شجون جامعية
الكبار يلزموا بيوتهم ..مسلسلات رمضان تصفية حسابات
الكبار يلزموا بيوتهم مسلسلات رمضان تصفية حسابات..لست متابعًا جيدًا للمسلسلاتِ وقتَ بثِها لكنني أنتظرُ ردودَ الأفعالِ عليها في الصفحاتِ الفنيةِ أو على مواقعِ التواصلِ كي أتخذُ قرارًا بالمشاهدةِ. الأعمالُ الفنيةُ مرآةٌ لحالِ المجتمعِ ومستوى ثقافتِه. مسلسلات رمضان حصَدَ كلٌ منها نصيبَه من المدحِ والذمِ أيًا كان أبطالُه، كبارًا وصغارًا. النقدُ البناءُ الواعي ظاهرةٌ طيبةٌ ومفيدةُ لأصحابِ أي عملٍ على النقيضِ من النقدِ الهدامِ الذي يثيرُ إحباطًا وأسىً خاصةً إذا كانَ عن غيرِ وعيٍ ومن بابِ التنَمُرِ.
تدويرَ حدوتةِ المظلوميةِ والعنفِ والاِنتقام
غالبيةُ مسلسلات رمضان أعادَت تدويرَ حدوتةِ المظلوميةِ والعنفِ والاِنتقام، ولم يظهرْ أبطالُها بالأداءِ المُتمَيِّز اللافتِ. لكن اِنتقادَ الأبطالِ كبارِ السنِ ومطالبَتِهم باِلتزامِ بيوتِهم بحجةِ أن مسلسلاتِهم اِعتُبِرَت أقلَ من المأمولِ أكَدَ شعورًا بالأسفِ والجُحودِ. أهي مطالبةٌ على أساسٍ فني أم هي تصفيةُ حساباتٍ لمواقفٍ وتصريحاتٍ؟ وهل اِعتبارُ الكبيرِ مُتربٍ من الأخلاقِ إن لم يكنْ نقدًا؟ وهل تَميَزَ فعلًا أبطالُ المسلسلاتِ الأصغرُ سنًا أو الوجوهُ الجديدةُ؟
ظاهرةُ التنَمُرِ على الأكبرِ وتصويرُهم قليلي الفهمِ تؤكِدُ خللًا اِجتماعيًا واضحًا، ولا أنسى لما كُنت في تجمعٍ بأحدِ الأنديةِ لمشاهدةِ مباراةٍ في كرةِ القدمِ فإذا بأحدِ الحاضرين المحسوبين على الشبابِ يصيحُ من بابِ خفةِ الدمِ والذكاءِ الألمعي "الكبار يقوموا على بيوتهم، كفاية عليهم كدا"، وكانَ ماشاءَ الله منتشيًا.
ما أكثرُ حائزي نوبل من الكبارِ سنًا
التنافُرُ المُجتمعي بين الغني والفقير، ومشجعي الأنديةِ، وزملاءِ المهنةِ، وغيرِهم وغيرِهم، أفةٌ اِستفحَلَت يدفعُ تبعاتِها الأكبرُ سنًا. إذا نظرنا إلى السياسةِ العالميةِ فإن غالبيةَ قادةِ الدولِ في أمريكا وأوروبا من كبارِ السنِ وينجحون في الاِنتخاباتِ مُتفوقين على الأصغرِ دون أن يُتَهَموا بالتخلفِ أو بالأفكارِ المُترِبةِ، وما أكثرُ حائزي نوبل من الكبارِ سنًا. ولما كانت المسلسلاتُ نقطةَ بدايةِ المقالِ، فكم من أعمالٍ فنيةٍ مُتمَيِّزةٍ في هوليوود يقودُها الكبارُ قصةً وأداءً وإخراجًا، وهل لو لم تُحققْ نجاحًا سيُطلبُ من أبطالِها اِلتزامُ بيوتِهم؟؟
اِحترامُ الأكبرِ يبدأُ من أسرةٍ سويةٍ، ومن تعليمٍ حقيقي يحُضُ على الأخلاقِ، ومن جامعاتٍ لا تشجِعُ وتحُثُ الطلابَ على التجاوزِ في حقِ أعضاءِ هيئةِ التدريسِ.
المجتمعاتُ السويةُ فيها مُتَسعٌ للجميعِ كبارًا وصغارًا، وقتَها سيكونُ اِلتزام البيوتِ اِختيارًا لا تنَمُرًا وإجبارًا.
اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ،،
* كاتب المقال
ا. د/ حسام محمود أحمد فهمي
أستاذ هندسة الحاسبات بهندسة عين شمس