الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
من هنا وهناك

بالمستندات| فضيحة الاستيلاء على المال العام تُزلزل وزارة الإسكان

الأحد 28/فبراير/2016 - 11:45 م
السبورة

رغم إعلان القيادة السياسية في أكثر من مناسبة عن أن حربهاضد الفساد لن تتوقف في جميع مؤسسات الدولة وحتى يتم القضاء علية إلا انه لا يزال يطل علينا في عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية.

حيث حصلت «السبورة» على مستندات خطيرة تكشف أن وزير الإسكان الحالى الدكتور مصطفى مدبولى ونائبه وسبعة آخرين من قيادات الهيئة العامة للتخطيط العمرانى ووزارة المالية متورطون فى فضيحة دارت تفاصيلها وقت أن كان الوزير يشغل منصب رئيس الهيئة العامة للتخطيط العمرانى، المسؤولة عن بناء المدن الجديدة والمجتمعات والتخطيط العمرانى، إذ تعرضت الهيئة وفق المستندات تحت قيادته إلى بوابة لهدر وسرقة الملايين، وهى المخالفات التى وضعت النيابة الإدارية يدها عليها وفتحت تحقيقات موسعة بشأنها.

المثير أنه عندما أشارت التحقيقات إلى تورط مدبولى فى الاستيلاء على المال العام واستغلال النفوذ وتبديد موارد الدولة، وجاءت ساعة الحساب، غُلَّت يد النيابة عن استدعائه وسؤاله لكونه وزيرا، فلم تجد أمامها سوى إرسال ملف القضية بالكامل إلى مكتب رئيس الوزراء فى العام الماضى، وحتى تلك اللحظة لم يتخذ المهندس محلب أى قرار بشأنه.


مدبولى و7 من مسؤولى المالية صرفوا 27 مليون جنيه مكافآت وبدلات نظير لجان وهمية للعاملين بالهيئة من بند الأبحاث والدراسات

 

كشفت تحقيقات النيابة الإدارية فى القضية رقم 123 لسنة 2011 مكتب فنى رئيس الهيئة للتحقيقات والفحوص عن بعض قضايا ومخالفات الفساد فى الهيئة العامة للتخطيط العمرانى، التى كان يتولى إدارتها الدكتور مصطفى مدبولى فى ذلك الوقت.. بعضها كان فى صورة إهدار 27 مليون جنيه كمكافآت وبدلات جلسات لجان وهمية، حسب تأكيد محمد كمال على عبد الله، المفتش المالى بالإدارة المركزية للتفتيش المالى بوزارة المالية أمام النيابة الإدارية، الذى نقلت التحقيقات على لسانه أن الدكتور مصطفى مدبولى أساء استخدام السلطة، إذ كوّن 26 لجنة بجانب 20 لجنة مشكّلة بقرارات وزارية ليكون المجموع 46 لجنة بتسميات ووظائف مختلفة، تضم عشرات من العاملين من المحظوظين والمقربين لرئيس الهيئة ونائبه، إذ كشفت التحقيقات أن تلك اللجان لا فائدة منها وأن «مدبولى» أساء استخدام السلطة وصرف أموالا طائلة على تلك اللجان تصل إلى 27 مليون جنيه مقابل حضور جلسات تصل إلى 5 جلسات شهريا، فى حين أن حاجة العمل لا تتطلب ذلك إذ كان يمكن إنجاز المهام الموكلة إليها وما تم إنجازه فعليا فى جلسة واحدة أو جلستين على الأكثر، حسب تحقيقات النيابة.

وقد اشترك معه فى تلك المخالفات، وفق محمد كمال، مدير عام الشؤون المالية والإدارية ومندوب وزارة المالية مصطفى البطاوى، وأشارت التحقيقات إلى أن مبلغ الـ27 مليون جنيه الذى تم صرفه لأعضاء تلك اللجان، اقتطع من بند الأبحاث والدراسات بالمخالفة للقانون.

