جامعة عين شمس تناقش "مستقبل البترول فى ظل التغيرات المناخية"
إنطلاقاً من إدراك جامعة عين شمس بأهمية الطاقة فى حياتنا المعاصرة وما يستوجب ذلك من العمل على التوعية فى مجال ترشيد الأستهلاك والعمل على إيجاد مصادر بديلة خاصة فى ظل حرص العالم على تنمية الثروات الهيدروكربونية للصناعات التحويلية بغرض تعظيم القيمة المضافة نظمت الجامعة ندوة بعنوان "مستقبل البترول والطاقة فى ظل التغيرات المناخية " بالتعاون مع وزارت الكهرباء والطاقة المتجددة والبترول والثروة المعدنية و مؤسسة نيوبلانت العالمية.
بحضور أ.د حسين عيسى رئيس جامعة عين شمس السابق، المهندس أسامه كمال وزير البترول الأسبق، الكيميائى سامى الجندى رئيس مجلس إدارة مؤسسة نيو بلانت، د. محمد عبد المنعم رئيس قطاع الإدارة البيئية بجهاز شئون البيئة و عدد من أعضاء هيئة التدريس والعاملين بقطاع الكهرباء و البترول و الثروة المعدنية.
حيث أكد أ.د حسين عيسي رئيس جامعة عين شمس السابق وعضو مجلس الشعب أن قضية دعم الطاقة فرضت لنفسها علي أجندة متخذى القرار نظرا للظروف الحرجة التي تمر بها مصر مع تداعيات عجز الموازنة العامة المتزايد مشيراً إلي أن جذور ملف دعم الطاقة ترجع إلي عام 2004 /2005 حيث كان دعم منتجات الطاقة يمثل دعماً ضمنياً لايظهر في الموازنة العامة للدولة وإنما يعالج محاسبيا في القوائم المالية لهيئة الكهرباء والهيئة العامة للبترول ثم قامت الحكومة لإظهاره بالموازنة العامة كدعم صريح ابتداء من عام 2005/2006 .
لتبين أن الاستمرار في هذا النظام ذو تكلفة اقتصادية واجتماعية كبيرة وذلك إذا تمت مقارنته بما ينفق علي دعم التعليم أو الصحة، وفي ذات الوقت فإن مشكلة الديون المتراكمة والمتشابكة بين قطاعات الدولة وقطاع الطاقة من جهة وبين الهيئات العامة والموازنة العامة للدولة والشركاء الاجانب من جهة أخري أصبحت تمثل تهديدا حقيقيا لتأمين احتياجات مصر من الطاقة كما تشكل عبئا متزايدا علي الموازنة العامة للدولة ومن ثم فإن معالجة مشكلة دعم الطاقة لابد وأن يأتي في سياق سياسة متكاملة تتناول كافة الأبعاد.
وأضاف أ.د حسين عيسى أن من المعروف ان الوقود البترولي سلعة غير متجددة وقابلة للنضوب، وتشير كافة الدراسات العملية علي قطاع الطاقة في مصر أن مستوى الكفاءة الحالية في إنتاج واستهلاك الطاقة لم يصل بعد إلى المستوى المقبول، وبالتالي فإن هناك تحدى واضح يتمثل في تطوير فرص استخدام أكثر كفاءة في معظم القطاعات الاقتصادية مع الاعتراف بوجود معوقات تواجه تحقيق ذلك مثل: نقص القدرة على الوصول إلى التكنولوجيات المطلوبة وبناء القدرات، ونقص الموارد المالية بالإضافة إلى القضايا المؤسسية والمسائل المتعلقة بالسوق ، مطالبا بتوصيات ومناقشات المؤتمر لعرضها على لجنة الطاقة بمجلس الشعب.
وأشار
المهندس أسامه كمال وزير البترول الأسبق ورئيس الندوة
أنه من الممكن إصلاح قطاع الطاقة في مصر بالاعتماد علي جناحي السوق وهما
العرض والطلب، حيث أن إصلاح جانب بدون آخر سيحد من كفاءة عمليات الإصلاح.
