التوانسة بصدد تطبيق نموذج للتسوية الديمقراطية يحتذى به في الشرق الأوسط
السبت 11/يناير/2014 - 10:21 م
ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن الساسة في تونس,
ومع ذكرى مرور ثلاثة أعوام على ثورة "الياسمين", يسعون لتجربة نموذج جديد في التسوية
الديمقراطية يحتذى به في منطقة الشرق الأوسط, بعيدا عن المواجهات الدامية أو
الإقصاء.
ووصفت الصحيفة -في مقال افتتاحي أوردته على موقعها الإلكتروني السبت- استقالة رئيس
الوزراء التونسي علي العريض بأنها فرصة ثمينة استطاعت تونس من خلالها تحقيق تسوية
ديمقراطية, مشيرة إلى أن هذه الاستقالة تأتي لإفساح الطريق أمام حكومة تكنوقراط
في إطار اتفاق مع المعارضة لإنهاء عملية الانتقال إلى الديمقراطية.
وقالت واشنطن بوست " بذلك تكون تونس الدولة الوحيدة من دول الربيع العربي التي استطاعت,
وبعد ثلاثة أعوام من محاولة الوصول للديمقراطية الليبرالية في المنطقة, النجاح
في ذلك الأمر, على الرغم مما تعانيه البلاد من خلل سياسي واقتصادي وبعض الأعمال
الإرهابية والاستقطابات السياسية منذ الإطاحة بنظامها السابق على غرار ما تعانيه
كل من مصر وليبيا".
وقارنت الصحيفة تجربة حزب "النهضة الإسلامي" في تونس بتجربة حزب "الحرية والعدالة"
الذراع السياسية لجماعة الإخوان في مصر, إذ سرعان ما فقدا شعبيتهما بسبب سوء الإدارة,
بالإضافة إلى فشلهما في السيطرة على المتطرفين.
ولكن بدلا من الدخول في معركة دامية مع الجيش والقوى العلمانية, أشارت الصحيفة إلى
إيثار الساسة التوانسة الوصول لاتفاق فيما بينهم لحل هذه الأزمة.
ورأت أن كلا الطرفين في تونس خرجا من هذه الأزمة فائزين, فمن جانبه تفادى حزب النهضة
مغبة الطرد من العملية السياسية من خلال مظاهرات شعبية كما حدث في مصر, كما استطاعت
أحزاب المعارضة العلمانية السير على خطى ميثاق الليبرالية الجديد التي تكرس
لحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين وإجراء انتخابات ديمقراطية وحرية التعبير والتظاهر.
وقالت الواشنطن بوست إن نقيض ما حدث في تونس حدث في مصر; مشيرة إلى مساعي العديد من
القوى الدولية للتوصل إلى مثل هذا الاتفاق قبل وبعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي
لكنها فشلت, بينما جاء نجاح تونس في جزء كبير منه بسبب مؤسس حزب النهضة, راشد الغنوشي,
الذي حث حزبه لتخصيص معظم جدول أعماله الأيديولوجية لصالح التسوية الديمقراطية,
فضلا عن الدور الذي لعبته النقابات العمالية القوية في تونس أيضا.
ونوهت الصحيفة الأمريكية عن أنه بالرغم من أن تونس لا تزال بعيدة عن الاستقرار, في
ظل استمرار الاضرابات والمظاهرات احتجاجا على سياسة الحكومة الاقتصادية, إضافة إلى
خطر الجماعات المتطرفة, إلا أن تونس تبدو أكثر اقترابا لتحقيق الاستقرار السياسي
والعودة إلى النمو الاقتصادي.
وأكدت - في ختام افتتاحيتها- أنه في حال تم التصديق على الدستور التونسي وإجراء انتخابات
حرة نزيهة بنجاح, فإن ذلك سيثبت أن حلم الديمقراطية الليبرالية ليس سرابا
بالعالم العربي, بل على العكس, فإن تونس ستكون بذلك وضعت نموذجا جديدا للديمقراطية
يجب أن يحتذى في المنطقة.