نصف الكاس الفارغه
الإثنين 27/يوليو/2020 - 08:33 ص
يُقال: “لا تنظر للنصف الفارغ من الكأس؛ بل يجب أن تنظر للنصف الملآن.” مقولة تُستخدَم لإشعار الناس برضى – غالباً وهمي – عن واقعهم، حيث لا يشبه هذا القول سوى تعزية الأغنياء للفقراء بأنّ الفقر ليس مشكلةً والسعادة لا تكمن بالمال. ومع صحة أنّ السعادة ليست بالمال، إلاّ أن رؤية فقط النصف الملآن من الكأس ليستْ دائماً حِكمةً وليس بالضَّرورة أن تكونَ تفاؤلاً كما يُقال؛ بل إنّ النظرَ للنصف الفارغ في كثير من الأحيان هو تحديد ورؤية لمشكلة ما وعدم إنكارها أو تجاهلها وخطوة أولى للحل.
إنّ أصحاب المنافع ومَن سيطروا على العقل البشري لم يعملوا فقط على فرض قوالب فكرية ومجتمعية ونُظُم جاهزة؛ بل أيضاً عملوا على توجيه العقل نحو الاستكانة للواقع وقتل فكرة أي نهوض له بعدم تحفيز أي تحرُّك نحو التطوير، حيث تمَّ تعميم الكثير من هذه الأفكار التي عَوَّدتْ الشعوبَ على الاستكانة وأطلقوا على هذا “تفاؤلاً وقناعةً” وقالوا انظروا فقط للنصف الملآن من الكأس في محاولة دائمة لصَرف نظر الفرد أو الشعوب عن المشكلات وإمكانية البحث فيها. لا، تلك ليست إيجابيةً؛ بل استكانةً وانهزاميةً عن التحرُّك في سبيل إصلاح وتغيير ما يمكن إصلاحه.
التفاؤل الذي ﻻ يُبنى على معطيات موضوعية وأُسس منطقية هو ضرب من الوهم الذي وإنْ بدا مُنعشاً في بادئ اﻷمر فإنه هدّام ﻻ محالة. قد يكون تفاؤلاً ساذجاً وقد تكون لا مبالاة وقد تكون استكانة، كل هذه الحالات تصبّ في ذات الخانة وهو ما يُفسّر جزءاً من أسباب فشل المجتمعات العربية والشرق أوسطية أفراداً وجماعات في تقديم قراءة نقدية موضوعية لمشاكلها ولتراثها فضلاً عن عجزها عن تشخيص قضاياها ٠٠٠٠ وللحديث بقيه غدا باذن الله نواصل مع البقيه الباقيه
بقلم
المستشار / احمد جاد الباهوق - المحامي بالنقض