اول طعن على قرار الحكومة لتعويم الجنيه
السبت 05/نوفمبر/2016 - 08:57 م
أقام المحامي علي أيوب دعوي أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة لإلزام البنك المركزى بعرض أهداف السياسة النقدية بالاتفاق مع الحكومة على مجلس النواب وفقاً لنص المادة رقم 5 من قانون البنك المركزى رقم 88 لسنة 2003، وإخطار مجلس النواب بأى تعديلات طرأت على أهداف السياسة النقدية خلال السنة المالية الحالية والتى أدت إلى إصدار قرار تعويم الجنيه.
كما طالب بإلزام المركزي بتقديم تمويل استثنائى للبنوك فى حالة حدوث اضطراب مالى أو ظرف طارئ آخر يدعو إلى مواجهة احتياجات ضرورية فى الأسواق المالية، طبقا للشروط والقواعد التى يحددها مجلس إدارة البنك المركزى وفقاً للمادة رقم 7 من قانون البنك المركزى، والإفصاح عن الإجراءات المتخذة لتطبيق السياسة النقدية وقراراته ذات الطبيعة الرقابية التنظيمية من خلال نشراته الرسمية، وذلك طبقا للقواعد والمواعيد التى يحددها نظامه الأساسى، ونشر هذه الإجراءات والقرارات فى الوقائع المصرية:_
وجاء نص الدعوي كالتالي:
السيد الأستاذ المستشار / رئيس محكمة القضاء الإدارى
ونائب رئيس مجلس الدولة
بعد تقديم واجبات الإحترام
يتشرف بتقديمه لسيادتكم الأستاذ / على أحمد على أيوب وشهرته / على أيوب المحامى
والكائن مكتبه 2 ش طلعت حرب ـ ميدان التحرير ـ وسط البلد ـ القاهرة
ضد
1 ـ السيد/ رئيس الجمهورية بصفته .
2 ـ السيد / محافظ البنك المركزى بصفته .
3 ـ السيد / رئيس مجلس الوزراء بصفته .
4 ـ السيد / وزير المالية بصفته .
الموضوع: حيث أن الفرع الثانى من الدستور الذى يتحدث عن الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية والذى جاءت فيه المادة 215 وقررت أنه : وتعد من تلك الهيئات والأجهزة البنك المركزى وجاءت نص المادة 220 من ذات الدستور وقررت أنه : يختص البنك المركزى بوضع السياسات النقدية والإئتمانية والمصرفية ، ويشرف على تنفيذها ، ومراقبة أداء الجهاز المصرفى ، وله وحده حق إصدار النقد ، ويعمل على سلامة النظام النقدى والمصرفى واستقرار الأسعار فى إطار السياسة الإقتصادية العامة للدولة ، على النحو الذى ينظمه القانون .
هذا وقد جاء ضمن نصوص القانون رقم 88 لسنة 2003 بإصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد وتعديلاته الذى يشير إليه النص الدستورى ما يلى:_
مادة 1ـ البنك المركزي شخص اعتباري عام ، يتبع رئيس الجمهورية ، ويصدر بنظامه الأساسي قرار من رئيس الجمهورية
الفصل الثاني أهداف البنك المركزي وإختصاصاته
مادة 5 ـ يعمل البنك المركزي على تحقيق الاستقرار في الأسعار وسلامة النظام المصرفي فى إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة . ويضع البنك المركزي أهداف السياسة النقدية بالاتفاق مع الحكومة ، وذلك من خلال مجلس تنسيقي يشكل بقرار من رئيس الجمهورية ، وتحدد اللائحة التنفيذية نظام عمل هذا المجلس . ويختص البنك المركزي بوضع وتنفيذ السياسات النقدية والائتمانية والمصرفية ، ويخطر محافظ البنك المركزي مجلسي الشعب والشورى بهذه الأهداف عند عرض مشروعي قانوني الموازنة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، كما يخطر المجلسين بأي تعديل يطرأ على هذه الأهداف خلال السنة المالية .
مادة 6 ـ يتخذ البنك المركزي الوسائل التي تكفل تحقيق أهدافه والنهوض باختصاصه ، وله على الأخص ما يأتى :
(أ) إصدار أوراق النقد وتحديد فئاتها ومواصفاتها .
(ب) إدارة السيولة النقدية فى الاقتصاد القومى ، وله أن يصدر الأوراق المالية بما يتناسب مع طبيعة أمواله ونشاطه والدخول فى عمليات السوق المفتوح.
(ج) التأثير فى الائتمان المصرفى بما يكفل مقابلة الحاجات الحقيقية لمختلف نواحي النشاط الاقتصادى .
(د) الرقابة على وحدات الجهاز المصرفى .
(هـ) إدارة احتياطيات الدولة من الذهب والنقد الأجنبي .
(و) تنظيم وادارة سوق الصرف الأجنبى .
(ز) الإشراف على نظام المدفوعات القومى .
(ح) حصر ومتابعة المديونية الخارجية على الحكومة والهيئات الاقتصادية والخدمية والقطاع العام وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص ، وذلك طبقا للنماذج التى يحددها مجلس إدارة البنك المركزى . وللبنك أن يقوم بأية مهام أو يتخذ أية إجراءات يقتضيها تطبيق السياسات النقدية والائتمانية والمصرفية وإحكام الرقابة على الائتمان المصرفى .
مادة 7 ـ للبنك المركزى فى حالة حدوث اضطراب مالى أو ظرف طارئ آخر يدعو إلى مواجهة احتياجات ضرورية فى الأسواق المالية ، أن يتخذ ما يراه من إجراءات بما فى ذلك تقديم تمويل استثنائى للبنوك ، طبقا للشروط والقواعد التى يحددها مجلس إدارة البنك المركزى .
مادة 8 ـ للبنك المركزى أن يقدم ائتمانا للبنوك الخاضعة لأحكام هذا القانون وللمنشآت وللهيئات الأجنبية والدولية ، وذلك طبقا للشروط والقواعد والأوضاع التى يقرها مجلس إدارة البنك المركزى
مادة 9 ـ للبنك المركزى أن يضمن التمويل والتسهيلات الائتمانية التى تحصل عليها الأشخاص الاعتبارية العامة أو البنوك الخاضعة لأحكام هذا القانون من البنوك والمؤسسات المالية والهيئات الأجنبية والدولية ، وذلك طبقا للشروط والقواعد التى تبينها اللائحة التنفيذية لهذا القانون .
الفصل الثالث إدارة البنك المركزي
مادة 10 ـ يكون للبنك المركزى محافظ يصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح رئيس مجلس الوزراء لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد ، ويتضمن القرار معاملته المالية . ويعامل المحافظ من حيث المعاش معاملة الوزير . ويكون قبول استقالة المحافظ بقرار من رئيس الجمهورية .