مدبولى يصرف مليونًا و400 ألف جنيه مكافآت لنفسه

 

كما أكد عمرو محمد عبد المنعم، مراقب حسابات بإدارة مراقبة حسابات التخطيط العمرانى والمكلف من قبل الجهاز المركزى للمحاسبات لإعداد تقرير لتلك المخالفات أمام النيابة، أن مصطفى مدبولى رئيس الهيئة وقتها أصدر قرارا بصرف مكافأة لنفسه دون وجه حق بلغت مليونًا و400 ألف جنيه باعتباره المشرف العام على المشروعات الإنمائية للأمم المتحدة وللعاملين بتلك المشروعات، بالمخالفة للاتفاقيات الخاصة بذلك، التى تحظر صرف أى مبالغ تحت أى اسم عن الصرف على تنفيذ المشروعات والدراسات، وكذلك تلزم رئيس الهيئة بالالتزام بأحكام الاتفاقيات المنظمة لذلك.

التحايل لصرف مكافأة إنجاز المشروعات

 

وبسؤال عادل السيد عضو الجهاز المركزى للمحاسبات كشف أمام النيابة الإدارية أن هيئة التخطيط العمرانى قامت بصرف مبلغ مليون و140 ألف جنيه للعاملين بالهيئة تحت بند تحقيق الخطة المستهدفة بنسبة 100%، فقد ثبت أن نسبة الإنجاز 59% فقط وأن قيادات الإدارة المركزية للتخطيط والمتابعة بوزارة الإسكان هى التى قامت بالضغط على وزارة الإسكان للموافقة على صرف تلك المكافآت، بالمخالفة للقرار الوزارى الذى يتضمن أن يكون الصرف فقط عند تحقيق نسبة 100%.

مليون و100 ألف جنيه مقابل العطلات الرسمية

 

كما تبين من تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات الذى تسلمته النيابة أن رئيس هيئة التخطيط العمرانى حينها (مدبولى)، قام بصرف أجر شهر كامل للعاملين بمكتبه مقابل أيام العطلات الرسمية، وتم تعميم ذلك القرار على جميع العاملين بالهيئة وصرف مبلغ مليون و100 ألف جنيه تحت اسم مكافأة العطلات، وذلك بالمخالفة لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة، والمتضمن صرف أجر يوم مضاعف فى تلك الحالة، وأن القرار الوزارى صادر بصرف أجر شهر للعاملين بمكتب رئيس الهيئة عن عملهم بالعطلات الرسمية خاص بالمذكورين ولا يجب تعميمه.

مكافآت مزدوجة على ذات العمل

 

تحقيقات النيابة فى مخالفات رئيس الهيئة كشفت أيضا عن وجود ازدواج فى الصرف للعاملين بمشروع «آليات المخطط الاستراتيجى بعيد المدى» و«مشروع مدن الجمهورية»، إذ تم صرف مليون و500 ألف جنيه (بدلات لجان ومكافآت) عن ذات الأعمال، ما يعد ازدواجا فى الصرف، بالمخالفة للقرار الوزارى رقم 116 لسنة 200 الذى يحظر صرف بدلات للجان فى حالة الحصول على أى مبالغ تحت أى تسمية عن ذات العمل، وثبت أن رئيس الهيئة مصطفى مدبولى هو من أصدر تلك القرارات، كما تبين للنيابة الإدارية أن الهيئة قامت بصرف مليون و400 ألف جنيه فى صورة مكافآت الإشراف على تنفيذ المشروعات المتعاقد عليها ضمن اتفاقيات البرنامج الإنمائية من الأمم المتحدة والبرنامج الإئنمائى للمستوطنات البشرية بالمخالفة لنصوص تلك الاتفاقية التى تحظر صرف أى مبالغ تحت أى تسمية «مكافأة إشراف»، فضلا عن عدم تقديم المذاكرات الخاصة بالأعمال التى تم إنجازها والتى تم الصرف وفقًا لها.

رئيس الهيئة يصرف أموال المخططات على منح الأعياد

 

وفقا للتحقيقات لم يبخل رئيس الهيئة الدكتور مصطفى مدبولى على العاملين بالهيئة بصرف منحتَى عيد الأضحى والمولد النبوى من مخصص للصرف على المخططات، غير الواردة بخطة الهيئة، وقد بلغ إجمالى المبلغ 287 ألف جنيه، فى مخالفة جديدة للقوانين والاشتراطات وحدود سلطته.

