الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

د.هانى ابوالعلا يكتب: كلمة في أذن ولي أمر: صلاح التربية والتعليم يأتي بقرارك أنت

الإثنين 11/نوفمبر/2024 - 01:09 ص

منذ أن تدهور حال التعليم في مصر، وهجر أبناؤنا المدارس والوزارات المتعاقبة لـ التربية والتعليم تحاول جاهدة باستراتيجيات لا ننكر إنها جاءت بإخلاص في محاولة لاستعادة المسار الصحيح لـ التربية والتعليم في مصر، إلا إن معظم هذه المحاولات لم تؤت ثمارها على النحو، الذي كان مرجوًا منها.

أسباب هذا الإخفاق يرجع لمجموعة متشابكة من العناصر

وعلى الرغم من إن أسباب هذا الإخفاق يرجع لمجموعة متشابكة من العناصر، أدعو القارئ الكريم أن يتابعها معي في جولة سريعة، علنا نستطيع سويا أن نضع خارطة طريق قد تكون بمثابة حجر أساس لاستعادة قيمة مفقودة، وهي التربية والتعليم.

خبرة وعراقة المدرس المصري

فلا يستطيع كائن من كان أن يراهن على خبرة وعراقة المدرس المصري في تقديم رسالته التربوية، التعليمية، وكيف لا وهو من علم العظماء في مصر والدول العربية، لكن كيف آل بنا الوضع إلى مانحن فيه؟ ومن المسئول؟ وهل بإمكاننا الرجعة؟ وماهي الطريقة المثلى؟

في البداية لا ننكر إن مشكلة الزيادة السكانية والضغط على المرافق التعليمية، هي أحد الأسباب، وقد تم تصنيف مصر بجانب الهند ونيجيريا والبرازيل كلمة في أذن ولي أمر: "صلاح التربية والتعليم يأتي بقرارك أنت" Ayaiao31

وباكستان وبيرو ضمن الدول ذات كثافات الفصول المزدحمة (خصوصا في المرحلتين الابتدائية والإعدادية)وفقا لتقرير اليونسكو ٢٠٠٧. لكن هذا العنصر ليس أعظم المسببات للمشكلة!

والدليل على ذلك هو نجاح الطلاب والحصول على مجاميع مرتفعة وسط المئات من زملائهم داخل أوكار التلقين، فيما يطلق عليها "السناتر" ودون استخدام الطريقة العملية أوالتشجيع على التفكير الإبداعي. 

العامل الآخر هو تدني رواتب السادة المدرسين النظاميين، بالمقارنة باقرانهم ممن يعملون في السناتر، بنسب تحتاج لمنحنى لوغاريتمي للمقارنة بينهما، وعل. الرغم من تمسك البعض بالرسالة التربوية السامية، فلا يمكن إنكار إن هذا العنصر له تأثير واضح، خصوصا مع الزيادات المتلاحقة في الأسعار، التي جعلت المدرس غير قادر على الإيفاء بمتطلبات المعيشة.

ثم المناهج التعليمية، التي أصبح كثير منها عتيقا، التي لا تناسب المرحلة الحالية، ولا يستطيع أن تربط الطالب بالمدرسة، خصوصا مع وجود مجموعة كبيرة من البدائل المتاحة عبر الانترنت والوسائط المتعددة، وعدم الاهتمام بل وإهمال الأنشطة المدرسية الجذابة ومسابقات الفصول الثقافية والرياضية ومسابقات الوعي القومي، التي إن تم تنفيذ بعضها يكون بشكل صوري على طريقة (التمثيل المشرف) حتى شعر الطالب بأن الذهاب للمدرسة مضيعة للوقت في بعض الأحيان.

 الأزمة الأخلاقية العملاقة

كما لا يمكن إنكار الأزمة الأخلاقية العملاقة، الدخيلة على المواطن المصري، تلك التي نالت من المدرس المصري، كما نالت من غيره من المواطنين في بعض الأحيان، هو ما جعل البعض يحيد عن العدل في تقدير درجات الأعمال الفصلية في بعض الأحيان، كعامل من عوامل إرغام الطالب على الذهاب إلى السنتر.

هي ذاتها ما حالت دون أن تمارس بعض جهات الإدارة والتوجيه اعمال الرقابة والتقييم، بل! والتقويم إذا لزم الأمر.

