الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

صفحات سوداء.. من ملف التعليم!!

الأحد 18/يونيو/2017 - 10:22 م

تطرقت كثيرا لملف التعليم المصري، لأقف على أسباب تدهور التعليم، حتى صار في المرتبة السُفلى إذا ما قورن بباقي أنظمة التعليم على مستوى العالم، ثم إن استمرار الغش بمدارس مصر، سواء بكتابة الأجوبة على السبورات لجان الامتحانات أو إملائها شفهياً، من مسببات انهيار أنظمة الامتحانات.. 

ولتتعجب، عندما تُراقب المعلم ذاهباً بنفسه وشحمُه ولحمُه إلى بيت الطالب ليُعطية درسا خاصا في منزله، فالمُعلم يخرج من بيته متحملاً برد الشتاء وحر الصيف، ويذهب مهرولاً إلى بيت الطالب، صاعداً الأدوار العُليا، بينما الطالب "سُلطان مُنعَم في بيته".. ثم لا يسلم المُعلم من توبيخ ولي الأمر له إذا ما تأخر عن موعده، حتى أن تلميذاً ذات مرة طلب بلسان حاله من مُعلم الدرس الخصوصي، بأن يرجع من حيث أتى، ورفض أخذ الدرس، لمجرد أن المعلم تأخر قليلاً عن الحضور إليه!!..

وهل يعقل أن يوصي معلم للغة العربية، طُلابه البُلداء، بحل سؤال التعبير، عن طريق كتابة رأس السؤال المُكوَن من جملتين، مرات كثيرة، حتى تمتلئ الصفحة؟!.. والمُعلم يزعم بأن المصححين لن يدققوا فيما كتب الطالب، بل ربما يحصل الطالب على الدرجة النهائية في "التعبير" بسبب كثرة الجُمل التي كتبها!!..

والأدهى أن هناك معلمين يوصون طلابهم، بحل سؤال "ضع علامة صح أو خطأ"، بأن يضع الطالب علامة صح أمام جميع العبارات أو علامة خطأ أمام جميعها، على اعتبار أن واضعي الامتحانات، اعتادوا إحضار جملتين صحيحتين وأخريين تحملان الخطأ، فإذا ما وضع الطالب علامة صح فقط أو خطأ فقط أمام كل العبارات، قد ضمن الحصول على نصف درجة السؤال!!..

وما الداعي للعبث بدرجات الطلاب ونتائج المدارس داخل حجرة الكنترول، إلا إن كان بدافع تحسين نتائج بعض المدارس، بالباطل أو ربما لإنجاح طلاب راسبين، أو تصعيد طالب لا يستحق التفوق فوق طالب آخر يستحقه، وبذلك تُنتهك حقوق المتفوقين.. وللعلم أن مصححي أوراق الامتحانات، تشاهدهم كما لو كانوا يبحثون عن إبرة في كوم قش، لأنهم يعانون في محاولة إيجاد "أشباه إجابات صحيحة" لإنجاح الطلاب المُعدمين!!..
 
وما شعورك لو رأيت دورات المياه للجان امتحانات الثانوية العامة، مكتظة عن آخرها بالكتب، التي أحضرها الطلاب للغش منها؟! وماذا أنت فاعل لو أبصرت تلك المذكرات والمجلدات التي تحمل العلوم والثقافات في موضع البُراز والنجاسات؟!!..

وذات مرة احتشد الطلاب داخل فصل ما، بمدرسة قويسنا الثانوية بالمنوفية، وأثاروا غضب مُعلمهم، ساخرين منه، وظل المُعلم الثائر، يوبخهم لسوء أدبهم معه، حتى سقط ميتاً!!
كنت أشاهد مدير لمدرسة، يذهب إليها متنعلاً "الشبشب" بحجة أنه من الأرياف، كما كنت أشاهد طلاباً ريفيين، يحضرون لمدرستهم "بالترنجات البيتية" ومنهم طلاباً يدرسون بالثانوية العامة، وذات مرة حضر أحدهم، مرتدياً الجلباب الأبيض، وقد وضع نصفها السفلي داخل البنطلون، لتظهر وكأنها قميص، وقد اعتاد بعض معلمى الأرياف الذهاب لمدارسهم بالجلاليب في أجازة الصيف، وكل هؤلاء ساقتهم ثقافتهم العقيمة، إلى الجهل بضرورة المظهر العام، والزي الرسمي داخل محاريب العلم!!..