مليون و284 ألف جنيه للمحظوظين فى "الأعلى للتخطيط"

 

وكشفت التحقيقات التى باشرتها النيابة الإدارية أن العاملين بالأمانة الفنية بالمجلس الأعلى للتخطيط كان لهم نصيب من تلك الأموال التى توزع دون مراقبة، إذ تم صرف مبلغ مليون و284 ألف جنيه «إثابات للعاملين» بالأمانة الفنية بالمجلس الأعلى للتخطيط، دون بيان «الأعمال المنجزة»، وأن تلك الموافقة تمت بقرار من الدكتور أيمن الحفناوى، نائب رئيس مجلس الإدارة للبحوث والدراسات.

مجلس الوزراء له نصيب فى المكافآت

كما تبين للنيابة وبناء على تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات أن خمسة من العاملين برئاسة مجلس الوزراء تم صرف 68100 ألف جنيه لهم بموجب قرارات رئيس مجلس إدارة الهيئة للتخطيط العمرانى دون بيان الأعمال المقدمة منهم والتى تم على أساسها الصرف، وأن ذلك كان بموجب مذكرات معدة بمعرفة أيمن الحفناوى، نائب رئيس الهيئة.

وكانت المفاجأة التى تمثلت فى ما جاء فى تقرير المركزى للمحاسبات المقدم للنيابة وهو أنه لا يوجد تخطيط إقليمى واحد تم إعداده لجمهورية مصر العربية على الرغم من أن الجهاز يسمى «الهيئة العامة للتخطيط العمرانى».

مخالفات بالجملة للقانون

ونسبت النيابة إلى عدد من المتهمين فى القضية ارتكاب مخالفات مالية وإدارية بالمواد 76/1 و77/1 و2و3 و78/1 و80 و82 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر برقم 47 لسنة 78 وتعديلاته.

وقالت النيابة فى لائحة اتهامهم إنهم فى غضون الفترة من 2008 حتى 2011 وبوصفهم السابق وبدائرة عملهم المشار إليها لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وخالفوا القواعد المالية والأحكام الخاصة بضبط الرقابة على تنفيذ الموازنة العامة، وذلك بأن:

الأول: بوصفه المختص بالإشراف على كل الأعمال المالية بالهيئة سالفة الذكر.

1- وافق على صرف مبلغ 18 مليون جنيه العام المالى 2008/ 2009 ومبلغ 21 مليون جنيه خلال العام المالى 2009/ 2010 ومبلغ 27.8 مليون جنيه خلال العام المالى 2010/ 2011 قيمة مكافآت وإثابات لجان العمل بالهيئة خصمًا من بند الأبحاث والدراسات -بالباب السادس- دون الحصول على موافقة الجهات المختصة وبالمخالفة لما تقضى به التأشيرات العامة للموازنة العامة للدولة، وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.

2- قام بالعرض بشأن الموافقة على صرف مبلغ 287327 جنيهًا منحًا للعاملين بالهيئة من أموال الحساب الخاص العام المالى 2010/ 2011 حال أن ذلك الحساب غير مخصص لذلك الغرض وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.

الثانى: بصفته المشار إليها اشترك مع المخالف الأول فى ارتكاب المخالفة المشار إليها فى البند الأول بأنه قام بالتوقيع على الشيكات الخاصة بصرف تلك المبالغ توقيع أول، وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.

الثالث: بصفته المشار إليها اشترك مع المخالف الأول فى اقتراف المخالفة المشار إليها فى البند الأول بأن قام بتسميح بند الصرف، وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.

الرابع والخامس والسادس: سمحوا للمختصين بالهيئة سالفة الذكر بصرف المبالغ المالية المشار إليها واعتمدوا استمارات الصرف والتوقيع على الشيكات رغم عدم وجود موافقة للجهات المختصة بالمخالفة لما تقضى به التأشيرات العامة للموازنة العامة للدولة، وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.

