كليات التربية أو غيرها من الكليات. ومع أن البعض لا يزال يتمسك بتلك المهنة النبيلة ويعتبرها واجبًا وطنيًا، فإن هذه التضحيات بدأت تنحسر تحت وطأة ضغوط الحياة اليومية.
استفحال الدروس الخصوصية هو نتيجة طبيعية لغياب دور المعلم
وكانت النتيجة الطبيعية لذلك استفحال ظاهرة الدروس الخصوصية التي تحولت إلى ما يُسمى اليوم «السناتر»، ورغم محاولات التصدي لهذه الظاهرة، فإن الجهود المبذولة لم تتعدَّ كونها حلولًا سطحية، وهي أشبه بمعركة دونكيشوتية «خيالية»، لأنها لا تعالج جذور المشكلة. فاستفحال الدروس الخصوصية هو نتيجة طبيعية لغياب دور المعلم؛ إذ لدينا مدارس بالاسم فقط، غالبًا ما تكون مكدسة بأعداد تؤثر بالسلب على الاستيعاب، ويعمل فيها معلمون لا يحصلون على رواتب تكفي لتغطية ضروريات الحياة، مما دفعهم إلى تخصيص وقتهم وجهدهم للدروس الخصوصية.
لقد كانت المدرسة تزخر بالأنشطة المختلفة التي تُنمي مهارات الطلاب وتصقل شخصياتهم، ومع ذلك، تجاهلنا أهمية المدرسة والمعلم، وركزنا على أمور هامشية لا تمس جوهر الأزمة، من التعديلات السطحية التي شملت إلغاء الصف السادس الابتدائي، إلى تطبيق نظام التحسين، وكذلك كانت هناك تعديلات على بعض المواد أو تغيير اسم الثانوية العامة لتعود إلى البكالوريا، وجميع هذه التعديلات والمقترحات لم تمس جوهر أزمة التعليم.
ولهذا، أرفع صوتي مطالبًا بعلاج جذري يركز على الأساسيات، بدءًا من رفع راتب المعلم، وإعادة الاعتبار لقدسية المدرسة كمنظومة تعليمية متكاملة. إن هذا العلاج يتطلب توفير الموارد المالية اللازمة للنهوض بالتعليم، سواء عبر زيادة موازنة التعليم أو رفع المصروفات الدراسية مع إعفاء غير القادرين، أو حتى إطلاق حملة قومية لجمع التبرعات من أجل إنقاذ التعليم.
التعليم ليس مجرد قضية قطاعية، بل هو مسألة وطنية تمس مستقبلنا. وأدعو الجميع إلى التكاتف لتحقيق هذا الهدف الذي يُعد خطوة أساسية نحو إنقاذ بلدنا وأبنائنا.
- كاتب المقال
علاء ثابت
رئيس تحرير الأهرام السابق