وفي الوقت الذي يظهر فيه طلاب المدارس الخاصة في أبهى زينة، مستقلين الأتوبيسات الفارهة، ويحملون داخل حقائبهم أشهى الأطعمة، تشاهد على النقيض، طلاب القرى والنجوع والكفور والعِزب وهم يقطعون المسافات الطويلة مشياً من بلدة إلى بلدة أو ممتطين لظهور الحمير أو متراكمون بكثرة فوق العربة الصاج ليذهبوا لمدارسهم، وثيابهم رثَة ومهلهلة، منتعلين لأحذية قديمة ومقطَعة، وقد دفع الفقر بأهليهم لعدم الاهتمام بتعليمهم، فلربما أن معظم الفقراء لا يعرفون في أي الصفوف الدراسية يدرس أبنائهم!!..

ودائماً ما يُلاحظ معلمو الصفوف الأولى من التعليم الابتدائي، أن التلاميذ ينقلون حروفاً خاطئة من على السبورة، فمثلاً ينقل التلميذ في كراسته، الدال وكأنها "راء"، أو العكس، وربما يرى القاف فاءً فيكتبها "فاءً"، أو يكتب الضاد "صاداً"، وهذا الأمر، وإن ظهر هَيِنا، فهو في حقيقته عظيم وخطير، لو تعوَد التلميذ أن ينقل حروفاً وكلمات خاطئة، ويتعلمها بهيئتها الخاطئة، وهذا عيب شائع في التعليم بالمرحلة الابتدائية..

وهكذا الحال في تعلم اللغة الإنجليزية مثلاً، فبعض المعلمين يكتبون بطريقة "المشبك"، فيلصقون الأحرف في بعضها البعض، فلا يستطع التلميذ قراءتها في أحيان كثيرة، فينقلها غير صحيحة، ويستذكرها ويحفظها على حالها، إلا إذا نبهه لأخطائه معلم مُخلص، وإن كان الأولى بالتنبيه والعتاب، هو المُعلم الذي يكتب بطريقة الحروف الملتصقة، وهي الطريقة الصعبة، مع تلاميذ السبع أو الثماني سنوات!!..

وكيف يمكن للطالب أن يتقن تحدث الإنجليزية، ومُعلمه - أساساً، ينطق كلمات الإنجليزية بشكل خاطئ، حتى إن معلمي الإنجليزية أنفسهم يختلفون فيما بينهم في النطق السليم للكلمات، وفيهم من يجهل الكلمات التي بها حروف صامته، أي التي تُكتب ولا تُنطق، فترى كل منهم ينطقها مُقتنعاً بنطقُه ولو كان مُخطئاً..

 وهناك معلمون يشرحون أزمنة اللغة الإنجليزية وقواعدها باللغة العربية، ومن أسباب ذلك، هو خيبة وزارة التعليم في منتصف التسعينيات، وإتيانها بمعلمين للفلسفة أو الاجتماع أو أي مادة غير الإنجليزية، وتكليفهم بتدريس الإنجليزية، مما تسبب في الضرر لمن علموهم الإنجليزية!!..
 
أما معظم المعلمين المبتدئين، أولى خطوات عملهم بالمدارس الخاصة، تجدهم يفرون هاربين بمستقبلهم، بعد فترة عمل بسيطة داخل تلك المدارس، التي تعطيهم جنيهات قليلة، فيأتي معلم ويستقيل، ثم يخلُفه مُعلم آخر ويستقيل، وهكذا، ومع استبدال أكثر من مُعلم داخل الفصل الدراسي، على مدى التيرم الدراسي، تتذبذب المعلومات لدى الطالب، ويصبح حائراً بين شرح هذا وشرح ذاك، ثم يكون الضحية وحقل التجارب على مدار العام الدراسي.