وعلى مقربة من هؤلاء جميعا يقف ولي الأمر كأحد أهم العناصر الداعمة لفساد المنظومة التعليمية، فلا شك إنه قد طالته الأزمة الأخلاقية، فلم يعد يشغله غير اجتياز ابنه/بنته للمراحل التعليمية (حتى لو من خلال الغش) ثم الالتحاق بإحدى كليات القمة، بأي وسيلة، وهو ذاته من لم يعد يقبل حتى ولو بتعنيف المدرس لابنه/بنته ودون أن يعبئ بما يؤول بالتعليم من فساد، وما يطال التربية من هدم.

وعلى الرغم من أن كثير منا يرى تلك التجمعات الغفيرة من الطلاب في الشوارع وفي أسفل العمارات، فلا ينكرها أحد. فالبعض يحافظ عليها من أجل حلمه بأن يلاحق ابنه بإحدى كليات القمة، والبعض يحافظ عليها لأنه استطاع أن يؤجر الجراچ الذي يمتلكه أو بادروم العمارة لأحد أباطرة الدروس الخصوصية، كما إن البعض يدعمها لأنها تمثل رواجًا تجاريًا للمحلات المجاورة والكافيهات وصالات البلياردو، التي يقضي فيها الطلاب الأوقات البينية بين حصص الدروس أو ربما يغيب البعض منهم عن حصص الدرس ليقضي وقته في تلك المحال الترفيهية.

وبين هذا وذاك تكون مبالاة باقي أولياء الأمور، اللذين لا يعبأون بأشياء ليس لهم بها علاقة على حد تصورهم.

وهنا لابد أن يكون لنا وقفة، فمهما بذلت الحكومات من جهد لدعم العملية التعليمية، دون أن يكون مدعوما بحماس حقيقي من ولي الأمر ومن المعلم، فلن يتسنى له النجاح، والمتابع للجهود المتواصلة للإدارت المتعاقبة لوزارة التربية والتعليم، يجد برهانا على صدق حديثي.

 

التقارير الزائفة لبعض مديري المدارس والإدارات

فإذا أردنا أن نسترجع تلك القيمة المفقودة، كان علينا اولا الاعتراف بالوضع الحقيقي لمدارسنا، دون الاعتماد على التقارير الزائفة لبعض مديري المدارس والإدارات والمديريات التعليمية، ممن أرادوا إظهارها في ثوب ذهبي، ثم السير في خريطة طريق ذات مرحلية، يتم فيها اختيار وقت بدء كل استراتيجية بعناية تامة، تشمل تلك الخارطة:

- تطوير المناهج التعليمية والوسائل الداعمة.

ـ تشكيل مجالس الأمناء والمدرسين من عناصر فاعلة بشكل حقيقي.

ـ البحث مع مجالس الأمناء عن آليه واضحة لوضع مكافئات مجزية للسادة المدرسين مقابل تفوق طلابهم في مقارنات بين الفصول في اختبارات شهرية ذات آلية تضمن نزاهتها.

ـ إيقاف سناتر الدروس وتجريمها، على أن يكون ذلك في وقت مناسب قبل بدء العام الدراسي بوقت كاف. مع الإعلان عن ذلك في وسائل الإعلام مبكرا.

فتح فصول داعمة لطلاب المراحل النهائية داخل المدارس قبل بداية العام الدراسي بشهر على الأقل.

ـ وضع خطة لتفعيل النشاط الطلابي تشارك فيه وزارة الشباب والرياضة، بحيث يتم احتساب درجات للتفوق الرياضي للطلاب المتفوقين.

ـ وضع خطة للنشاط الثقافي والوعي القومي تشارك فيه وزارة الثقافة، بحيث يتم احتساب درجات للتفوق الثقافي.

سيدي القارئ الكريم، تلك هي أطروحتي ولنا جميعا أن نشارك، فلن تنجح الحكومة وحدها، أعود وأكرر - ولي الأمر هو عصب نجاح المشروع التربوي، التعليمي.

حفظ الله مصر.

*كاتب المقال 

 د - هاني أبو العلا 

 استاذ نظم المعلومات الجغرافية 

وخبير التنمية المستدامة بمنظمة اليونسكو