مادة 11 ـ يكون لمحافظ البنك المركزى نائبان ، يعين كل منهما بقرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح محافظ البنك المركزى لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد ، وتحدد معاملتهما المالية فى القرار الصادر بتعيينهما . كما يكون للمحافظ وكلاء يعينون بقرار من مجلس إدارة البنك المركزى بناء على ترشيح من المحافظ .
مادة 12 يكون للبنك المركزى مجلس إدارة برئاسة المحافظ وعضوية كل من : نائبى المحافظ . رئيس الهيئة العامة لسوق المال . ثلاثة أعضاء يمثلون وزارات المالية والتخطيط والتجارة الخارجية يختارهم رئيس مجلس الوزراء بناء على ترشيح الوزراء المختصين . ثمانية من ذوى الخبرة المتخصصين فى المسائل النقدية والمالية والمصرفية والقانونية والاقتصادية ، يختارهم رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد. وفى حالة غياب المحافظ أو وجود مانع لديه يحل محله أقدم النائبين ، فإذا غاب حل محله النائب الآخر . ويصدر بتحديد مكافآت أعضاء مجلس الإدارة ، وبدل حضور جلساته قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح المحافظ .
مادة 14 ـ مجلس إدارة البنك المركزي هو السلطة المختصة بتحقيق أهداف البنك ووضع السياسات النقدية والائتمانية والمصرفية وتنفيذها وله فى سبيل ذلك جميع الصلاحيات ، وعلى الأخص ما يأتى:
(أ) تحديد أدوات ووسائل السياسة النقدية التي يمكن إتباعها وإجراءات تنفيذها ، وتحديد أسعار الائتمان والخصم ومعدلات العائد عن العمليات المصرفية التى يجريها البنك المركزى ، حسب طبيعة هذه العمليات وآجالها ، وذلك دون التقيد بالحدود المنصوص عليها فى أى قانون آخر ، وتحديد القواعد التى تتبع فى تقييم الأصول التى تقابل أوراق النقد المصرى .
(ب) وضع المعايير والضوابط الرقابية التى تكفل سلامة المراكز المالية للبنوك وحسن أدائها لأعمالها وإصدار القرارات اللازمة لتنفيذها ، وتقييم الجهود التى تبذل بشأن الرقابة على الائتمان الذى تقدمه البنوك ، والتأكد من تطبيق معايير الجودة الائتمانية والسلامة المالية .
(ج) اعتماد الموازنة التقديرية والقوائم المالية والتقارير التى يعدها البنك عن مركزه المالى ونتائج أعماله .
(د) اعتماد الهيكل التنظيمى للبنك . ويجوز أن يشمل هذا الهيكل وحدات ذات طابع خاص لها استقلال فنى ومالي وادارى يصدر بإنشائها قرار من المحافظ بناء علـى ما يقرره مجلس الإدارة ، ويحدد النظام الأساسى هذه الوحدات وطبيعتها ونطاق أغراضها .
(هـ) إصدار اللوائح والنظم الداخلية المتعلقة بشئون البنك المالية والإدارية والفنية ، ولائحة المزايدات والمناقصات ، ولائحة العاملين بالبنك دون التقيد بالقواعد المنصوص عليها فى القوانين واللوائح المعمول بها بالحكومة والقطاع العام وقطاع الأعمال العام .
مادة 15 ـ يجتمع مجلس إدارة البنك المركزي بمقر مركزه الرئيسي بالقاهرة مرتين على الأقل كل شهر ، وذلك بدعوة من المحافظ أو بناء على دعوة من ثلثي أعضاء المجلس ، ويجوز أن يدعى المجلس للانعقاد خارج مقر البنك بشرط أن يكون داخل الجمهورية ، ولا يكون اجتماع المجلس صحيحا إلا بحضور المحافظ أو أحد نائبيه بالإضافة إلى أغلبية الأعضاء ، وتصدر القرارات بالأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس .
مادة 16 ـ يمثل المحافظ البنك المركزي أمام القضاء وفى صلاته مع الغير ، ويتولى تصريف جميع شئون البنك يعاونه فى ذلك نائباه ووكلاؤه كل فى حدود اختصاصه ، ويجوز للمحافظ أن يفوض بعضا من اختصاصاته إلى نائبيه أو وكلائه أو أحدهم أو أن يكلفهم بمهام محددة بشرط إخطار مجلس إدارة البنك المركزى .
الفصل الرابع النظام المالي للبنك المركزي
مادة 17 ـ تبدأ السنة المالية للبنك المركزي ببداية السنة المالية للدولة وتنتهي بنهايتها
مادة 20 ـ يعتمد مجلس إدارة البنك المركزى الموازنة التقديرية للبنك قبل بداية السنة المالية بثلاثة أشهر . ولاتشمل الموازنة العامة للدولة الموارد والاستخدامات الجارية والرأسمالية للبنك .
مادة 23 ـ تعتبر أموال البنك المركزي أموالا عامة في تطبيق أحكام قانون العقوبات
الفصل الخامس علاقة البنك المركزى بالحكومة
مادة 24 ـ يعمل البنك المركزى مستشارا ووكيلا ماليا عن الحكومة . ومع عدم الإخلال بأحكام المادة (27) من هذا القانون ، يقوم البنك بمزاولة العمليات المصرفية العائدة للحكومة والأشخاص الاعتبارية العامة والتمويل الداخلي والخارجي مع البنوك ، وذلك وفقا للشروط التى يضعها مجلس إدارته ، ويمتنع عليه مزاولة هذه العمليات لغير تلك الجهات .
مادة 28 ـ يقدم محافظ البنك المركزى إلى رئيس الجمهورية تقريرا دوريا كل ثلاثة أشهر يتضمن تحليلا للتطورات النقدية والائتمانية والمصرفية وأرصدة المديونية الخارجية خلال فترة التقرير ، وذلك بعد اعتماده من مجلس إدارة البنك . كما يقدم محافظ البنك المركزى تقريرا سنويا معتمدا من مجلس إدارته إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيسى مجلسى الشعب والشورى عن الأوضاع النقدية والائتمانية فى جمهورية مصر العربية ، وذلك خلال ثلاثة أشهر من انتهاء السنة المالية .
مادة 29 ـ يفصح البنك المركزى عن الإجراءات المتخذة لتطبيق السياسة النقدية وقراراته ذات الطبيعة الرقابية التنظيمية من خلال نشراته الرسمية ، وذلك طبقا للقواعد والمواعيد التى يحددها نظامه الأساسى ، وتنشر هذه الإجراءات والقرارات فى الوقائع المصرية .
