أ.د. محمود السعيد يكتب: الأستاذ في قاعة المحاضرة
للأستاذ في كل مراحل التعليم دور أساسي ومحوري في تكوين شخصية الطالب، فهو المعلم والقدوة لطلابه. وقد حرص الرعيل الأول من الأساتذة المصريين على مراعاة أدب الحوار داخل قاعات الدرس واستخدام لغة خطاب تتناسب مع قدسية المهنة التي يعملون بها. وكان هناك حرص دائم على الاحترام المتبادل بين الأستاذ والطلاب داخل القاعة الدراسية لأنه أمر بالغ الأهمية. فالبيئة التعليمية السليمة يجب أن تكون خالية من أي شكل من أشكال التنمر أو التلفظ بألفاظ غير لائقة، بيئة يشكلها الأستاذ ويلعب دورًا محوريًا في تكوينها من خلال تعامله مع الطلاب.
وقد كان معظم أساتذتنا الذين تعلمنا على أيديهم الأخلاق قبل العلم والمعرفة حريصون على احترام الطالب وحمايته من التنمر اللفظي أو الجسدي، واعتبار ذلك على أنه ليس فقط مسؤولية أخلاقية، بل هو أيضًا أهم شرط لضمان حسن سير العملية التعليمية وتنفيذها بشكل سلس وفعال. فالتعليقات الجارحة أو السخرية أو التنمر على الطلاب إذا خرجت من الأستاذ خلال المحاضرات أو خلال مقابلته لهم في الساعات المكتبية سوف تؤدي إلى خلق بيئة غير مناسبة لتحقيق أهداف العملية التعليمية، وتؤثر سلبًا على الأداء الأكاديمي للطلاب، وتزيد من شعورهم بالإحباط وافتقاد القدوة الصالحة. لذلك، من واجب الأستاذ أن يتحلى بالصبر والقدرة على إدارة الحوار بطريقة تحافظ على كرامة الطالب، وتحافظ على صورة ومكانة الأستاذ نفسه وتخلق جوًا من الحوار الإيجابي بينه وبينهم.
نحتاج في مدارسنا وجامعاتنا بشدة إلى الأستاذ القدوة الذي يسهم بأسلوبه وتعامله مع طلابه في بناء جسور من الثقة والاحترام بين الطالب والمؤسسة التعليمية. نحتاج إلى المعلم الذي يستخدم لغة إيجابية ويتعامل بلباقة مع طلابه حتى في المواقف التي تتطلب النقد، وعندما يفعل ذلك فهو يشجعهم على المشاركة والتفاعل بطريقة إيجابية. في المقابل، فإن التنمر اللفظي على الطلاب أو استخدام ألفاظ غير لائقة في التعامل مع مواقف حرجة يؤدي إلى تدمير هذه الجسور ويعيق تقدم الطالب وتواصله مع المادة العلمية.
تجنب أشكال الأهانة للطلاب
يجب على الأستاذ عندما يدخل قاعة المحاضرة أن يتذكر دائما وأبدا أن هدفه الأساسي هو توجيه الطلاب نحو النجاح العلمي والعملي، وأن يخرجوا إلى المجتمع وهم مسلحون بالعلم والأخلاق الحميدة. ولتحقيق ذلك عليه أن يتعامل بحكمة ورفق ومعهم في كل المواقف، وأن يتجنب استخدام أي شكل من أشكال التنمر أو الإهانة لطلابه، حتى لو كان على سبيل المزاح أو الفكاهة، وأن لا يفقد أعصابه وتماسكه بسهوله في المواقف الحرجة التي يتعرض لها أثناء المحاضرة أو اثناء مقابلتهم في مكتبه. وهذا هو أيسر الطرق لكي يسهم الأستاذ في بناء جيل واعٍ قادر على التواصل بفعالية واحترام مع الآخرين، ويعد الطلاب ليكونوا عناصر فاعلة في المجتمع ومشاركه في تنميته المستدامة بعد تخرجهم.
- كاتب المقال
أ.د. محمود السعيد
نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون الدراسات العليا والبحث العلمى