ويتمثل جانب العرض في الحكومة بوجه عام ووزارة البترول والكهرباء خاصة
والهيئات والشركات التابعين لهما، حيث انهما المخوليين
بإنتاج وادارة شئون البترول والكهرباء. ويتمثل جانب الطلب في المستهلكين
والمستفيدين من المواد البترولية والكهرباء ويتركز قطاع المستهلكين في
القطاع العائلي وهو الاستخدام المنزلي والسيارات ، والقطاع الخاص الاقتصادي
سواء كانت محلات تجارية او مصانع. بالاضافة الي
الوحدات الحكومية والقطاع العام.
واوضحت أ.د سوزان القلينى عميدة كلية الاداب بجامعة عين شمس ومقرر الندوة أن حماية البيئة والمناخ على المستوى العالمي تعد من أهم تحديات القرن الواحد والعشرين ، مشيرة ان هذه الندوة تأتى إنطلاقاً من مبادرتى السيد رئيس الجمهورية للطاقة المتجددة فى افريقيا والتكيف مع التغيرات المناخية ، اللتين تم إطلاقهما في اجتماع لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة المعنية بتغير المناخ، الذي عُقد على هامش اجتماعات الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.
وأضافت أن هذا التوجه لاقى صدى فى المجتمع الدولى وظهرت آثاره الايجابية فى مؤتمر باريس للمناخ 2015والذى يُعرف رسمياً بأنه المؤتمر الحادى والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ ، ودعا فيه الأمين العام للأمم المتحدة المجتمع المدنى باعتباره ضمير العالم لتحميل حكوماته المسئولية للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى وتعزيز الاستثمارات فى الاجراءات المناخية للمدن.
وأشارت أ.د سوزان القلينى أنه لابد من ان نقر جميعاً أن الجدل حول هذا الموضوع لم ينتهى ، حقيقة أن النظام المناخى يتغير وهذه التغيرات المناخية نتيجة طبيعية للنشاط البشرى ومن هنا ينبغى العمل على الحد من التغيرات المناخية ، والنظر فى ما يترتب عليها من تغير خريطة العالم الصناعية والزراعية وكافة الأنشطة البشرية ، وأن الكمية الضخمة التي نستخرجها يومياً لتأمين الحاجة من الوقود تساهم في تغير المناخ وتلوث الهواء وكل شيء يحيط بنا ، وأن المشاكل التى نواجهها حول هذا الموضوع كثيرة ومتشابكة فالطاقة وتوفيرها أمر ضرورى والمناخ وتغيره أيضاً أمر ضرورى ولا يمكن أن نستغى عن أيهما بالآخر ، فبقدر ارتفاع الطلب على الطاقة كانت الحاجة إلى حرق المزيد من الوقود مما أدى إلى ارتفاع حرارة الكوكب بسرعة لا سابقة لها في تاريخ البشرية. ومن هنا كانت تصرفات الانسان واحتياجاته هى السبب الأساسى فى التغيرات المناخية والتى تمثل التحدى الأكبر الذى تواجهه السياسات البيئية فى القرن الواحد والعشرين ،ولكن بتضافر كافة الجهود المختلفة للمنظمات والهيئات والحكومات والمجتمع المدنى والقطاع الخاص نستطيع أن نحقق هذا الحلم الذى يراودنا فى بيئة نظيفة وطاقة آمنة، فكيف نتصرف بهذا المنطق المضاد لطبيعتنا البشرية ، مؤكدة اننا نحتاج إلى تغيير نمط حياتنا فالأمر لا يقتصر علينا فقط بل يشمل جميع الكائنات الحية على وجه هذا الكوكب وأن علينا نستخدم الطاقة الطبيعية والمتجددة وأن نعتمد عليها كمصادر للطاقة بدلاً من الوقود التقليدى الذى نستخرجه من باطن الأرض ، وبإمكاننا جعل المصادر الطبيعية والمتجددة هى المصدر البديل للطاقة.