مادة 111 ـ لكل شخص طبيعى أو اعتبارى أن يحتفظ بكل ما يؤول إليه أو يملكه أو يحوزه من نقد أجنبى ، وله الحق فى القيام بأية عملية من عمليات النقد الأجنبى بما فى ذلك التحويل للداخل والخارج والتعامل داخلياً على أن تتم هذه العمليات عن طريق البنوك المعتمدة للتعامل فى النقد الأجنبى . وللشخص الطبيعى أو الاعتبارى أيضاً التعامل فى النقد الأجنبى عن طريق الجهات المرخص لها بهذا التعامل طبقاً لأحكام هذا القانون وفقاً لما تبينه اللائحة التنفيذية له . وينشأ فى البنك المركزى سجل لقيد هذه الجهات ، وتبين اللائحة التنفيذية لهذا القانون شروط وقواعد وإجراءات القيد فى السجل . ويكون التعامل داخل جمهورية مصر العربية شراءً وبيعاً فى مجال السلع والخدمات بالجنيه المصرى وفقاً للقواعد التى تحددها اللائحة التنفيذية ما لم ينص على خلاف ذلك فى اتفاقية دولية أو فى قانون آخر .
مادة 112 ـ يصدر بالقواعد والأسس المتعلقة بتنظيم سوق النقد الأجنبى ، عرضاً وطلباً ، قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح مجلس إدارة البنك المركزى ، ويتحدد سعر الصرف للجنيه المصرى مقابل العملات الأجنبية بتفاعل قوى العرض والطلب فى سوق النقد الأجنبى ، فى ضوء القواعد والأسس المشار إليها .
وعلى الرغم مما سبق فوجىء الطاعن بصدور قرار من محافظ البنك المركزى بتعويم الجنيه حيث أعلن البنك المركزي المصري، يوم الخميس 3 نوفمبر2016 ، تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية ، وتحديد سعر الصرف وفقاً لآليات العرض والطلب ، كما أعلن البنك المركزي المصري، في بيان، إطلاق الحرية للبنوك في تسعير النقد الأجنبي من خلال آلية سوق ما بين البنوك "الانتربنك"
الإنتربنك هو نظام يلزم البنوك بإعلان أسعار بيع وشراء الدولار والعملات بشكل مباشر وفق آليات العرض والطلب .
وتحرير الجنيه يعني تركه للمنافسة أمام الدولار الأمريكي طبقاً للعرض والطلب، دون تدخل أو ضبط حكومي .
أن عملية التعويم هي عملية ترك الجنيه بدون سعر بيع محدد من الحكومة، بل تركه تتحكم فيه قوى العرض والطلب، مثل قطعة الخشب التي يتم تركها للرياح تحركها في البحر في أي إتجاه ، المشكلة هي أن الطلب على الدولار يتمثل لدينا في الإستيراد، ويحتاجه المصريين الذي يسافرون للسياحة في الخارج ، أو الحج والعمرة ، أما الجنيه والمتمثل في العرض فيتمثل في عملية التصدير وحوالات المصريين في الخارج ، ودخل السياحة في مصر، فالطلب أكبر من العرض، مما يؤدي إلى ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه ، أن التعويم إذن ضار جدًا على الإقتصاد المصري، لأنه سوف يؤدي إلى إرتفاع الأسعار في السوق المصري، مما يعود بالضرر على المواطن في ظل ثبات الرواتب .
أن تعويم الجنيه يضر بالاستيراد لأن التعويم يجبر المستورد على دفع مبلغ أكبر من الجنيه لتحويله إلى الدولار الأمريكي من أجل الاستيراد وبالتالي سيتم تحميل الفارق على سعر السلعة ليتحملها المستهلك المصري وسيضر بالواردات لأن المستورد سيضطر إلى دفع مبالغ كبيرة جدا من اجل تحويل الجنيه إلى دولار وذلك فى عملية الاستيراد ، على سبيل المثال إذا كان يدفع فى السابق 9 ملايين جنيه ، سوف يكون المبلغ المدفوع بعد هذا التخفيض 10 ملايين جنيه ، وهو ما سينعكس على ارتفاع الأسعار وارتفاع معدلات التضخم .
هذا القرار إذن مخالف للقانون وللدستور لأن البنك المركزي مطالب بالحفاظ علي مستوي الأسعار ، وقرار التعويم سيحدث تضخم وسيزيد أسعار جميع السلع مما يضر بالفقراء ومحدودى الدخل وبجميع الطبقات المتوسطة .
فالطاعن يطعن على القرار الطعين للأسباب الأتية : ـ
1 ـ إضرار القرار بالصالح العام ولحياده عن الهدف المخصص لإصداره:
للقرار الإداري هدفان أولهما تحقيق المصلحة العامة و ثانيهما تحقيق الهدف الذي خصصه المشرع لإصدار هذا القرار 0
فإذا حاد مصدر القرار عنهما غدا قراره باطلاً لكونه مشوباً بالإنحراف في استعمال السلطة ذلك العيب الهام من عيوب قرار الإداري الموجب لإلغائه والمتمثل في استخدام رجل الإدارة لسلطاته بغية تحقيق غاية غير مشروعة لتعارضها مع المصلحة العامة أو مع الهدف الذي حدده القانون لإصدار القرار 0
الإنحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف : إذا كانت القاعدة أن القرارات الإدارية جميعها و بغير استثناء يجب أن تستهدف تحقيق المصلحة العامة فإن هناك أيضا قاعدة أخرى تضاف إلى هذه القاعدة و تكملها و تقضي بوجوب استهداف القرارات الإدارية تحقيق الأهداف الذاتية المتخصصة التي عينها المشرع في المجالات المحددة لها ، و يكون القرار الإداري مشوبا بالانحراف في السلطة في هذه الحالة , كلما كان الباعث على اتخاذه هو تحقيق هدف غير الذي أراده المشرع حين منح الإدارة السلطة في اتخاذ هذا القرار بالذات و و لا يهم بعد ذلك أن يثبت إن الإدارة كانت تهدف من القرار الذي اتخذته تحقيق مصلحة عامة , ما دامت هذه المصلحة غير المصلحة التي حددها المشرع .
فالفرق بين الانحراف عن المصلحة العامة و الانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف أنه في حالة انحراف عن مبدأ تخصص الأهداف يكون العضو الإداري حسن النية لا يبغي إلا تحقيق الصالح العام , و لكنه يستخدم ما بين يديه من وسائل لتحقيق أغراض مما لا يجوز تتحقق بتلك الوسائل أو مما لا يختص بتحقيقها .
