"الخشت " و "ولا تقربوا الصلاة "
يقول المولى سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ) النساء 43. وهي إحدى الآيات المتدرجة في شأن الخمر والتي انتهت إلى تحريمه تماماً. والآية واضحة تطالب المسلمين بعدم شرب الخمر في الأوقات التي تقترب فيها الصلاة، لكن البعض يتعامل مع المعلومات والأخبار والحقائق والوقائع باجتزاء المعاني واختيار ما يريد منها لتعطي المعنى الذي يريده وليس معناها الحقيقي فيتعامل معها من منطلق لا تقربوا الصلاة دون أن يكمل الآية. وبهذه الطريقة تم التعامل مع تعيين فيلسوف العرب والمجدد الثقافي الدكتور محمد عثمان الخشت رئيساً لجامعة القاهرة. فوجدنا البعض يجتزئ أحاديث قديمة له يشرح فيها الأسباب الحقيقية للعنف الصهيوني ضد أهلنا في فلسطين وقبلها لبنان بإعادته إلى جذوره الحقيقية في العهد القديم بنفس منطق لا تقربوا الصلاة وادعاء عدائه للمسيحيين وأنه من الإخوان أو السلفيين، وهو أمر أبعد ما يكون عن فيلسوفنا الكبير لو علم الجاهلين، ويتغافلون عمداً عن عشرات الأحاديث والمقالات له يبين فيها أخلاق المواطنة والحوار والتعايش السلمي بين الحضارات والأديان والشعوب انطلاقاً من فهم حقيقي للدين.
وعلى النقيض هاجمه
آخرين بأنه جاء ليكمل سياسة الدكتور جابر نصار في العداء للدين والمتدينين المسلمين
دون أن نعلم كيف يقوم بذلك أستاذ مقارنة الأديان والذي يعد من المجددين الحقيقيين ممن
يحاولون فتح باب الاجتهاد بعد غلقه لقرون وليس سنين، من أجل أنسنة الدين، وإعادته إلى
ما أنزله رب العالمين، دين من أجل الإنسان والإنسانية رحمةً للعالمين. وهو ما لا يرضي
المتنطعين، الذين لا يعرفون إلا السمع والطاعة للمرجفين والكاذبين والمنافقين أعداء
الدولة والدين.
بل وجدنا من لا
يعرفون أفكار الخشت وآرائه، بل وأتحدى أن يكونوا قرأوا كتاباً أو مقالاً له ممن يطلق
عليهم إعلاميين يطالبونه بمراجعة أفكاره دون أن يفيدونا بهذه الأفكار التي يريدون منه
مراجعتها لأنهم لا يعرفون أفكاره أصلا ويكتفون بما كتب لهم في اسكريبت البرنامج أو
قاله لهم المعدين أو غيرهم من الأقارب المقربين.
وبجانب هؤلاء اشترك
البعض ممن اقتطعوا كلمات له في مؤتمره الصحفي حول ضرورة الاهتمام بالتوعية الثقافية
والدينية لأبنائنا الطلاب خاصة في الكليات العملية ممن لا يدرسون الانسانيات فزادت
نسبة الإرهابيين بينهم وهي حقيقة يعلمها الجميع وكأن المطلوب تخلي الجامعات عن دورها
وترك أبنائها فريسة للمتطرفين وأفكارهم، أو رؤيته للانطلاق بجامعة القاهرة إلي جامعات
الجيل الثالث حيث لا تكتفي الجامعة بدورها كمحراب للعلم فقط، بل تتحول لأهم أدوات بناء
المجتمع بتخريج الموظفين الذين تحتاجهم الدولة والعلماء ورواد الأعمال، وتحويل البحث
العلمي إلى بحث علمي منتج له مردود وفائدة للمجتمع وليس علم من أجل العلم فلم يعد هناك
هذه الرفاهية في العالم كله ويكفي أن نعرف أن أرباح شركة تكنولوجيا واحدة تفوق التصدير
المصري كله. وبالطبع بعض المرضي النفسيين ممن عجزوا أن يكونوا في قامة الخشت العلمية
أو الإدارية فبثوا سمومهم ينهشون لحمه ويقدمونه قربانا مقابل بعض اللايكات علي صفحات
الميديا
إن الحملة الشعواء
التي قادها المغرضين وأصحاب النفوس المريضة والمندفعين بحسن نية لا تستهدف الخشت كشخص
بل تستهدف الدولة التي اختارت الخشت ليقود أكبر جامعة فيها إلى مرحلة لو توافرت له
الإمكانيات فيها ستكون نقلة نوعية في تاريخ الجامعة والجامعات المصرية كافةً وهو ما
لا يريده أعداء الوطن، فالخشت ليس الهدف وإنما الوطن هو الهدف. مثلها مثل حملات أخرى
سابقة استهدفت رؤساء الجامعات المحترمين ممن قادوا جامعاتهم إلى خطوات شاسعة للأمام
مثل د ماجد القمري في جامعة كفر الشيخ حين توفيت إحدى الطالبات في الجامعة وحين تبين
أن الجامعة لم تخطئ وقامت بأكثر مما عليها لم يتحدث أحد أو يشكر الجامعة، ومثل د معوض
الخولي في جامعة المنوفية الذي نشروا حوله كثير من الشائعات الكاذبة لمجرد أنهم حاولا
الارتقاء بجامعتيهما دون ضجة وضجيج إعلامي أجاده الفاشلين ممن مجدوهم وجعلوا منهم علامات
ورموز وهم لم يحققوا أي شئ حقيقي على أرض الواقع لكنه الميديا يا سادة.