الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

الجامعة المصرية بين النقد و الحقيقة

الجمعة 13/مايو/2016 - 03:58 ص

سبق و ان تناولنا هذا الموضوع بالكتابة، غير أنى رأيت الاستمرار في هذا نظرا لما تعانيه هذه الجامعة الان من سيل النقد المبرح  و اتهامها بصورة دورية على انها مفرخه للعاطلين. و سوف نتناول هذا اليوم من زوايا ترتبط بسرد بعض التحديات التي تحول دون اظهار هذه الجامعة في الشكل المأمول. فمن الانصاف ان تكون النظرة النقدية شمولية و ليست احادية  تبنى  على فرضية ان الجامعة معزولة عن المحيط لان شأنها شأن أي مؤسسة اخرى بالدولة تؤثر و تتأثر بما حولها في المجتمع المحيط.

و عندما نستعرض جانبا من هذا النقد المبرح نجده يعتمد في جوهرة على قياس فاعلية الجامعة  استنادا على مؤشرات محددة تتعلق بالتوظيف والالتحاق بسوق العمل و مستوى كفاءة الخريجين. لا ضيم في هذا لكن  كلنا يعلم أن الخريجين في معظم التخصصات لا يلتحقون بالعمل بالسرعة المطلوبة لأسباب أخرى نعلمها جميعا تربط بجوانب سياسية واقتصادية واجتماعية وليس لها علاقة البته بمستوى التعليم و جودته، لهذا فانه من غير المنصف ان نسأل عن جودة و كفاءة الخريج من كليات التجارة أو الحقوق أو الطب أو العلوم  مثلا و هو يعمل حارس أمن أو سائق تاكسي .الخ؟ ،،،، فهنا يكون النقد غير منصف، و لذلك و قبل ان نسأل عن فاعلية الجامعة استنادا على هذا المؤشر علينا أن نكون على معرفة تامة بما سوف نقوم بسرده  ليصبح القياس  و النقد ذات جدوى.

اولا: هل يصح أن تتطور برامج الجامعات ومؤسسات التعليم العالي الأخرى في معزل عن تطور مؤسسات سوق العمل نفسه؟. لذلك علينا ان نسأل عن ما هو حجم التنوع و التطورات  التي حدثت في هيكلية الاقتصاد المصري في السنوات العشر الأخيرة، و على الاخص تلك التي نتج عنها توفير فرص العمل  لخريجي البرامج التعليمية غير النمطية و المرتبطة الاقتصاد المبنى على المعرفة؟....ان القراءة المتأنية لهيكلية الاقتصاد تبرز مدى الجمود و عدم استحداث فرص عمل جديدة نمطية/غير نمطية، و هي بذلك تدحض الصورة النقدية المبرحة و الموجهة للجامعات على انها لا تطور برامجها تماشيا  مع تطور سوق العمل.  لذلك، فكيف للجامعة ان تطور و تستحدث برامج لا يتوافر لخريجيها فرص للعمل، ان ذلك الامر سيزيد الطين بلة، حيث ان الباعث الحقيقي للتطوير يجب ان يكمن في تلبية حاجات المجتمع من الكفاءات الحقيقية التي تعنى بالإدارة و التشغيل لمؤسساته و ليس المساهمة في زيادة العاطلين.

ثانيا: بافتراض ان الامر وجوبيا نحو التطوير، فكيف لهذه الجامعة ان تطور ادائها في غيبة من التخطيط و النظرة المحدودة لإدارتها نحو استشراق المستقبل في ظل عدم توافر الدعم الكاف لتفعيل منظومة ادارة الجودة الشاملة و التميز بها؟ ، و كيف للمنظومة الجامعية ان تعمل دون تنسيق مسبق بين الوزارات المعنية بالتعليم قبل الجامعي و التخطيط و الاستثمار والتوظيف لتوفير توزيع مدروس للاحتياجات الفعلية في عدد و نوعية التخصصات المطلوبة خلال فترة زمنية محددة تماشيًا مع احتياجات المجتمع الحالية والمستقبلية؟.

ثالثا: هل استيراد الانظمة التعليمية الخارجية هو الحل في عملية التطوير؟ للأسف الاجابة  و بكل تأكيد منفية تماما، لان الجامعة المصرية تمتلك العديد من المفكرين و المبدعين و المخططين و اهل الخبرة في وضع الانظمة و الاستراتيجيات التعليمية، و يستطيعوا ان يقوموا بذلك حال توافر المقومات الداعمة للاستعانة بهم.  

رابعا: لا يمكن لمؤسسة ما ان تتطور الا اذا توفرت لها متطلباتها من الموارد المادية والمالية و التشريعية على نحو يتلاءم مع قيامها بأنشطتها و وظائفها و مهامها المرجوة بكفاءة و فاعلية. لذلك علينا ان نتساءل فيما بيننا حول هل هذا متحقق فعلا، و اذا كان متحقق فعلى أي درجة او مستوى هو يكون؟ 

خامسا: من المؤكد أن كل جامعة بل كل نظام تعليمي يسعى إلى أن تكون إدارته على أحسن وجه ، ينعكس اثر نتائجها في المجتمع المحيط من خلال التقدم الملموس على المستوى الفكري والمادي والقيمي ، وهنا يمكن القول بأن أي تحسن في صورة المجتمع ككل إنما يرجع إلى مدى الالتزام الإداري بمعايير الإدارة واقصد بتلك المعايير أن نحسن اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب ، وبالتالي يحسن اختيار فرق العمل التي تعمل الى جانبه ويعمل هو من أجل تيسير فرص التميز لكل من يعمل الى جواره. ترى هل منحت الجامعة تلك الفرصة في اختيار الاكفاء ممن يقومون بهذا؟.

اذن علينا قبل ان نوجه النقد المبرح الى هذه المؤسسة ضرورة ان نعيد النظر بسرعة في رؤيتنا للتعليم العالي و أهدافه و المستهدف منه في اطار رؤية وطنية تعبئ لها كل الطاقات و توفر لها كل الاحتياجات و ان تحظى بالرعاية الكاملة ليست فقط من قبل القيادة السياسية و انما من جانب المجتمع بمؤسساته المختلفة باعتبار ان التعليم العالي هو قاطرة التنمية الشاملة و ان غيابة سوف يساهم بجدية في تخلف الامه.

 

حمى الله مصر و جامعاتها.   

*كاتب المقال

اد/ احمد الخطيب - استاذ بجامعة سوهاج