الجمعة 08 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

الطريق الى الجامعة الريادية

السبت 05/مايو/2018 - 06:12 م

مما لاشك فيه  أن جل جامعاتنا ينشد التنافسية، وكلها تسعى إلى الريادة العالمية، وأكثرها يزعم بأنها تجسد بناء الاقتصاد المعرفي. هذا التقديم المتفاوت يدفعني لطرح المتطلبات الأساسية لبناء جامعة ريادية    Entrepreneurial University   هذا المفهوم الجديد الذي بدأ يتشكل علمياً في بداية الألفية الجديدة وانتشر في أوروبا وآسيا بعد أن انطلق من أمريكا قبل ذلك بعقد من الزمن، ويدعو هذا المفهوم إلى أن أحد أهم الأدوار الرئيسة للجامعة المساهمة في التنمية الاقتصادية من خلال إطلاق المشاريع الابتكارية المنتجة. ان مفهوم الجامعة الريادية يجعل من الجامعة مركزا مهنيا لطلابها يؤهلهم بالأدوات و المهارات و الخبرات التي تلعب دورا هاما ليس فقط في فرص حصولهم على الوظائف الملاءمة بعد التخرج  في ضوء متطلبات و احتياجات اسواق العمل العصرية و التي تعتمد في الاساس على الجدارات، بل تأهيلهم  لخلق هذه الفرص بأنفسهم في الاسواق المحلية و الدولية.

 

و لكى نصل الى تحقيق هذا المفهوم فهناك جملة من المتطلبات و على الجامعة التقليدية ان تقوم على استيفاءها،  ويمكن أن أجمل هذه المتطلبات بخمسة محاور رئيسبة هي

 أولاً: تحويل دور الجامعة من التركيز على التوظيف إلى التركيز على مبدأ خلق فرص العمل. وهناك فارق كبير بينهما، فالجامعات التقليدية تسعى إلى البحث عن توافق مخرجاتها مع متطلبات التوظيف في سوق العمل، في حين أن الجامعة الريادية تبني وتصمم مناهجها وتخصصاتها لتخريج طلاب قادرين على خلق فرص العمل في السوق. وهذا الدور الجديد يعني أن تتمحور مناهج وطرق التدريس حول استثمار الأبحاث والأفكار والمخترعات لتمكن الجامعة من أن تسهم في التنافسية العالمية للدولة. وتُعد خريجها إلى حياة عملية أكثر تعقيداً وأقل استقراراً تتوافق مع طبيعة الوظيفة المؤقتة، وبهذا المعنى تتحول الشهادة الجامعية من كونها وثيقة التوظيف المستديم إلى كونها مجرد بطاقة دخول إلى عالم العمل.

 ثانيا: الشراكة الحقيقية مع أصحاب المصلحة من القطاعات العامة والخاصة والتي يأتي على رأسها الخريجون الذين يعتبرون أصولاً استثمارية ضخمة حين تحسن الجامعة التواصل معهم بمفهوم التمحور حول العميل.

 ثالثاً: نقل التقنية والمعرفة ويتم ذلك من خلال إقامة الواحات العلمية، ومراكز الابتكار وبرامج الملكية الفكرية والحاضنات الافتراضية والحقيقة متنوعة الأغراض والأحجام. تلك الحاضنات التي يمتد دورها من تشجيع الأعمال الحرة الصغيرة داخل الجامعة مروراً بتقديم الخدمات الاستشارية والتجهيزات المكتبية وحتى استضافة المشاريع ورعايتها حتى تتخرج من الجامعة.

رابعاً: التعليم القائم على الإبداع والابتكار، فريادة الأعمال تتطلب تعليماً قائماً على توليد الأفكار والتأمل والابتكار، وإطلاق العنان للإبداع المتحرر من النمطية، والتفكير المؤطر، والتدرج المنطقي الرتيب. كما أن التعليم الابتكاري القائم على الإبداع والابتكار يتطلب تبني النظام التعليمي متعدد التخصص الذي يتيح للطالب فرصة تعدد التأهيل والاختيار من بين التخصصات المتنوعة مما ينمي سعة الأفق، ورحابة التفكير، وربط الأفكار، ويوجد مناخاً تعليماً متعدد الأبعاد التخصصية يسهم في الوصول إلى فكرة يمكن تحويلها إلى مشروع منتج.

 

خامساً: القيادة القادرة على توفير الإمكانات المادية والمعنوية لرواد الأعمال فوجود الإدارة الواعية بأهمية التوجه نحو ريادة الأعمال والمقتنعة بآليات بناء جيل المعرفة والتحول نحو الاقتصاد المعرفي هو أحد أهم عناصر بناء الجامعة الريادية. ومن ذلك استحداث البرامج الداعمة لبناء رواد الأعمال في التعليم الجامعي مثل مراكز التميز لريادة الأعمال، والأندية والشركات الطلابية، ومنافسات خطة العمل، وزمالة الأعمال ومسابقات مشاريع ريادة الأعمال.

وختاما: فإن ما يبعث على الأمل ويزيد من التفاؤل أن مفهوم الجامعة الريادية لا يزال في عقوده الأولى في أمريكا وأوروبا، لذلك فانه يمكن للجامعات الجادة في وطننا الغالي أن تلحق بالركب وتختصر الزمن وتضع لنفسها موقعا تنافسيا بالتميز عن طريق ريادة الأعمال..

·         كاتب المقال

اد/ احمد الخطيب- جامعة سوهاج