و معنى ذلك أن لكل قرار إداري هدفين , أحدهما خاص و هو الذي حدده القانون أو يستفاد من طبيعة الاختصاص و هذا الهدف تختلف و درجة تحديده من حالة إلى حالة أخرى كما أن له دائما هدفاً عاماً و هو المصلحة العامة ، التخصيص قد يستفاد من صراحة النص حيث حدد المشرع هدفا خاصا لقرارات وزير التموين هو توفير المواد التموينية للمواطنين و تحقيق العدالة في توزيعها فإذا استهدفت هذه القرارات تحقيق أكبر عائد اقتصادي للدولة فإنها تكون مشوبة بالانحراف بالسلطة و كذلك القرار الصادر بوقف العامل المحال للتحقيق عن العمل , يجب أن يكون الهدف منه هو تحقيق صالح التحقيق فإذا كان الهدف منه إسناد عمله إلى أخر كفء فإن هذا القرار يكون مشوبا بالانحراف في استعمال السلطة ، و قد يستخلص الهدف المخصص من روح التشريع أو طبيعة الاختصاص فقد حدد المشرع مثلا لسلطات الضبط الإداري هدفاً محدداً , و هو المحافظة على النظام العام فإذا استعملت الإدارة سلطاتها في هذا الخصوص لغير هذا الهدف كان قرارها مشوبا بعيب الانحراف بالسلطة حتى و لو كان الهدف لا يجانب الصالح العام ، و في حالة عدم تحديد المشرع للهدف لخاص الذي يتعين أن يحققه القرار يكون تحديد هذا الهدف متروكاً لتفسير القاضي و استخلاصه لمراد المشرع و قصده , حيث يستعمل سلطته التقديرية في تحدي الأهداف الخاصة للقرار بكل الوسائل الممكنة كالرجوع إلى الأعمال التحضيرية و المذكرات التفسيرية و تتبع المناقشات التي دارت حول القانون ، و علة تطبيق قاعدة تخصيص الأهداف أن الجهاز الإداري بمختلف فروعه و تعدد أطرافه و تكاثر مسئولياته لا يمكن أن يتيح لأي فرد من أعضاء هذه النظام الضخم أن يأخذ على عاتقه تحقيق طائفة خاصة من المصالح العامة دون الطوائف الأخرى حيث إن التنظيم الهيكلي للإدارة الذي يترتب عليه أن السلطة الممنوحة للموظف يقابلها مجال معين من المصلحة العامة يتعين عليه تحقيقه و عدم خلطه مع مجالات المصلحة العامة الأخرى ، فالقانون هنا عين له الهدف وحدده و الذي من أجل بلوغه منحه السلطة فإن هو استخدم هذه السلطة للوصول إلى هدف أخر و لو كان يحقق مصلحة عامة فإن قراره يكون مشوبا بالانحراف بالسلطة .
و قد كان لمجلس الدولة المصري ذات الموقف الذي يؤكد ضرورة احترام قرارات الإدارة للهدف الذي حدده المشرع لإصدارها و إلا قضى بإلغائها لخروجها على قاعدة تخصيص الأهداف .
فقد كان لمحكمة القضاء الإداري منذ البداية موقف واضح في هذا الشأن حيث ذهبت إلى أنه " لا يجوز اتخاذ أي من التدابير أو الإجراءات التي يجيزها الشارع , لتحقيق هدف أخر مغاير للهدف الأساسي الذي قصد إليه الشارع و لو كان هذا الهدف محققاً للصالح العام بمعناه الشامل , و ذلك تطبيقاً لقاعدة أصولية هي المصطلح على تسميتها قاعدة تخصيص الأهداف و جزاء مخالفة تلك القاعدة بطلان تلك القرارات لكونها مشوبة بالانحراف بالسلطة و الذي يتمثل في عدم احترام الإدارة لركن الغاية من التشريع " .
و إذا كان قضاء محكمة القضاء الإداري قد اتسم منذ البداية بإدخال مخالفة قاعدة تخصيص الأهداف ضمن حالات الانحراف بالسلطة فإن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد مر في هذا الشأن بمرحلتين ففي البداية لم تسلم المحكمة الإدارية العليا بما ذهبت إليه محكمة القضاء الإداري , و قدمت أحكام تضيق فيها من نطاق الانحراف بالسلطة بحيث تقتصره على حالة استهداف مصلحة خاصة فقط دون حالة مخالفة قاعدة تخصيص الأهداف حيث كانت تشترط لقيام الانحراف بالسلطة توافر سوء النية لدى مصدر القرار الإداري و لذلك قضت بأنه " إذا لم يكن لدى الإدارة هذا القصد , بدافع من هوى أو تعد " أو انتقام فلا قيام لعيب إساءة استعمال السلطة "
غير أن الفقه انتقد هذا التطبيق لعيب الانحراف بالسلطة حيث لم يلق استجابة لديه استنادا لعيب الانحراف بالسلطة يقوم مع حسن النية إذا خالفت الإدارة قاعدة تخصيص الأهداف ، و قد عدلت المحكمة الإدارية العليا في أحكامها اللاحقة لحكمها السابق عن مذهبها في التضييق من نطاق عيب الانحراف بالسلطة آخذة بوضوح بقاعدة تخصيص الأهداف حيث قضت بأنه " إذا ما عين المشرع غاية محددة , فإنه لا يجوز لمصدر القرار أن يستهدف غيرها و لو كانت هذه الغاية تحقيق مصلحة عامة " .
و الواقع أن ما انتهت إليه المحكمة الإدارية العليا من عدم اشتراط سوء نية مصدر القرار للقضاء بالانحراف بالسلطة هو قضاء محمود فإلى جانب ما يترتب عليه من إدخال مخالفة قاعدة تخصيص الأهداف ضمن حالات الانحراف بالسلطة فإن فيه تشديدا لقبضة القضاء على رجل الإدارة الذي ينحرف بسلطته حيث أنه في ظل القضاء السابق و الذي يشترط سوء النية يوسع رجل الإدارة الإفلات من إلغاء قراراه لمجرد إثباته أنه كان حسن النية حين أصدر القرار و يترتب على ذلك الهروب من الإلغاء مما يؤدي إلى الإضرار بمصلحة من اعتدى القرار المشوب بالانحراف على حقوقه و حرياته و الذي كل ما يصبو إليه هو إلغاء هذا القرار الخاطئ و التعويض عن الأضرار التي مني بها من جرائه , و لا يعنيه في شىء ما إذا كان رجل الإدارة سيئا أو حسن النية .
