الأربعاء 25 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم

ليس بالإرهاب تتقدم الجامعات

السبت 01/أغسطس/2015 - 03:43 ص

في الوقت الذي يستعد فيه الجميع لعيد الفطر المبارك خرج علينا أحد أعضاء المجلس التخصصي الرئاسي للتعليم يوم الوقفة وكأنه يعيد علي طلاب وأساتذة مصر بتصريحات تقتل كل أمل في الحياة حيث بشر الجميع بإلغاء مجانية التعليم في الجامعات، وبشر أساتذة الجامعات بأنهم ومن اليوم سيتم تحويلهم لنظام العقود ومن لا يقدم فروض الولاء والطاعة سيتم إنهاء تعاقده فوراً ليكون عبرة للباقين.

طبعا لم تكن هذه التصريحات لتمر مرور الكرام ورغم أنها جاءت في أجازة العيد حيث ينشغل الجميع بالتهنئة بالعيد والمصايف إلا أن فجاجة التصريحات وما بها من إرهاب للجميع وقضاء علي مستقبل الطلاب من الطبقة المتوسطة والفقيرة وحرمانهم من الحق في التعليم، وإرهاب الأساتذة وحرمانهم من الحق في الأمان الوظيفي ومن أدنى الحقوق التي تتمتع بها فئات أخري أٌقل منهم علماً وعملاً أدت الي رد فعل عنيف من جانب النقابة المستقلة لأعضاء هيئة التدريس وغضبة قوية من أساتذة الجامعات فوقع أكثر من 1800 أستاذ جامعي علي بيان يرفض بشكل قاطع هذه المهزلة ويطالب الرئيس مباشرة بحل المجلس التخصصي للتعليم وعزل كل وزراء مجموعة التعليم والتي تشمل التعليم والتعليم العالي والتعليم الفني والبحث العلمي بعد أن ثبت فشلهم الذريع الفترة الماضية وعدم نجاحهم في إحراز أي تقدم أو نتيجة حقيقية ملموسة علي الأرض بعيداً عن التصريحات المتكررة التي مل منها الجميع. وأصبحت لدى الشعب كله قناعة أنها تصريحات لا تزيد قيمتها علي قيمة ورق الصحف التي طبع فيها.

وكنتيجة مباشرة لهذه الغضبة القوية واصطفاف أعضاء هيئة التدريس ووقوفهم يداً واحدة دفاعاً عن حق الطالب في التعليم المجاني الذي كفلته كل الدساتير المصرية حتى أصبح مبدأ فوق دستوري، وعن حقهم في الأمان الوظيفي كان رد الفعل المتوقع بادعاء عدم صحة التصريحات التي أدلي بها عضو المجلس الرئاسي للتعليم وأنها تعبر عن رأيه الشخصي فقط وكأن الزميل الذي صرح هذه التصريحات ليس مسئولاً رسمياً بحكم عضويته في مجلس رئاسي يتبع رئيس الجمهورية مباشرة أو شخص يدرك معني تصريحاته كاملة ويقصدها. رغم أن هذه التصريحات لا تختلف كثيراً عن تصريحات رئيس المجلس الرئاسي الدكتور طارق شوقي أستاذ الجامعة الأمريكية الذي جعل كل همه تطبيق النظام الأمريكي دون نظر الي نظم أخري أكثر تناسباً مع الواقع المصري ودون محاولة وضع نظام ينبع من المجتمع المصري ومشكلاته ويسعى لحلها، ولا أكاد أبالغ إن قلت أن الدكتور طارق هو المحرك الرئيسي لكل ما يدور عن رغبة في إنهاء المجانية أو تحويل أعضاء هيئة التدريس الي نظام التعاقد وتصريحاته السابقة علي مدار شهور تؤكد ذلك. وهو ما يدور في النهاية في إطار تطبيق اتفاقية الجاتس لنقل وتبادل الخدمات والتي طالبنا

كثيراً بانسحاب مصر منها مثل كثير من الدول.

