المعلمون.. والهروب الكبير
الثلاثاء 10/أكتوبر/2017 - 08:19 م
إن من أهم عوامل نجاح وكفاءة المدرسة يعود الى وجود قيادة قوية بها، والى كفاءة العنصر القيادى بها.. وبالتالى فان نجاح النظام التعليمى فى تحقيق غاياته واهدافه او اخفاقه فى تحقيقها يتوقف بالدرجة الاولى على مدى كفاءة الادارة المدرسية.. فمدير المدرسة يقع فى قمة الهرم المؤسسى للمدرسة كوحدة تربوية وعليه فانه يتحمل العبء الاكبر فى قيادة عناصر الموسسة وتوجيهها فى عمليات التخطيط والتنفيذ والتقويم..
وللاسف يفتقد مديرو المدارس غياب أهم مقوم من مقومات نجاح الادارة وهو المشاركة في رسم الخطط التربوية والتعليمية، لما للإدارة المدرسية من أهمية بالغة في الإشراف المباشر على تنفيذ السياسة التعليمية على أرض الواقع.. فلا تتاح لهم الفرصة للمشاركة في الأعمال واللجان المتخصصة في جهاز الوزارة أو بإدارات التعليم حتى يكون لهم دور في التخطيط والدراسة للقرارات الإدارية والتربوية التي يتم اتخاذها في قطاع التعليم.. وعلى ذلك فلا توجد حقيقة وعلى أرض الواقع أى مقومات إدارة ولا قيادة ناجحة او فعالة..
وفى ظل الظروف العصيبة التى يمر بها التعليم المصري يعاني مديرو المدارس المصرية من كثرة استدعائهم من قبل الشئون القانونية بالإدارات والمديريات والنيابة الإدارية للتحقيق والاستجواب بشأن القضايا التى تخص مدارسهم سواء كانت تخص المعلمين أو الطلاب أو احتكاكات أولياء الأمور وتظلماتهم مما يخرجهم عن وظيفتهم الأساسية التي تم تعيينهم من أجلها وهي إدارة شئون المدرسة تربويا وعلميا ولا يجدون وقتا للإشراف على مدارسهم وطلابهم.
الأمر الذي جعل العديد من مديري المدارس يرغبون فى ترك وظائفهم والعودة إلى ميدان التدريس مرة أخرى، أو انتهاج مسار التوجيه بما يبعدهم عن كل هذه المشكلات والقضايا التي لا قبل لهم بها بل وتعرضهم فى أغلب الأحيان للجزاء بالخصم من رواتبهم وتوقف ترقياتهم المستحقة..
على الصعيد ذاته فإن وظيفة مدير مدرسة لم تعد لها مكانتها وهيبتها كما كانت كسابق عهدها لسوء حال التعليم المصري وتراجعه فمن السهل فى هذه الأوقات أن يتعدى أولياء الأمور باللفظ والفعل على أى مدير مدرسة داخل الحرم المدرسي دون أن يجد من يردعه عن ذلك.. بل على العكس يضطر العديد من مديري المدارس فى معظم قضاياهم مع أولياء الأمور بالتنازل عن حقهم فى مقابل عدم تورطهم بالمحاكم وقضاياها الطويلة التى قد تكون عواقبها وخيمة تصل فى بعض الأحيان لأحكام بالسجن.. مما يجعل المديرين يندمون على اليوم الذي تقلدوا فيه هذه الوظيفة..
بالاضافة الى كثرة المتابعين ولجان المتابعة للمدارس من قبل العديد من الجهات سواء من مسئولى التعليم والمجتمع المحلي ).. ولم يعد الزائر للمدرسة، عوناً للمدير في القيام بعمله على أكمل وجه.. بل يحمل مدير المدرسة وحده مسؤولية جوانب القصور و أخطاء الغير.. ولا يلتمس الأعذار لمدير المدرسة، فيما يصدر من اجتهادات، قد يشوبها بعض الأخطاء، سواء من قبله أو العاملين معه.. ويعتبره مقصراً ومفرطاً، حتى وإن كان من المديرين المجدين..
علاوة على ان التعليم لم يعد، في مثل صورته الأولى، من البساطة والوضوح.. فالتعليمات والتوجيهات تتوالى.. ومدير المدرسة مهما اجتهد، فلن يستطيع إنفاذها على الوجه المطلوب.. فى ظل غياب نظام للمكافآت والحوافز يتناسب مع ما يبذله المدير من جهد، وكثافة العبء الوظيفي الملقى على عاتق المدير، وعدم توافر الكوادر الإدارية المساندة، وفقدان المدير للصلاحيات التي يحتاجها للتعامل مع العاملين والطلاب بالمدرسة، وغياب اللوائح التأديبية للمقصرين والمخالفين من العاملين أو الطلاب، ومحدودية الإمكانات في بعض المدارس، وقصور التجهيزات المدرسية، وسوء صيانة المباني..
ناهيك عن عامل الاحتراق النفسي الناتج عن التعامل مع العاملين والطلاب وأولياء الأمور، ومهابة إنهاء التكليف عند أي خطأ (عدم الأمن)، وامتداد أعباء إدارة المدرسة خارج أوقات الدوام الرسمي، والإجهاد الجسمي الناتج عن العمل في الإدارة، وتدني مستوى الدعم المجتمعي والشراكة المجتمعية للمدرسة..