واوضح الكيميائى سامى الجندى رئيس مجلس إدارة مؤسسة نيو بلانت و سكرتير عام الندوة أن الطاقة تلعب دورا هاما في تنمية وثراء الدول منذ الثورة الصناعية وقبل أكثر من قرنين من الزمان. بداية من إكتشاف الفحم بكميات كبيرة ومن بعده النفط السائل. كما كان لتواجد هذه السلعة في أراضي الدول الكبرى أهم الأثر في تسلط وإستقواء وإستعمار هذه الدول لباقي دول العالم التي لم يتيسر لها نفس الحال ، ومن ثم تضخمت ثروات الدول الكبرى وإرتفع مستوى معيشة مواطنيها بينما إزدادت دول العالم الثالث فقرا وجهلا من جراء إستعمار الدول الكبرى لأراضيها ونهب ثرواتها. إلى أن جاء دور النفط وتبين أن هناك مخزون هائل من هذه السلعة الهامة التي غَيَّرت تاريخ البشرية إيجابا وسلبا وتسببت في صعود وهبوط دولاً بعينها وكان السبب في المقام الأول هو قدر تحكمها في الطاقة والتفضل بالمنح والمنع لهذه السلعة لدول العالم في تنافس شرس لم يرى تاريخ البشرية مثلها منذ حروب القرون الوسطى والعالمية في القرن العشرين.
واضاف أنه ظهر عهد جديد في عالم النفط بمكونات جديدة لعب فيها الساسة والإقتصاديون والعلم أدوار مختلفة بغرض السيطرة على هذه السلعة الإستراتيجية الهامة كما قامت حروب ضارية وأسقطت حكومات إلى آخر قائمة كبيرة لإضطرابات كثيرة إجتاحت العالم. وتطورت أسعار البترول صعودا وهبوطا إلى مستويات كبيرة وعلى فترات قصيرة مما أدى إلى تغيرات إقتصادية وجيوسياسية لم يتوقعها أعتى الخبراء ،وفي خضم كل هذا، تبين أن الوقود الأحفوري الذي تتصارع عليه كافة الدول يهدد كوكب الأرض بالفناء، وإذا لم نتخلص منه بأسرع وقت ممكن سيصبح سبب تطورهذا العالم مؤدى إلى دماره.
وفسر د. محمد عبد المنعم فاروق رئيس قطاع الإدارة البيئية بجهاز شئون البيئة أن الطاقة والتغير المناخي ظاهرة تحدث بشكل طبيعي حيث ان اشعة الشمس القادمة الى الأرض تسخنها وينتج عنها أشعة تحت الحمراء لا تنفذ بشكل كامل خارج الغلاف الجوي بسبب تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي والتي يكون مصدرها البراكين ونتيجة لتدخل الانسان والثورة الصناعية زادت تركيزات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، فازداد معها الاحتباس الحراري، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض وذوبان جليد القطبين مسببا ارتفاع في مستوي سطح البحر.
وأضاف د. محمد عبدالمنعم أن ترشيد استهلاك الطاقة من أهم وسائل التخفيف من إصدارات غازات الدفيئة (الوقاية خير من العلاج) وتوجد مجالات هامة للحد من استهلاك الطاقة، ويتعلق استهلاك الطاقة بالسعر الذي تؤمن فيه للجمهور ، يجب أن يعتمد التسعير على مبدأ الحفاظ على الطاقة، ومنع الهدر، ومعاقبة المبذر ،ويعني هذا تأمين الحد الأدنى من الطاقة لقطاعات واسعة من الناس، وزيادة سعرها مع ارتفاع نسب الاستهلاك ، ويتطلب هذا توعية الناس بأهمية ترشيد الطاقة للأسباب الاقتصادية والبيئية.
ناقشت الندوة العديد من الموضوعات منها دور البترول والغاز فى مجال الطاقة النظيفة، علاقة الطاقة بالإقتصاد القومي، دور البحث العلمي فى مجال مستقبل الطاقة والبدائل والترشيد، مصادر الطاقة والطاقة المتجددة و طرح البدائل، دور الإعلام فى مجال التوعية وترشيد الطاقة وعلاقة الطاقة بوسائل المحافظة على البيئة والإحتباس الحراري فى ظل التغيرات المناخية