في مصر .. هل للبحثِ العلمي أخلاقياتٌ؟
البحث العلمي كَدٌ وتعبٌ وأمانةٌ ونشرٌ في مجلات علمية ومؤتمرات حقيقية، لا فهلوة ولا أونطة ولا تدليس ولا هٓزل؛ البحث العلمي سياسة دولة وثقافة أفراد. لا يمكن أن ينهض البحث العلمي إذا كانت الدولة لا تقدر قيمته، لا يمكن أن يقوم إذا كان المسؤولون على أعلى المستويات لا يفهمون معناه، إذا وُضِعوا في مناصبهم دون تدقيقٍ حقيقي في إمكاناتِهم وسلوكياتِهم. لا تنهضُ دولةٌ إذا كانت ترقيةُ أعضاء هيئة التدريس بالجامعات تتمُ بالتربيطاتِ والأبحاثِ الوهميةِ، بالواسطة والكوسة.
كتبتُ كثيرًا عن مثالبِ أداءِ اللجانِ العلميةِ لترقياتِ أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ بالجامعاتِ وعوارِ القواعد التي تعملُ بها، عن تحٓولِها في أحيان كثيرة الى نقاباتٍ مهنية يُدافع أعضاؤها عن متقدمي جامعاتِهم ولو تواضعٓ مستواهُم، عن قواعدِ عملِها التي تسمحُ باعتبار النشرِ في مؤتمراتٍ وهميةٍ نشرًا علميًا، عن تدخل المجلس الأعلى للجامعات بإلغاءِ قراراتِها الرافضةِ لترقياتِ بعض من تقدموا بأبحاثٍ دون المستوى.
للجانِ العلمية عيوبُها، وهي كثيرةٌ، لكن ليس من بينها الأخونة كما تُردد بعض الكتابات ذات الهوى عاشقة الظهور. وإذا المجلس الأعلى للجامعات يقبلُ بترقيةِ من هم دون المستوى، فكيف يؤتمن على البحثِ العلمي في مصر من يفتقدون أخلاقياتِه وأساسياتِه وقد حصلوا على ترقياتٍ لا يستحقونها؟ كيف يؤتمن من يشغلون مناصبًا متصلةً بالبحث العلمي وهم دون المستوى العلمي وأحيانا مع كل الاسف السلوكي؟ كيف يقبلُ وزير التعليم العالي أن تُنعٓت اللجان العلمية في صحفٍ بعينها بأنها لجان الندامة إلا إذا كان ما يُكتب مُباركًا منه؟ هل تدل هذه الالفاظ السوقية على مناخٍ علمي حقيقي على مستوى الدولة؟ ومن هي بطانةُ الوزيرِ وكيف وممن يُشكلُ لجانٓ وزارةِ التعليم العالي؟ هل ستَظلُ الوجوهُ المؤبدةُ مُسيطرةٌ على الوزارةِ وعلى المجلس الأعلى للجامعاتِ؟ هل يٓفهمُ أعضاءُ المجلس الأعلى للجامعات اكثر من أعضاءِ اللجانِ العلمية؟ وبأيةِ إمارةٍ؟ ثم، تساؤلٌ لا بدٓ منه، هل وزير التعليمِ العالي على عداءٍ مع اللجانِ العلميةِ للترقياتِ؟ ولماذا؟
لقد تقدمت للسيد وزير التعليم العالي باعتذارٍ عن الاستمرار في عضوية وأمانة اللجنة العلمية التي أنتمي إليها وذلك في السادس من يناير ٢٠١٦ اعتراضًا على تدخل المجلس الأعلى الجامعاتِ بالغاءِ قرارات اللجنةِ العلميةِ برفض ترقيةِ من نشروا ما هو دون المستوى، لكن لا اللجنة مؤَخونة ولا هي لجنة ندامة.
عيب على أي مسؤولٍ أن تكونٓ هذه الممارساتُ والألفاظُ بإسم البحث العلمي.
* كاتب المقال
ا. د/ حسام محمود أحمد فهمي - أستاذ هندسة الحاسبات بجامعة عين شمس
albahary.blogspot.com - Twitter:@albahary