السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

ولماذا القلق ؟

الأحد 13/أغسطس/2017 - 03:10 ص

عندما وجدت الكثير من الناس يشكون ضيق الحال وارتفاع الأسعار ورفع الأجور . قلت لنفسى  هم محقون بلاشك ، وبالفعل الأمر زاد عن الحد فى ارتفاع وتضخم الأسعار .

ولكنى سألت من زاوية أخرى حقيقة أدعو لكل منشغل بها التدقيق بشكل حاسم ، لماذا القلق ؟

ولدينا ما يقرب أكثر من 40 مليون يد عاملة تكسب قوت يومها بذاتها، والكثير يعمل فى أكثر من مهنة ؟

لماذا القلق ولدينا عقول تقدر أن تتحرك صوب التغيير المنشود إن أرادت ذلك ؟

لماذا القلق ولدينا أساتذة وخبراء ورجال دين كثر فى كل وقت ومكان لحث البشرية عن عدم ارتكاب الجرائم والمصائب والفساد كى يأخذ كل ذى حق حقه ، وتتحقق العدالة داخل المجتمع ؟

لماذا القلق وهناك لاعبون بالتجارة والصناعة والزراعة نسميهم رجال أعمال من المفترض أن يساهموا فى بناء مؤسسات الدولة لا تفضلاَ ولا كرماً منهم ، بل لأن الدولة وشعبها سمحت لهم بمرور بضاعتهم للشعب الذى يمنحهم ما يمتلكونه من ثروات طائلة ولا يقدرون أن يكونوا لاعبين فى أراضى أخرى وبنفس هذا الحجم الهائل من السكان ؟

لماذا القلق ونحن لدينا أراضى يتم بناء آلاف المبانى عليها بتسهيلات كثيرة للشباب وكل الفئات محدودة الدخل ؟

لماذا القلق ولدينا مؤلفين كل يوم يزداد عدد كتاباتهم فى الجرائد وعلى صفحات الميديا لتوعية وتوجيه البشرية لكل ما هو مفيد ومنتج ؟

 

 

لماذا القلق والدولة والجيش يسهرا لراحة الشعب لمنع العبث بالأمن الداخلى والخارجى للبلاد ؟

الإجابة فينا جميعاَ نقلق لسبب واحد نريد من الجميع أن يتغير والدولة تتغير والحكومة دون أن نغير نمط حياتنا .

تعجبت عندما ذهبت لأحد الأحياء الشعبية ووجدت الناس تشترى الخبز لخمسة أفراد فى اليوم الواحد 15 رغيف عيش أى بمعدل ثلاث أرغفة لكل فرد.

التغيير للحكومة والسلطة فقط أما الشعب لا يريد تغيير بثقافة ملئ البطون دون ملئ وتغذية

العقول ؟!!!

تعجبت عندما وجدت عمال وصناع يحرصون على تدخين أربعة علب سجائر فى اليوم الواحد وسعر علبة السجائر تخطى 15 جنيه . إذن لابد أن تتغير الدولة والحكومة وتوفر لهم علب السجائر والدخان حتى لا يتعكر مزاج الناس ؟!!!!!

تعجبت لأسر متوسطة يومياً تشترى طعام جاهز دليفرى بما يعادل 300 جنيه فى اليوم ،وتشكو بعد ذلك من ضيق الحال . وتطالب الحكومة والدولة أن تساعدهم فى المعيشة .

تعجبت من أسر كثيرة تحرص على الولائم والزيارات والعزائم وتهدرالكثير من الأطعمة فى القمامة فى حين كان من الممكن أن ثمن هذه الولائم تذهب لعلاج المرضى أو تجهيز فتيات أو سداد ديون الكثير من الغارمات .... لا هذه مهمة الدولة وليس مهمة الشعب ؟!!!!!!

تعجبت عندما وجدت الآلاف من الجنيهات فى أيدى موظفين وعمال ويذهبون للسفر فى رحلات الصيف بالطيران ، وبالبواخر ويشكون من ضيق العيش ...

تعجبت من معلمين كل يوم ينادون بزيادة الرواتب وأغلبهم يتقاضون الآلاف من الجنيهات من الدروس الخصوصية . ولم ولن يتنازلون عن إعطاء الدروس الخصوصية إذا زادت دواخلهم لأنها تدر عليهم الآلاف من الجنيهات من قوت الأسر المسكينة .

تعجبت عندما وجدت فتيان وفتيات كل يوم على المقاهى يشربون الشيشة ويتناولون العصائر وكل فرد يدفع على الأقل 200 جنيه فى اليوم .

تعجبت ممن يمتلكون أكثر من سيارة لكل فرد داخل الأسرة ويشكون من غلاء البنزين ؟!!!!

الكثير من الأمثلة التى تدل على أن عاداتنا الثقافية بحاجة إلى مراجعة ونقد .

قبل أن نطالب الحكومة والدولة أين أدوارنا ؟ لماذا القلق ونحن بأيدينا أن نظبط زوايا حياتنا بتغيير أنماط ثقافتنا ؟

لماذ ا القلق ونحن بأيدينا أن نفتح عقولنا على الفكر السليم القابل للتنفيذ ونكتفى باحتياجاتنا فقط الأساسية ، ونستهدف عقولنا بدلاً من بطوننا ؟!!!!

إذا كنا مُصرين على تغيير الحكومة والسلطة دون تغيير نمط ثقافتنا وعادتنا فسوف تأتى الكثير من الحكومات وأنماط السلطة وسيظل الشعب بنفس نمط الثقافة المتأخر والذى يأبه التغيير .

وأختم مقالى بقول المولى عزوجل " – 

﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾

سورة البقرة الأية 197 .

فاطمة الزهراء سالم محمود

أستاذ أصول التربية المساعد

كلية التربية – جامعة عين شمس