الجامعات الأجنبية أم الجامعات الحكومية، جامعة كفر الشيخ نموذجًا
تطالعنا الصحف على مدار الشهور الماضية باهتمام كبير بمنح تصاريح لإنشاء جامعات أجنبية في مصر وتخصيص الأراضي لها بل والبدء في إنشاء بعضها في العاصمة الجديدة. مما دفعنا للتساؤل حول الجدوى التعليمية والاقتصادية والوطنية من إنشاء هذه الجامعات وهل الأفضل التوسع فيها أم الاهتمام بالجامعات الحكومية المصرية ؟
وتزيد أهمية التساؤل مع حصول 6 جامعات حتى
الأن على موافقات نهائية وهى الكندية والأمريكية والمجرية والسويسرية والنمساوية والبريطانية
وبدء انشائها بالفعل فى حين تقدمت 4 جامعات أخرى ولم تحصل على الموافقات حتى الآن.
مما يطرح مجموعة من التساؤلات:
ومن الناحية التعليمية تثور عدة تساؤلات
لعل أهمها: التساؤل عن الفائدة المرجوة من هذه الجامعات خاصة أنه تدرس نفس التخصصات
الموجودة بالجامعات الحكومية المصرية فالجامعة الكندية وهي التي توافرت عنها معلومات
كافية تدرس تخصصات الهندسة والإدارة والآداب والعلوم الاجتماعية وكلها تخصصات موجودة
بالفعل في الجامعات المصرية. ويثور التساؤل هل الجامعات التي حصلت علي تراخيص هذا العام
يتوافر فيها الشرط الذي وضعه الرئيس وهو أن تعقد اتفاقيات توأمة مع جامعات من الخمسين
الأولى على العالم ؟؟ تساؤل يحتاج لإجابة واضحة وبالأرقام والمستندات.
فإن قلنا أن الفائدة ستكون في وجود أعضاء
هيئة تدريس أجانب متميزين يفيدون الطلاب. فهنا يكون الرد واضحًا هل سيتم استقدام الأساتذة
المميزين خاصة إذا وضعنا في الاعتبار أن راتب الأستاذ الجامعي المبتدئ في كندا يزيد
عن 7 آلاف دولار بما يزيد عن 130الف جنيه شهريًا، وبالتالي لن يأتي للتدريس إلا المبتدئين.
أم ستكون التجربة تكرار للجامعات الخاصة في مصر التي تعتمد بشكل كامل على أساتذة الجامعات
الحكومية وبالتالي يتم تفريغ الجامعات الحكومية من أساتذتها لصالح الجامعات الأجنبية
بعد أن تم تفريغها سابقًا لحساب الجامعات الخاصة ؟
من ناحية أخرى بعد أن يدرس الطالب المصري
في مدارس أجنبية ثم يلتحق بالدراسة بالجامعات الأجنبية في مصر ترى هل سيكون لديه ولاء
حقيقي لوطنه أم أنه سيكون أكثر تأثرًا بالنظم التعليمية التي تربي عليها منذ التحق
بالتعليم وحتى تخرج منه ؟ وهل سيقوم هؤلاء الخريجين بالعمل في مصر بمرتباتها المتواضعة
أم سيهاجرون لنفقد من يفترض أنهم تعلموا تعليم مميز ونزيد الطيور المهاجرة بدلاً من
البحث عن آلية تضمن عودة الباحثين المبتعثين الذين لا يعود نصفهم وفقًا لتصريحات وزير
التعليم العالي ؟
كما تثور تساؤلات أخرى حول العائد الاقتصادي
من هذه الجامعات والتي ستكون فروعًا لجامعات أجنبية هل ستحول أرباحها للخارج؟ ولا يقولن
أحد أنها خدمية تريد تقديم التعليم فقط فرأس المال لن يدفع جنيهًا واحدًا إلا إذا ضمن
استرداده مضاعفا. فهل ستذهب هذه الأرباح للخارج ؟ ومن يضمن استمرارها في مصر أو استثمارها
فيها ؟ ولنا في الجامعات الخاصة في مصر والتي يفترض أنها لا تستهدف تحقيق الربح نموذجًا.
على الجانب الآخر أليس الأهم الاهتمام بالجامعات
الحكومية وتوفير الإمكانيات المطلوبة لها حتى تتقدم بالفعل خاصة في ظل وجود جامعات
حققت بالفعل تقدمًا كبيرًا في ظل الإمكانيات شبه المنعدمة المتوافرة مثل جامعة كفر
الشيخ التي تحولت في أقل من 5 سنوات من جامعة إقليمية بسيطة إلى صرح تعليمي بمعنى الكلمة
بعد أن تم إنشاء العديد من الكليات المفيدة للمجتمع والتي راعت البيئة المحيطة بها
فتم إنشاء كلية للطب ومستشفي جامعي على أعلى مستوى لا نعرف السر وراء عدم افتتاحه رسميًا
حتى الآن رغم أنه يعمل بالفعل منذ أكثر من عام. وكلية للثروة السمكية وفرت اليد العاملة
المدربة المتعلمة على أعلى مستوى باعتبارها محافظة ساحلية وساهم هؤلاء بقوة في مشروع
بركة غليون الذي سيوفر جانب كبير من احتياجات الدولة من الأسماك ومنتجاتها. بجانب كلية
أخرى للصيدلة والصناعات الدوائية ومركز للنانو تكنولوجي يعد الأرقى في مصر رغم قلة
الإمكانيات والمنافسة القوية من جامعات أخرى ذات ميزانية تزيد عن ميزانية جامعة كفر
الشيخ أضعاف مضاعفة.
أليس من الأفضل توفير الموارد لاستكمال
البنية التحتية والإمكانيات المادية وتعديل اللوائح الاكاديمية الجامعة والاهتمام بجذب
الطلاب العرب للدراسة بمصر بدلا من الدراسة بأوربا وأمريكا
أليس من الأفضل الاهتمام بمثل هذه الجامعة وتوفير الإمكانيات المادية الحقيقية التي لو توافرت لها لحققت للوطن فوائد أكثر كثيرًا من الاهتمام بإنشاء جامعات جديدة سيكون همها الأول تحقيق الأرباح لأصحابها ؟