2 ـ أن القرار الطعين مشوب بعيب عدم الإختصاص :
تعتبر القرارات الإدارية من التصرفات القانونية الحيوية التي تعبر عن سياسات الدولة العامة ونظامها القانوني والاقتصادي والاجتماعي وكل ما يتعلق بالحاجات العامة وأسلوب تنفيذ ذلك ، والقرار الإداري بإعتباره تعبير عن إرادة السلطات العامة هو محتوى وجوهر العملية الإدارية ، لأن مفهوم القيادة الإدارية الحديثة لا يعدو عن كونه صلاحية إتخاذ القرارات المؤثرة والفاعلة تبعاً لمدى الصلاحيات التي خولها إياها المشرع من حيث سلطة التقدير أو التقييد ، إذ تعكس القرارات الإدارية مدى فعالية الإدارة وكفاءتها وقدرتها على تحويل التشريعات وخاصة الإصلاحية منها إلى واقع عملي ذو اثر ايجابي ملموس على حياة الناس ومستوى الرفاه الاجتماعي، وعلى خلاف ذلك فان الإدارة الضعيفة غير الكفؤة تؤثر سلبا على حياة الناس، وكم من التشريعات الإصلاحية العظيمة أفرغت من محتواها الإنساني الاجتماعي بسبب ضعف الإدارة أو فسادها ، ويرى بعض فقهاء القانون أن القرار الإداري أضحى مصدراً من مصادر الحق لقدرته على إنشاء الحقوق العينية والشخصية ، تعبيرا عن أهمية القرار الإداري في الحياة المعاصرة.
والقرار الإداري يخضع لمبدأ المشروعية، بمعنى وجوب أن تتم جميع تصرفات السلطات العامة في إطار القواعد الدستورية والقانونية و إلا كان التصرف معيباً وباطلاً يستوي في ذلك أن يكون التصرف ايجابياً كالقيام بعمل أو سلبياً كالامتناع عن عمل يوجبه القانون ، وعدم مشروعية القرار قد ترتب المسؤولية الجنائية في حالات معينة ، و الأصل أن تتمتع القرارات الإدارية بقرينة المشروعية ، بمعنى انه يفترض فيها أنها قد صدرت صحيحة ومشروعة ، إلا أنها قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس، إذ بإمكان صاحب المصلحة في الطعن بالقرار الإداري أن يقيم الدليل على أن القرار الإداري مشوب بعيب من عيوب عدم المشروعية.
ويقصد بعيوب القرار الإداري ، أو حالات إلغائه، حالات عدم المشروعية التي تصيب القرار الإداري والتي يمكن أن تؤدي إلى إلغائه عن طريق دعوى الإلغاء.
ولما كانت عناصر القرار الإداري هي الاختصاص والشكل والسبب والمحل والغرض أو الغاية، فإن أشكال عدم المشروعية التي تعيب القرار الإداري هي:-
1) عدم المشروعية التي تتعلق بالجهة التي تصدر القرار (عدم الاختصاص).
2) عدم المشروعية التي تتعلق بالإشكال و الإجراءات (عيب الشكل).
3) عدم المشروعية التي تتعلق بأسباب القرار.
4) عدم المشروعية التي تتعلق بمحل القرار. (عيب مخالفة القانون).
5) عدم المشروعية التي تتعلق بالغرض(عيب الانحراف بالسلطة).
وكلما افتقد القرار الشروط القانونية اللازمة لإصداره بالنسبة لكل عنصر من عناصره فأن ذلك يعد سبباً كافياً لطلب الإلغاء أمام القضاء.
و ينص قانون مجلس الدولة المصري رقم (47) لسنة 1972، على انه)... ويشترط في طلبات إلغاء القرار الإداري النهائية أن يكون مرجع الطعن عدم الاختصاص أو عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين أو الأنظمة والتعليمات أو خطأ في تطبيقها أو الإساءة في استعمال السلطة
ويذهب جانب من الفقه المصري إلى أن هذا النص يحدد أوجه الإلغاء بالأوجه التالية:-
1- عيب الاختصاص.
2- عيب الشكل.
3- مخالفة القانون.
4- إساءة استعمال السلطة.
يعتبر من أسباب الطعن بوجه خاص ما يأتي:-
أولاً: أن يتضمن الأمر أو القرار خرقاً أو مخالفة للقانون أو الأنظمة أو التعليمات.
ثانياً: أن يكون الأمر أو القرار قد صدر خلافاً لقواعد الاختصاص أو معيباً في شكله.
ثالثاً: أن يتضمن القرار خطأ في تطبيق القوانين أو الأنظمة أو التعليمات أو في تفسيرها أو فيه إساءة أو تعسف في استعمال السلطة.
وفي تطور قانوني مهم نص المشرع الدستوري في دستور مصر لسنة 2014 في المادة (97) منه على أنه:-
(يحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء) ، وهذا يعني إلغاء جميع الاستثناءات الواردة على ولاية القضاء الإداري ، مما يعني أن الطعن بالقرار الإداري أصبح أمراً متاحاً وممكناً أياً كانت جهة إصداره ومهما علت مرتبة مصدره في الدولة.
خصائص دعوى الإلغاء:- دعوى الإلغاء دعوى قضائية بكل معنى الكلمة وهي من حيث نشأتها وتطورها من خلق القضاء، كما أن لهذه الدعوى صفة عامة، أي أنها دعوى القانون العام يمكن أن توجه ضد أي قرار إداري دون حاجة إلى نص خاص، وإذا نص القانون على أن قراراً إدارياً لا تسمح الدعوى بشأنه فأن ذلك لا يشمل دعوى الإلغاء ما لم تستبعد بشكل صريح.
وأساس قيام دعوى الإلغاء هو فكرة عدم المشروعية والتي تظهر عند مخالفة الإدارة لقاعدة قانونية وتوجه نحو القرار الإداري المخالف للقانون بقصد إلغائه.
وتعد دعوى الإلغاء من النظام العام، أي إنها قائمة دون حاجة لنص يقررها إذ يمكن رفعها ضد أي قرار إداري معيب، وللقاضي أن يثيرها من تلقاء نفسه ولو رفعت الدعوى بشأن عيب آخر، كما انه لا يقبل من احد أن يتنازل مقدماً عن حقه في استخدام هذه الدعاوي وكل تنازل من هذا القبيل يعتبر باطلاً.
كما إنها دعوى موضوعية (عينية)، أي إنها دعوى القضاء الموضوعي، بمعنى أن هذه الدعوى لا يراد بها أساساً الاعتراف بحق شخصي وحمايته، وإنما تهدف إلى حماية قواعد قانونية وتعمل على إزالة مخالفتها حتى لو حققت لأصحاب الشأن حماية مراكزهم القانونية ومصالحهم الذاتية، فالهدف الرئيس لدعوى الإلغاء هو حماية النظام القانوني ومبدأ المشروعية.
