كرامةُ الوزراءِ
أقرَ مجلسُ الشعب زيادةَ مرتباتِ الوزراء حتى تصلَ إلى الحد الأقصى للأجور وهو ٤٢ ألف جنيهًا وبحيث يتجاوزُ معاشُ الوزير ٣٠ ألف جنيهًا. لماذا؟ لأن الوزير بقبوله الوزارة يخسرُ عمله الذي يُدِر عليه دخلًا كبيرًا، ولأنه بعد خروجِه من الوزارة لن يجدَ عملًا يحفظُ كرامتَه، وأن هذه الزيادة لن تكلفَ ميزانيةَ الدولة عبئًا.
أثارَت هذه الزيادةُ غضبًا عامًا سواء بين أوساط من يعملون في الدولة أو من أحيلَ الى التقاعدِ منهم. فالمرتباتُِ
شديدةُ التواضعِ، أعضاءُ هيئاتِ التدريس بالجامعات
مثلًا يتقاضون ما لا يُقيمُ لهم حياةً عاديةً، ومن يُحالُ للتقاعدِ منهم يتقاضى مبلغًا
ثابتًا لا يتغير مع الزمن!! أين كرامتُهم هنا؟!
ثم أن هناك من الوزراءِ من كانوا يشغلون
منصبًا حكوميا وبالتالي لم يخسروا من دخولهم الوزارة بل على العكس فقد استفادوا راتبًا
ولجانًا، علمًا بأن الوزير عندنا لا يغادرُ
الوزارةَ عندما يترك منصبَه ولكنه يظلُ في لجانِها إلى ما شاء الله.
زيادةُ راتبِ الوزراءِ إلى هذا الحدِ يجعلُ
شغلَ الوزارةِ مطمعًا لكل من يجيدُ إنتهازِ الفرصِ ويُفبركُ الأنشطةَ والأرقامَ ويدعي التطويرَ والرؤيةَ، ويجعلُ الوزيرَ خائفًا دائمًا من مغادرةِ الوزارةِ
فيتمحورَ همُه الأساسي في نعم ونعمين. ثم
ماذا عن الوزراءِ الذين أخفقوا في مناصبِهم؟ خسرَت الدولة بسبب سوءِ أدائهم بينما كسِبوا
مرتبًا ومعاشًا ما كانوا ليحلمون بهما.
قرارُ زيادة مرتبات الوزراء يعني أن في
مصر كراماتٍ متعددةٍ، كرامةُ العامةُ في المرتبةِ الدنيا، وكرامةُ الوزراءِ فوق فوق،
وهناك طبعًا كراماتٌ أخرى!!
أقول إيه بس!! ...
* كاتب المقال
ا. د/ حسام محمود أحمد فهمي - أستاذ هندسة
الحاسبات بجامعة عين شمس
Prof. Hossam M.A. Fahmy