الجامعات والدولة و التنمية الحقيقية
الجمعة 14/أغسطس/2015 - 05:11 ص
كل يوم تتنادى الاصوات و تتعالى الهتافات من اجل الاهتمام بالتعليم العالي و التدقيق في مشروعات التوسع و الاتاحة الخاصة به، و الكف عن الزيادة المفرطة في انشاء الكليات النمطية بالجامعات والتي لا تقدم جديدا للتنمية بل تسببت في وصول سوق العمل الى ما بعد التشبع و اصبح يعانى من تخمة مزمنة من خريجي هذه الكليات بنسبة قاربت 24% من إجمالي العاطلين في مصر.
فاذا كان الامر كذلك من ناحية الجامعات الحكومية ، اذا، الم يكن من الاولى ان نعيد سياستنا في التعامل مع الجامعات الخاصة، على ان تكون يد حقيقية مشاركة بفاعلية في البناء الوطني و التنمية القومية، و ليس فقط حقلا للاستثمار الخاص و مصدرا لزيادة البطالة بين الخريجين؟. الم يكن هناك ضرورة من ان تقدم الجامعات الخاصة برامج جديدة لا تقدمها الجامعات الحكومية و بذلك لا تساهم هى الاخرى في زيادة الطينة بله؟ هل هناك من اشكالية في قصر القبول بكليات القطاع الطبي على الجامعات الحكومية فقط و التي بالفعل هي اكثر استقرارا و تهيئة من حيث البيئة التعليمية و التجهيزية الطبية؟
ألم يكن هناك اعتراض من النقابات المهنية (نقابة الاطباء، الصيادلة، و المهندسين والاسنان و غيرها) على تدنى مستوى الخريج لهذه الجامعات و اعلنوا ذلك بكل وضوح في وسائل الاعلام المختلفة؟ الم يكن من الاجدر تنمويا ان توظف الجامعات الخاصة طبقا لقانون انشاءها (القانون 101 لعام 1992) في تقديم برامج جديدة يحتاجها سوق العمل في المجالات الصناعية والتنموية الحديثة، مثل: تكنولوجيا الإلكترونيات والاتصالات والحاسبات وصناعة الماكينات الآلية والربوتيكس وصناعة الأجهزة الطبية وأجهزة الاستشعار، والتكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية، وطرق الإنشاءات والبنية التحتية المتقدمة التي تعتمد علي المواصفات القياسية والوحدات سابقة التجهيز، وأيضا مجالات هندسة وإنتاج الطاقة والمياه والطيران والسيارات، والنانوتكنولجي، وغيرها.
و قبل ان نقدم هذا الاقتراح بشأن التوظيف الامثل للجامعات الخاصة، يجب ان نعلم ان هناك ضرورة حتمية للالتزام التوافقي من قبل المؤسسات الاستثمارية في المجالات المختلفة من أجل تطوير هيكلية وبنى الاقتصاد الوطني وفتح آفاق جديدة للتوظيف غير البالية القديمة. فى الحقيقة، إن الجمود والنمطية في مؤسسات سوق العمل وعدم تحديثها أدى بالفعل إلى ما نحن عليه من تفاقم حدة البطالة بخاصة في تخصصات العلوم الإنسانية والاجتماعية وبعض التخصصات الأخرى في القطاعات الطبية والهندسية، لذلك فإن المشكلة تكمن ليس فقط في نمطية الجامعات وخريجيها، وإنما أيضا في عدم تنوع البنى والهيكلية للاقتصاد الوطني وصغر حجمة بالمقارنة بالاقتصادات العالمية الكبرى. لذلك ، علينا التحرك السريع وبرؤية واضحة المعالم لإيجاد حلول جدية تساهم فيها كل مؤسسات الدولة لدفع عجلة الاقتصاد الوطني و الوصول به الى مصاف التنافسية العالمية