أخاديد ٢٥ يناير
السبت 08/يوليو/2017 - 07:19 م
زلزل ٢٥ يناير مصر أخلاقيًّا واقتصاديا وإلى حد ما سياسيا. بداية، من الناحية السياسية فقد سقط نظام دون أن يَجِدَ تغييرٌ جذريٌ في النظام السياسي. أما التغييرات الأخلاقية والاقتصادية فقد كانت شديدة التأثير. من الناحية الأخلاقية قُسِم المجتمع إليّ فئاتٍ تفصلُها أخاديدٌ شديدة العمق:
انقسم المجتمع إلى كبار وصغار، صغار رأوْا أنهم شبابٌ تسبب في ٢٥ يناير وعليهم جني ثماره بالركوب علي أكتاف الكبار والإساءة إليهم والسطو على مجهوداتهم. أغفلوا أن ٢٥ يناير نتج عن مظالم شعب بكل أعماره، وأن المؤامرات من كل اتجاه فتحت فيسبوك علي البحري كمنبر تأليب وتهييج، منبر أنشاءه الغربُ ولَم يبتدعه من صوروا ٢٥ يناير ثورة شباب، كانوا غالبا مجرد أدواتٍ جالسة بالساعات أمام شاشات الكمبيوتر، لا تزال تملأه سبابًا، صدقوا أنفسهم وعاشوا الدور ولازالوا. من يريد أن يبدو شابًا يصبغ شعره ويدهنه جل ويهاجم الكبار!! شعارات إعطاء الفرصة للشباب هي موضة ما بعد ٢٥ يناير ولو بدون وجه حق. العبرة بالكفاءة لا بالسن، في الولايات المتحدة وأوروبا يجلس الكبار والصغار على الكراسي لكفاءتهم لا لسنهم.
انقسم المجتمع إليّ متلطعين على فيسبوك ومقاطعين. المتلطعون علي فيسبوك يتحدثون في السياسة والاقتصاد والدين والفن والدنيا، كله كله، غتاتة على رخامة علي استظراف علي هجايص وفشر!!
قَسَم ٢٥ يناير الشعب إلى طبقاتٍ جديدة، طبقة من يحصلون على كراسي وطبقة من يتفرجون. شُغِلت الكراسي بوجوه قديمة، منهم من غَيَّر شكلَه ومنهم من أبقى عليه، لم تشهد الساحة السياسية أو التنفيذية أو الإدارية أو الإعلامية غير نفس الأسلوب في الإدارة أو العرض أو الطرح. من حصلوا على كراسي أو احتفظوا بها اعتبروها حقًّا مكتسبًا بكل مغانمها. حتى الجوائز على مستوى الدولة والجامعات أصبحت "محجوزة"!! كم وزيرًا سابقًا حصل على جائزة من جوائز الدولة؟ في الجامعات تُحجز جوائزها مسبقًا لمن تولى كرسي على مستوى الكليات والجامعات!! بأية أمارة؟ حق مكتسب!! الجامعة ليست لكل أعضائها ولو أعطوا!! لم يعد الفشل على الكرسي مانعًا من جائزة من جيب الحكومة، الأهم الجلوس على الكرسي والحصول على مغانمه!! الكراسي تدور وكأنها مستحقة لمتفردين بالعبقرية والألمعية. اللجان على مستوى الدولة والجامعات لنفس المجموعة ولو فارقهم الكرسي!!
من الناحية الاقتصادية فإن المعاناة والغلاء الطافح قسما المجتمع إلى من معه ويستطيع وإليّ من بالكاد يعيش. كالعادة في الأزمات هناك من يركبونها لفائدتهم مع ضعف يد الدولة وغض بصرها عن محاسبتهم. انتشرت عربات الفول والأكشاك في كل مكان وتحولت من سبوبة أكل عيش إليّ بلطجة تحت رعاية الأحياء؛ وما مدينة نصر بامتداد شارع حس المأمون وكل الشوارع الموازية له إلا شاهدٌ حزينٌ على كل ما هو خطأ في الأخلاق، أخلاق الأشخاص وأخلاق الأحياء.
طبيعي أن تتسبب أخاديد ٢٥ يناير في يأس وإحباط للغالبية، وفرح ومرح للأقلية على الجانب الآخر من الأخدود،،