والآن يبدأ طرح الخطة البديلة وهي بعد أن تم إرهاب أعضاء هيئة التدريس بتحويلهم الي نظام التعاقد وإرهاب أولياء الأمور والطلاب بإلغاء المجانية يتم التراجع عن ذلك وفي المقابل يتم فرض نصوص جديدة في القانون لا تحمل إلا كل تضييق علي أعضاء هيئة التدريس وعدم منحهم أي حق من حقوقهم المسلوبة طيلة عصور ألا يكفيهم أن السادة الجالسين في مكاتبهم تحت الشعار الأمريكي قد تراجعوا عن تحويلهم لنظام العقود وتشريدهم هم وأولادهم ؟

لا يا سادة خططكم البديلة كلها لن تفيد ولا داعي لرفع شعارات الوطنية والمزايدة علينا فلستم أكثر وطنية منا، ومن لم يعملوا بالجامعات الحكومية ويحتكوا بطلابها ويعيشوا مشكلات أبنائنا في الصعيد وأرياف الوجه البحري ولم يشاهدوا أستاذا جامعيا يعاني من بداية حياته وهو معيد في حالة عدم استقرار من الاستمرار أو التحويل لعمل إداري فإن انهي الدكتوراة توقفت ترقياته علي الأبحاث التي تأكل معظم دخله وتتوقف ترقيته في النهاية علي مدى رضاء السادة في لجان الترقيات عنه فإن توجه لطلابه فإنه يعمل في مدرج أو في معمل بدون أدنى إمكانيات وإن احتاج للعلاج لم يجده فإن رحمه الله وأراحه من هذه المعاناة تسول أولاده من بعده لأن معاشه لا يكفي للحد الأدني من تكاليف الحياة ولا يكفي إيجار شقة في منطقة شعبية، السادة ممن لم يعيشوا كل ذلك ليس من حقهم إطلاقاً الحديث عن تطوير ما لا يعلمونه من الأساس. ورفع شعارات التنمية والأمن القومي وتوجيهات الرئيس لن تكون مبرراً لكم أو درعاً تختبئون خلفه لتنفيذ ما تريدون وحرماننا من أبسط حقوقنا كأساتذة جامعات، وعلي الدائرة المحيطة بالرئيس أن تضع له الصورة كاملة وأن هذا المسلك المتبع من بعض من ينتسبون إليه لا يفيد البلاد بل يورطها في أمور قد تصل إلي درجة لا يحمد عقباها ولا نريدها أن تحدث،ويسيئون للرئيس أيما إساءة.

كما أنه علي الجانب الآخر فإن انفراد لجنة مكونة من ثلاث رؤساء جامعات بوضع مسودة أخرى للقانون وخروج رئيسها ليؤكد أنه عند انتهائهم من عملهم ستعرض المسودة علي الوزير والمجلس الأعلي للجامعات ورئيس الوزراء ثم رئيس الجمهورية لاعتمادها هي تصريحات توضح لنا آلية تعامل السادة المسئولين مع الجامعات، فالسادة المسئولين عن جامعات فاشلة لم تدخل أي منها في التصنيف العالمي لأفضل 500 جامعة علي العالم اعتقدوا أنهم مبعوثي العناية الإلهية ومالكي الحقيقة والحكمة المطلقة وبناء عليه يضعون هم القانون الذي لن يطبق عليهم فكلهم سيخرج علي المعاش خلال شهور ليلتحق بجامعة أجنبية مستشاراً لها كما جرت العادة. وهو ما جعلهم يتجاهلون أكثر من 120 ألف عضو هيئة تدريس بالجامعات ومراكز البحوث وجامعة الأزهر وينصبون أنفسهم فقط سدنة للتعليم والقانون في مصر.

ختاماً إن وضع أي قانون جديد للجامعات دون الرجوع الي مؤتمرات الأقسام والحصول علي تعديلاتها علي مسودته كتابة ثم تشكيل لجنة جديدة تضم ممثلين لكل الجامعات الحكومية وممثلين عن النقابة المستقلة لأعضاء هيئة التدريس والمهتمين بالتعليم الجامعي وممثلين لمراكز البحوث وجامعة الأزهر والجامعات الخاصة كل فيما يخصه علي ان تقوم هذه اللجنة بوضع مسودة القانون النهائية بناء علي المسودة الحالية وتعديلات مؤتمرات الأقسام عليها وهو ما تم الاتفاق عليه مع وزير التعليم العالي الحالي في مارس الماضي هو أمر سيضع الأمور في نصابها وينتج قانوناً جديرا بأن يحكم التعليم الجامعي في مصر طيلة عقود قادمة وبغير ذلك لن يصدر القانون وإن صدر فستكون هناك تصعيد يتحمل نتيجته كل من ذكرناهم.