وتعرف دعوى الإلغاء بأنها: هي تلك الدعوى التي يستطيع كل فرد صاحب مصلحة أن يلتجأ إليها ليطلب من القضاء الإداري إلغاء قرار إداري تنفيذي استناداً إلى عدم مشروعيته.
أولاً:- عيب عدم الاختصاص:-
نظمت دساتير الدولة القانونية الحديثة وتشريعاتها السلطات والاختصاصات داخل الدولة وأوكلت ممارستها إلى مؤسسات متنوعة، وتتوزع هذه السلطات والاختصاصات بموجب القوانين والأنظمة أيضاً داخل هذه المؤسسات على مجموعة من الموظفين يعرفون بمتخذي القرارات أو صانعي القرارات داخل المؤسسة وهم المخولين بالتعبير عن إرادة الهيئة الرسمية التي يعملون فيها، ولا يجوز لغيرهم التعبير عن هذه الإرادة، ويتأسس معيار توزيع سلطة الدولة على الاختصاصات المقررة للوظيفة العامة التي يشغلها العضو الإداري بحيث يكون لكل موظف ولاية إصدارها في حدود اختصاصه من حيث الموضوع والزمان والمكان، وعليه فان الاختصاص في القرار الإداري، هو الصلاحية القانونية لفرد أو عضو أو لهيئة في التنظيم الإداري لإحداث آثار قانونية معينة بإسم شخص إداري عام.
ويعتبر عنصر الاختصاص من أهم عناصر القرار الإداري ويترتب على عدم مراعاته بطلان القرار ومن ثم إلغائه.
وهذا يعني وجوب صدور القرار الإداري عن عضو إداري وأن تكون له صلاحية التعبير عن إرادة الدولة أو أي شخص إداري آخر.
ومصادر قواعد الاختصاص تستمد من الدستور ومختلف القوانين و الأنظمة والتعليمات فضلا عن أن القضاء قد استخلص قواعد الاختصاص على أساس من المبادئ العامة للقانون غير المكتوبة من ذلك قاعدة توازي الاختصاصات وهي قاعدة غير مكتوبة اعترف بها القضاء ومقتضاها: انه إذا وجد نص يحدد لهيئة إدارية معينة اختصاص بإصدار قرار معين ثم سكت عن بيان الجهة التي تملك تعديله أو إلغاءه فأن هذا الاختصاص يكون لنفس الهيئة التي تملك إصدار القرار. ومن ذلك ما ذهب إليه القضاء المصري من انه إذا نظم المشرع اختصاصاً بعينه ولم يعهد به إلى إدارة معينة أو بيان الموظف المنوط حق استعماله فيكون ذلك للموظف الذي يتفق هذا الاختصاص وواجبات وظيفته.
وبتطبيق هذا على القرار الطعين نجد أنه مشوب بعيب عدم الإختصاص لأن مصدره هو محافظ البنك المركزى وليس رئيس مجلس الوزراء وفقاً للمادة 220 من الدستور والمادة 112 من قانون البنك المركزى التى نصت على أنه :ـ
" يصدر بالقواعد والأسس المتعلقة بتنظيم سوق النقد الأجنبى ، عرضاً وطلباً ، قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح مجلس إدارة البنك المركزى ، ويتحدد سعر الصرف للجنيه المصرى مقابل العملات الأجنبية بتفاعل قوى العرض والطلب فى سوق النقد الأجنبى ، فى ضوء القواعد والأسس المشار إليها " .
أى أن المختص بإصدار قرار تحرير سعر الصرف " تعويم الجنيه" هو رئيس مجلس الوزراء وليس محافظ البنك المركزى مما يشوب القرار الطعين بعيب عدم الإختصاص ، حيث أن قواعد الاختصاص من النظام العام وهى ملزمة للإدارة بشكل خاص وتبدو هذه الخاصية من اعتبارها من قبيل النظام العام ويترتب على ذلك مايلي:
1- يمكن إثارة الدفع بهذا العيب أمام القضاء في أي مرحلة من مراحل نظر الدعوى ولا يحتج على المدعي في هذا المقام بأنه قدم طلبات جديدة.
2- يجب على القاضي أن يثيره من تلقاء نفسه إذا ما بدى له أثناء نظر الدعوى ولو لم يثره صاحب الشأن.
3- لا يمكن للإدارة أن تتفق مع الأفراد على تعديل قواعد الاختصاص، لان قواعد الاختصاص لم تقرر لصالح الإدارة بل للصالح العام.
4- عدم التوسع في تفسير قواعد الاختصاص ولابد أن تفسر على نحو من التفسير الضيق، لان التوسع في التفسير يؤدي إلى خلق اختصاصات جديدة للإدارة.
5- كما أن عدم المشروعية الناتجة عن اتخاذ القرار من هيئة غير مختصة لا يمكن أن تصحح بتصديق لاحق من الجهة المختصة، فالبطلان لا يزول نتيجة الإجازة أو التصحيح اللاحق، إلا في حالة الضرورة والظروف الاستثنائية وبصدد ذلك قضت محكمة القضاء الإداري في مصر بأن القرار المطعون فيه (قد صدر من غير الجهة المختصة بإصداره قانوناً، ولا يغير من هذا الوضع إحاطة مدير المصلحة به أو اعتماده له لأن القرار الباطل بسبب عدم الاختصاص لا يصحح بالإعتماد فيما بعد من صاحب الشأن فيه، بل يجب أن يصدر منه إنشائياً بمقتضى سلطته المخولة له).
ويعرف مجلس الدولة المصري عيب الاختصاص بقوله "إن عيب الاختصاص في دعوى الإلغاء هو عدم القدرة على مباشرة عمل قانوني معين جعله المشرع من سلطة أو هيئة أو فرد أخر".
ولعيب الاختصاص صورتين:
الصورة الأولى – اغتصاب السلطة "العيوب الجسيمة".
وذلك عندما يكون العيب جسيماً وفي هذه الحالة لا يعتبر القرار مجرد قرار غير مشروع وإنما يعتبر قراراً منعدماً أي انه قرار باطل، ويمكن لصاحب العلاقة بل عليه عدم إطاعته أو الالتزام به بل له أن يقاوم تنفيذه، والإدارة من جانبها وهي تحاول تنفيذه تنفيذاً مباشراً إنما ترتكب بذلك اعتداءاً مادياً، كما أن هذا القرار لانعدامه ليس بحاجة حسب الأصل أن يكون موضوعاً لدعوى أمام القضاء لإعلان انعدامه، لأنه مجرد واقعة مادية ولكن الأوضاع العملية و الواقعية قد تجعل من هذا القرار مع انعدامه عقبة مادية في سبيل ذوى العلاقة لاقتضاء حقوقهم أو الوصول إليها لذلك جاز أن يكون محل تظلم أو دعوى لإعلان انعدامه ومن دون الالتزام بموعد معين، ومن ثم جاز للإدارة سحب قرارها المنعدم بأي وقت وكذلك جاز للقضاء أن يقبل دعوى الإلغاء دون أن يلتزم بشرط الميعاد.
