الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

ما المقصود بالنموذج التربوي الياباني توكاتسو؟

الثلاثاء 18/أبريل/2017 - 01:49 م

ما المقصود بالنموذج التربوي الياباني توكاتسو؟ 
هل هو تعليم اللغة اليابانية؟ 
هل هو نظام التعليم الياباني؟
هل هو إستخدام الروبوت والتكنولوجيا والحواسب الآلية وأنظمة التعليم الذكية؟
لا.. هو ليس أي مما سبق!!!!!
النموذج التربوي الياباني المعروف باسم "التوكاتسو" هو منهج بناء متكامل لشخصية الطالب وأسلوب حياة بالمدرسة والذي من شأنه أن يكسب الطلاب قيم وسلوكيات ومهارات وعادات إيجابية أبرزها التعاطف وتحمل المسؤولية والنظافة والنظام والالتزام والاستقلالية وحل المشكلات وغيرها من الصفات الحميدة التي تنمو وتتكامل يوما بعد يوم لتكمل جوانب شخصية الطالب وتجعله أكثر سعادة واحتفالا بالحياة وإقبال على كل ما هو جميل..

كيف يحدث ذلك؟ وما هي ضمنات استمراره؟؟؟
يحدث ذلك من خلال تخطيط لأنشطة الحياة المدرسية اليومية وإدارة للمدرسة والفصل والتي تتبلور في مشهد ذهني نرى فيه الطلاب يتصرفون بلياقة والتزام دون وجود رقيب. يحترمون القيمة ويلتزمون بها ليس لأن أحدهم يراقب أو يشرف ولكن لأنه تحول إلي إنسان يحترم ذاته..

يتم تخطيط جدول دقيق للمهام اليومية التي يشارك فيها الطلاب ويعرف كل طالب دوره دون أن يطلب منه أحد ذلك. يصطف في الطابور ويعرف رقمه في الصف ويعرف لاين يتوجه دون أن يرشده أحد. يكون فيه كل طالب مسئول عن زميل له أصغر منه سنا ويتولى دعمه وتقديم العون له ومن ثم يتولد لديه الشعور بالمسئولية والإلتزام تجاه المدرسة لأن أحد ما في حاجة إليه، هناك من هو أصغر منه يتطلع إليه ويراه أخ أكبر ومثل يقتدي. ... هل لكم أن تتخيلوا معي روعة ذلك النموذج التربوي الذي لا يعتمد على المواد الدراسية والجوانب المعرفية ولكن يولد المهارات والقيم التي تجعل أي طفل قادر على التعلم ولديه الدافعية وتأكيد الذات والثقة بالنفس التي تفتقدها أجيال صغيرة؟ إذن هو نموذج تربوي يمثل نمط حياة وتقاليد مدرسية تعطي فرص متكافئة للطلاب وتدور الأدوار على جميع الطلاب بحيث يتولى كل منهم جميع المهام تباعا..
 
هناك فلسفة عميقة وراء هذا النموذج وآليات العمل به والصعوبات التي تواجهه في الحقيقة كثيرة وأبرزها التغيير الثقافي لكل أفراد مجتمع المدرسة والتي يتطلب إيمانهم به حتى يتمكنوا من نقله للآخرين حيث أن فاقد الشئ لا يعطيه، علاوة على مقاومة بعض الأسر التي ترى في قيام الطلاب بنشاط النظافة نوع من إهدار الكرامة، وهو الأمر الذي يمثل انحراف قيمي، فهل أن يكون الفرد نظيفا إهدار للكرامة أم هي الكرامة؟ هل حينما ينحني المعلم ومدير المدرسة ليمد يده ويساعد في نشاط النظافة بأعتباره انه بيته الثاني إهدار لكرامته هو الآخر؟ ؟؟؟ هل حينما يمثل الفرد قيمة مضافة ويترك المكان نظيفا أفضل مما تسلمه إهدار للكرامة، هل الحفاظ على الممتلكات العامة وصيانتها والإضافة لعمرها الإفتراضي إهدار للكرامة، وهل النظافة تقترن بالشعور بالدونية أم العكس؟ أي خلل قد أصاب المجتمع؟ علاوة على عدم فهم العديد من القائمين على تطبيق المشروع أنفسهم بفلسفته ومسخهم للنموذج وأخذ مظاهره فقط دون فحواه وأصوله. 
وأخيرا أاكد أن هدف المشروع ومبتغاه إنساني بحت ولا يرتبط بجنسية أو دولة ولكن ما هو ياباني في الموضوع هو منهجية العمل وكيفية تأكيد وتعزيز الممارسات الإيجابية وغرسها في أعماق شخصية الطلاب حتى تتحول لقناعات مستدامة، أما قيم النظافة والالتزام والتعاطف وتحمل المسؤولية وغيرها من القيم وما تترجمه من سلوكيات هو ما يسعى إليه أي مجتمع..
 
أرجو وبصدق معرفة آراء الخبراء واتطلع لنقاش علمي أستفيد منه انا وزملائي من القائمين على تنفيذ المشروع. 
لمزيد من المعلومات حول النموذج يرجى الرجوع الى الرابط التالي
تحياتي وخالص مودتي
د/ رشا سعد شرف
مدير مشروع المدارس المصرية اليابانية