رسالة الى معالى وزير التعليم العالي
مع بداية مشواركم الوزاري ومنحكم الثقة من فخامة الرئيس، حفظه الله ورعاه، قيادة كل من وزارة التعليم العالي و البحث العلمي ، لك منا كل التهنئة و الدعاء بالتوفيق و السداد في مهامكم الوزارية، و دعنا نكمل معكم المشوار للعمل على حل بعض الاشكاليات المتعلقة بالتعليم العالي والتي أخذت من الأعوام دون حل أو تفسير ما ادى الى اصابته بنصيب وافر من الضعف و التراجع خلال العقود الثلاثة الأخيرة و هذا ما كشفت عنه المؤشرات الدولية الخاصة بالتعليم العالي. و على الرغم من توافر الحراك خلال هذه الفترة للنهوض بهذا القطاع الا انه كان حراكا لم ينبع من استراتيجية تنموية تضع التعليم العالي بكل مراحله ومجالاته ومخرجاته في الموقع والأولوية والتوجه الصحيح.
معالى الوزير، ان الثورة التي طال انتظارها و المطلوبة في التعليم العالي لا
تمثل ترفا فكريا أو طموحا غير واقعي، في المرحلة التي تمر بها مصر الآن، بل من مقومات
النهوض بالدولة و التي طالما ينادى بها رئيس الدولة. ان هذه الثورة يجب ان تتخذ من
المحاور التالية الركائز الاستراتيجية للتغيير المطلوب إدخاله على منظومة التعليم العالي
و مؤسساته لإحداث النقلة النوعية و تتضمن المحاور:
• التحديد
والتشخيص الصحيح للفجوات والمشكلات القائمة و مراجعة السياسات، حيث يتوقف على ذلك الفاعلية
المرتقبة لخطط وسياسات الإصلاح و التي يجب ان تكون في ضوء الاتجاهات المعاصرة في العالم
و تكون محفزا على الإجادة والتميز ويتضمن آليات للمساءلة عن الأداء والنتائج في مختلف
جوانب العمل الأكاديمي. لمعالجة الاختلالات والفجوات القائمة في الهياكل وعلى النحو
الذي يوفر المرونة و الاستقلالية، و الشمولية لنظام التوظف وتقييم الأداء والتنمية
الوظيفية والترقيات الاجور و استجلاب القيادات الجامعية التي تملك القدرة على إدارة
سياسات الإصلاح وتتصف بالنزاهة الفائقة.
• إطارا
قانونيا واحدا للتعليم العالي يغطي جميع القطاعات: الجامعات الحكومية، والكليات التكنولوجية،
والمؤسسات الخاصة: (الهادفة للربح وغير الهادفة للربح).
• بناء
فضاء اكاديمي للارتقاء بالمعرفة الانسانية و تدعيم قدرة البحث العلمي و روابطه مع الابتكار،
لتحويلها من معرفة التلقين الى معرفة الابداع و الابتكار و ريادة الاعمال، و ضرورة توفير
الاتساق بين البرامج التعليمية و احتياجات قطاعات التنمية سواء على المستوى
المحلي أو الإقليمي او العالمي، بما ينعكس
اثره على تحسين قدرة الدولة التنافسية في الاقتصاد العالمي القائم على المعرفة، حيث
تكثف دولا عديدة استثماراتها في رأس المال البشري وإنتاج المعرفة.
• احداث
المزيد من التوازن في المعروض من خريجي الجامعات والتعليم الفني والمهني، بغية زيادة
نسبة الخريجين المتمتعين بالمهارات العملية المتصلة باحتياجات سوق العمل و القضاء على
بطالة الخريجين.
• وضع
آليات لضمان التخصصية ودعم التميز بين الجامعات
الوطنية فيما تقدمة من برامج تعليمية حيث ان الجامعات تقوم بتدريس جميع العلوم وليس
تخصصات محددة وان هذا قد انتهى من العالم كله، وأصبح لكل جامعة تخصصات تتميز بها، هذا
بالإضافة الى ضرورة وضع حلول لأعداد للطلاب المقبولين بالجامعات من خلال وضع شروط للالتحاق
و ذلك من خلال ادماج ضمان الجودة كمسئولية مؤسسية.
• بناء
نظام متطور ومعاصر لمصادر التمويل وكذلك نظام الموازنة بحيث يتم التحول إلى موازنة
الأهداف والأداء والنتائج لمواكبة التحول إلى نظام الإدارة والرقابة بالنتائج، هذا
مع فتح المجال للتوسع في نظام استحداث مصادر لتنمية الموارد الذاتية بالمؤسسات، مع
ضرورة زيادة مخصصات التعليم و البحث العلمي.
• ميكنة
العمليات و إدخال النظم الإلكترونية المعاصرة في العمل المؤسسي الأكاديمي والمالي والإداري،
وعلى نحو ينعكس على سرعة وكفاءة وعدالة وشفافية الخدمات والمعاملات التي تقوم بها هذه
المؤسسات.
• تنمية
وتشجيع البعد الدولي لمؤسسات التعليم العالي المصرية خاصة على المستوى العربي و الأفريقي
و زيادة حصتها السوقية من الطلاب الوفدين، و رفع مستوى تصنيفها العالمي.
·
ترسيخ جوانب الثقافة المؤسسية في كل الانظمة و الممارسات لتوطين عملية
الإصلاح والتطوير داخل المؤسسات وبحيث تكون عملية مستمرة ولها آلياتها المؤسسية وبحيث
لا ترتبط بشخص القيادة العليا في الوزارة وتغيرها.
ان المنتظر من هذه الثورة للتعليم العالي يكمن في
حتمية إدخال تحولات شاملة وكبرى في التعليم العالي، وكيفية ربطها بالمخطط الوطني للنهضة
والتنمية، وتعتبر الإرادة السياسية العليا الركيزة الأهم للبدء في الثورة المطلوبة
في التعليم العالي وفي بلورة الرؤية والاستراتيجية الوطنية للنهوض بالتعليم ككل.
· كاتب المقال
أ.د احمد الخطيب
استاذ بجامعة سوهاج