وعندما يكون القرار منعدماً جاز للقضاء العادي النظر بهذه القرارات أيضاً ولو كان في الدولة قضاء إداري لأنه لا يعدو عن كونه واقعة مادية.
ويطلق اصطلاح اغتصاب السلطة على عيب الاختصاص حينما يكون جسيماً غير أن الفقه لم يتفق على العيوب التي تعتبر من قبيل العيوب الجسيمة.
ثانياً – صدور القرار ممن تتوفر فيه صفة الموظف العام لكنه لا يملك سلطة إصدار قرارات إدارية فى هذا الشأن إطلاقاً :
كأن يصدر القرار من مستخدمين مناطة بهم أموراً كتابية أو يدوية أو صدور القرار من هيئات أو مجالس استشارية، من ذلك حكم مجلس الدولة الفرنسي باعتبار القرار من مدير مكتب الوزير برفض تقرير راتب تقاعدي قراراً منعدماً لصدوره من لا يملك سلطة إصدار قرارات إدارية.
ثالثاً – صدور القرار من جهة إدارية في نطاق الوظيفة الإدارية بصورة عامة ولكنه يتضمن اعتداء على اختصاص جهة إدارية أخرى لا تمت بصلة للجهة مصدرة القرار ، كأن يصدر قراراً من وزير يختص به بشكل واضح وزير أخر دون غيره.
ولكن يلاحظ أن القضاء الإداري المصري قد توسع في تطبيقه لهذه الحالة حتى انتهى أحياناً لإدخال حالات عدم الاختصاص البسيط ضمن حالات اغتصاب السلطة من ذلك القرار الصادر نتيجة تفويض باطل حيث قضت محكمة القضاء الإداري المصري في حكمها الصادر في 5/1/1954 بأن (المرسوم بقانون رقم 24لسنة 1931 أعطى اختصاصات معينة لمدير عام مصلحة السكة الحديد بالنسبة لطائفة من موظفيها، ولا يجوز قانوناً التفويض في هذا الاختصاص بل يتعين أن يباشر الاختصاص من عينه القانون بالذات، من ثم فيكون القرار المطعون فيه الصادر من سكرتير عام مصلحة السكك الحديد بفصل المدعي ينطوي على نوع من اغتصاب السلطة فهو قرار معدوم لا اثر له) ، وهذه القرارات في الحقيقة معيبة بعيب اختصاص بسيط لان هؤلاء يملكون أيضاً سلطة اتخاذ قرار فهو معيب وليس منعدم.
الصورة الثانية – عيب الاختصاص العادي " البسيط":-
إذا لم يكن العيب جسيما في موضوع الاختصاص كما تقدم يتحقق عيب الاختصاص البسيط الذي يؤدي إلى بطلان القرار والحكم بإلغائه شريطة أن يتم ذلك خلال المدد المحددة للطعن بالقرار الإداري، وهذه الحالات تتمثل في عيب الاختصاص من حيث الموضوع ومن حيث الزمان ومن حيث المكان.
أولاً – عيب الاختصاص الموضوعي:-
ويقصد به أن تصدر جهة إدارية قرارها في موضوع لا تملك قانونا إصدار القرار بشأنه لأنه يدخل في اختصاص جهة إدارية أخرى، ويتحقق ذلك عندما يكون الأثر القانوني الذي يترتب على القرار مما لا يختص مصدر القرار بترتيبه قانونا.
ويفترض في هذا المقام مشروعية محل القرار و إن من الممكن إحداثه قانونا ولكن بقرار يصدر من الجهة المختصة، وعليه إذا كان محل القرار غير مشروع ولا يجوز إحداثه من أية سلطة إدارية كانت, فأن القرار لا يكون مشوباً بعيب عدم الاختصاص الموضوعي وإنما يكون مشوبا بعيب المحل.
ذلك إن قواعد الاختصاص تحدد مقدماً الموضوعات التي تدخل في مجال نشاط جهة إدارية معينة ومن ثم عليها أن تلتزم فيما تصدر من قرارات حدود هذه الموضوعات دون أن تعتدي على ما اختص به القانون جهة إدارية أخرى فان فعلت فان قرارها يكون معيباً بعدم الاختصاص من الناحية الموضوعية وهذا هو عيب عدم الاختصاص الايجابي وهناك عدم الاختصاص السلبي وصورته أن تمتنع سلطة إدارية عن مزاولة اختصاصاتها لاعتقادها خطأً أنها لا تملك هذا الاختصاص، ويتحقق عيب الاختصاص الموضوعي في عدة أشكال وهي كما يلي:-
أ – اعتداء جهة إدارية على اختصاص جهة إدارية موازية: كان يعتدي وزير على اختصاص وزير أخر وقد بينا أن هذه الحالة قد تؤدي إلى عيب اغتصاب السلطة التي تؤدي للقرار بالانعدام ولكن عيب الاختصاص البسيط هو الذي يتحقق عندما يكون هناك غموض وتداخل في الاختصاصات.
كأن يصدر وزير قرار بترقية موظف أصبح تابعاً لوزارة أخرى بسبب الغموض الذي رافق نقل الموظف.
ب – اعتداء جهة إدارية دنيا على اختصاص جهة أعلى منها: أي أن تباشر جهة إدارية الاختصاصات التي أوكلها المشرع لجهة إدارية أعلى منها في سلم التدرج الوظيفي.
كان يصدر وكيل الوزارة قرار من اختصاص الوزير أو أن يصدر الوزير قراراً لا يمكن اتخاذه إلا من قبل مجلس الوزراء، وكذلك القرارات الصادرة من سلطة إدارية عليا لا يمكن ولا يجوز لسلطة أدنى منها أن تغيرها أو تعدلها إلا بتفويض من سلطة عليا.
وقضت المحكمة الإدارية العليا المصرية بشأن الطعن رقم 2600 ـ50 ق. عليا – جلسة 9/4/2005 – الدائرة الأولى عليا ـ أملاك الدولة ـ أن (المبدأ: التصرف في أراضي طرح النهر من اختصاص وزير الإصلاح الزراعي ـ صدوره من المحافظ يجعله مشوباً بعيب عدم الاختصاص).
ج – اعتداء جهة إدارية عليا على اختصاص جهة أدنى منها: قد يحدد القانون لجهة إدارية اختصاصات لا تملكها الجهة الإدارية التي تتبعها تلك الجهة وخاصة بالنسبة للهيئات التي تتمتع بقدر من الاستقلالية في عملها كالجامعات، فأن باشرت الجهة الإدارية العليا تلك الاختصاصات شاب تصرفها البطلان .