السابع: اعتمد الحساب الختامى للهيئة سالفة الذكر عن الأعوام المالية السالف بيانها حال تضمنها صرف مبالغ مالية كمكافآت وإثابات للجان العمل خضمًا من بند الأبحاث والدراسات، رغم أن ذلك البند غير مخصص لذلك ورغم عدم وجود الموافقات اللازمة وعلى النحو المبين بالأوراق.

كما تقرر:

- إحالة المخالفين المذكورين للمحاكمة التأديبية برقم مسلسل 8 لسنة 57 ق-ع قضائية عليا.

- النيابة تخاطب رئيس الوزراء لمحاسبة وزير الإسكان.

إخطار السيد المهندس/ رئيس مجلس الوزراء بصورة مذكرة رفق الشكوى محل التحقيق لاتخاذ اللازم بشأن ما أثير بالأوراق قبل الدكتور/ مصطفى كمال مدبولى وزير الإسكان وعلى النحو الموضح بالأوراق. رابعًا: إرسال صورة من مذكرة التصرف للسيد الدكتور/ مدير المركز القومى لبحوث الإسكان والبناء لأعمال شؤونه حيال ما أثير بالأوراق قبل الدكتور/ أيمن كامل إبراهيم الحفناوى من مسؤوليات تأديبية بشأن المخالفات المبينة بهذه المذكرة.

 

من خلال التحقيقات التى أجرتها النيابة وجهت إلى رئيس هيئة التخطيط السابق ووزير الإسكان الحالى الدكتور مصطفى مدبولى عدة اتهامات ثبت تورطه فيها، منها:

1-  إساءة استخدام السلطة المقررة فى تشكيل لجان العمل بالهيئة.

2- المــوافقــة علــى صــرف مكــافآت وإثــابات لجان العمل خصمًا من بند الأبحاث والدراسات دون الحصول على الموافقات المقررة وفقًا للتأشيرات العامة للموازنة العامة للدولة.

3- الموافقة على صرف مبلغ 426.465 ألف جنيه مكافآت للعاملين بلجان العمل بالهيئة المشكلة بالقرارين رقمى 244 لسنة 2006، 110 لسنة 2007 العام المالى 2010/ 2011 حال تقاضيهم البدل المقرر لذلك.

4- الموافقة على صرف مبلغ 191017 جنيها مكافأة للعاملين بالهيئة عن عملهم بالعطلات الرسمية العام المالى 2010/ 2011 بالمخالفة لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر برقم 47 لسنة 78 وتعديلاته.

5- الموافقة على صرف مبلغ 1.4 مليون جنيه لشخصه وللعاملين بالمشروعات الإنمائية التابعة للأمم المتحدة للعام المالى 2010/ 2011 بالمخالفة لنصوص الاتفاقيات المبرمة والتى تحظر ذلك.

6- قعوده عن اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال اعتماد اللائحة المالية للهيئة والصادرة عن مجلس الإدارة بتاريخ 15/ 6/ 2010، 20/ 7/ 2010.

7- قعوده عن العرض على السيد وزير الإسكان للحصول على التفويض اللازم للتعاقد مع الخبراء والاستشاريين بالأمر المباشر حال تجاوز قيمة العقود مبلغ خمسين ألف جنيه العام المالى 2010/ 2011، كما أضافت النيابة فى تقريرها النهائى أنه إزاء ما ثبت من الأوراق والتحقيقات أن المذكور كان يعمل بوظيفة أستاذ باحث بالمركز القومى لبحوث الإسكان والبناء وأنه يعمل حاليًّا وزيرًا للإسكان بموجب القرار الجمهورى رقم 72 لسنة 2014 مما يخرجه عن ولاية هذه النيابة، الأمر الذى نرى معه والحال كذلك الوقوف بالإجراءات قبل المذكور عند هذا الحد وإخطار رئاسة مجلس الوزراء بصورة من هذه المذكرة لإعمال ما يلزم بخصوص ما نسب للمذكور بشأن تلك الواقعات لانحسار ولاية النيابة عنه.