د – اعتداء الإدارة المركزية على اختصاص الإدارة اللامركزية: إذا كان للإدارة اللامركزية مباشرة اختصاصاتها المخولة لها قانوناً على نحو من الاستقلال "لأنها تستمد اختصاصها من القانون وليس من السلطة المركزية" إلا أن هذا الاستقلال ليس مطلقاً وإنما تباشر الإدارة المركزية نوعاً من الرقابـــة (الوصاية) على أعمال الإدارة اللامركزية وذلك بموجب ما يعطيها القانون من الاختصاصات المحددة، كالإذن السابق والتصديق اللاحق والإلغاء بالنسبة لبعض القرارات إذا كانت غير مشروعة وفي هذه الحالة على الإدارة المركزية أن تلتزم حدود هذه الاختصاصات فلا تتجاوزها (لا رقابة بلا نص ولا رقابة خارج حدود النص)(رقابة وليست سلطة رئاسية) فلا تحل نفسها محل الإدارات اللامركزية لمباشرة بعض اختصاصاتها إلا إذا توفرت شروط الحلول وهي: -1- نص القانون -2- امتناع الإدارات اللامركزية على اتخاذ قرار رغم تنبيهها فتحل السلطة المركزية محلها استثناءً، أو أن تقوم بتعديل بعض القرارات التي تصدرها الإدارة اللامركزية في حين أن القانون لا يخولها سوى التصديق أو عدم التصديق على تلك القرارات.
وقد أشار القضاء الإداري المصري في بعض أحكامه إلى بعض هذه العيوب التي تصيب القرارات الإدارية المركزية، ومن ذلك ما ذهبت إليه محكمة القضاء الإداري المصرية، من (أن وزير التربية وان كان الرئيس الأعلى للجامعة إلا أن سلطته لا تتجاوز الحدود التي نص عليها القانون صراحةً ومن ثم فأن مباشرة وزارة التربية بداءةً لحق جامعة القاهرة في التقاضي ينطوي على مخالفة لقانون الجامعة وتجاوز من جانبها في استعمال حقها في الإشراف على الجامعة إلى حد مباشرة الحقوق التي تملكها هذه الأخيرة على وجه الاستقلال) وذهبت المحكمة نفسها إلى أن (من المسلم به فقهاً وقضاءً أن علاقة الحكومة المركزية بالمجالس البلدية والقروية إن هي إلا وصاية إدارية وليست سلطة رئاسية وبناء على ذلك فأن الأصل أن وزير الشؤون البلدية والقروية لا يملك بالنسبة لقرارات هذه المجالس سوى التصديق عليها كما هي أو عدم التصديق عليها كما هي دون أن يكون له حق تعديل هذه القرارات).
ثالثاً : صدور القرار الطعين دون عرض أهداف السياسة النقدية بالإتفاق مع الحكومة على مجلس النواب عند عرض مشروعى قانونى الموازنة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الإقتصادية والإجتماعية ، ومخالفة البنك المركزى للقانون بعدم إخطاره مجلس النواب أيضاً بأى تعديل يطرأ على أهداف السياسة النقدية بخصوص تحرير سعر الصرف " تعويم الجنيه " خلال السنة المالية الحالية قبل إصدار القرار :
حيث نصت المادة 5 من قانون البنك المركزى على أنه : ـ
يعمل البنك المركزي على تحقيق الاستقرار في الأسعار وسلامة النظام المصرفي فى إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة . ويضع البنك المركزي أهداف السياسة النقدية بالاتفاق مع الحكومة ، وذلك من خلال مجلس تنسيقي يشكل بقرار من رئيس الجمهورية ، وتحدد اللائحة التنفيذية نظام عمل هذا المجلس . ويختص البنك المركزي بوضع وتنفيذ السياسات النقدية والائتمانية والمصرفية ، ويخطر محافظ البنك المركزي مجلسي الشعب والشورى بهذه الأهداف عند عرض مشروعي قانوني الموازنة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، كما يخطر المجلسين بأي تعديل يطرأ على هذه الأهداف خلال السنة المالية .
ولهذه الأسباب وللأسباب الأخرى التى سنذكرها فى المرافعة الشفوية ولما لدى عدالة قضاء المشروعية من أسباب قانونية أفضل وأقوى كان هذا الطعن على قرار محافظ البنك المركزى على تعويم الجنيه المصرى .
لذلك:_
يلتمس الطالب من سيادتكم تحديد أقرب جلسة ممكنة لنظر هذا الطعن أمام الدائرة المختصة بمحكمة القضاء الإدارى والقضاء لصالحه بما يلى : ـ
أولاً : من حيث الشكل : قبول هذا الطعن شكلاً .
ثانياً : وبصفة مستعجلة : بوقف تنفيذ قرار محافظ البنك المركزى بتعويم الجنيه المصرى مع ما يترتب على ذلك من أثار أخصها : ـ
1 ـ إلزام البنك المركزى بعرض أهداف السياسة النقدية بالإتفاق مع الحكومة على مجلس النواب وفقاً لنص المادة رقم 5 من قانون البنك المركزى رقم 88 لسنة 2003 .
2 ـ إلزام البنك المركزى بإخطار مجلس النواب بأى تعديلات طرأت على أهداف السياسة النقدية خلال السنة المالية الحالية والتى أدت إلى إصدار قرار تعويم الجنيه.
3 ـ إلزام البنك المركزى بتقديم تمويل استثنائى للبنوك فى حالة حدوث اضطراب مالى أو ظرف طارئ آخر يدعو إلى مواجهة احتياجات ضرورية فى الأسواق المالية ، طبقا للشروط والقواعد التى يحددها مجلس إدارة البنك المركزى وفقاً للمادة رقم 7 من قانون البنك المركزى
4 ـ إلزام البنك المركزى بالإفصاح عن الإجراءات المتخذة لتطبيق السياسة النقدية وقراراته ذات الطبيعة الرقابية التنظيمية من خلال نشراته الرسمية ، وذلك طبقا للقواعد والمواعيد التى يحددها نظامه الأساسى ، ونشر هذه الإجراءات والقرارات فى الوقائع المصرية .
مع تنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان مع إلزام المطعون ضدهم بمصروفات الشق العاجل .
ثالثاً : وفى الموضوع : بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من أثار مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات والأتعاب .
شاهد المحتوى الأصلي علي بوابة الفجر الاليكترونية - بوابة الفجر: ننفرد بنشر أول طعن أمام القضاء الإداري على قرار تعويم الجنيه