مظاهرات وإضــ..راب طلابي في الجزائر احتجاجًا على البرامج الدراسية المكثفة
احتجاجات الجزائر .. في خطوة غير متوقعة، قرر تلاميذ المراحل التعليمية الثلاث (الابتدائي، المتوسط، والثانوي) في الجزائر مقاطعة الدراسة، وذلك احتجاجًا على ما وصفوه بثقل البرنامج الدراسي وكثافة ساعات الدراسة.
وقد جاءت هذه الحركة بعد دعوات انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تجمع الآلاف من التلاميذ في مسيرات احتجاجية في مختلف مناطق البلاد.
وقد تزامن هذا التحرك مع توترات في العديد من المؤسسات التعليمية، إذ رفض التلاميذ الالتحاق بمقاعدهم الدراسية، بينما خرج آخرون للتظاهر في الشوارع.
وقد لاقى هذا التحرك دعمًا واسعًا من بعض الأوساط الشعبية، في الوقت الذي استنكر فيه آخرون هذه التحركات. ففي الوقت الذي عبّر فيه العديد من التلاميذ عن استيائهم من كثافة المناهج الدراسية والضغط الكبير الملقى على عاتقهم، أصدرت فئات من المجتمع التربوي، بما في ذلك أولياء التلاميذ، بيانات منددة بهذه الاحتجاجات.
ورأى البعض أن ما يحدث هو محاولة لإضعاف النظام التعليمي الوطني.
أسباب احتجاجات
تعددت الأسباب التي دفعت التلاميذ إلى هذا التحرك، ومن أبرزها الثقل الكبير للبرنامج الدراسي الذي يتطلب منهم ساعات طويلة من الدراسة والتحصيل، ما يؤثر على صحتهم النفسية والجسدية.
كما أشار المحتجون إلى ما وصفوه بغياب التوازن بين عدد المواد الدراسية والساعات المخصصة لها، ما يجعل من الصعب على التلاميذ التوفيق بين الدراسة والأنشطة الحياتية الأخرى.
أحد القرارات التي ساهمت في زيادة التوتر كان قرار وزارة التربية الوطنية الأخير بمنع الدروس الخصوصية في مؤسسات تعليم اللغات.
وهو ما اعتبره البعض بمثابة تكثيف الضغوط على التلاميذ، حيث كانت هذه الدروس تشكل متنفسًا لهم لتحقيق نتائج أفضل في المواد الدراسية.
وقد لاقى هذا القرار انتقادات واسعة من قبل بعض الأوساط التعليمية التي اعتبرت أن منع الدروس الخصوصية سيزيد من عبء المنهاج الدراسي، ويُفقد التلاميذ الفرصة للاستفادة من الدعم الذي كانوا يتلقونه خارج أوقات الدراسة الرسمية.
ردود الفعل والانتقادات
على الرغم من أن الاحتجاجات لاقت تعاطفًا من بعض الأوساط الشعبية، إلا أن هذا التحرك أثار ردود فعل سلبية من جانب بعض الجهات الفاعلة في النظام التربوي.
فقد أصدرت الفيدرالية الوطنية لجمعيات أولياء التلاميذ بيانًا شديد اللهجة استنكرت فيه المنشورات التحريضية التي دعمت الاحتجاجات.
وأكدت الفيدرالية أن هذه التحركات تهدف إلى تحقيق مصالح ضيقة، غير آخذة في الاعتبار الأبعاد العلمية والتاريخية والاجتماعية التي تسعى المناهج التعليمية إلى تحقيقها.
في السياق نفسه، حذر الاتحاد الوطني لأولياء التلاميذ من خطورة ما وصفه بـ"المخططات الجبانة" التي تستهدف زعزعة استقرار النظام التعليمي في الجزائر.
وأشار الاتحاد إلى أن العديد من الصفحات المجهولة على وسائل التواصل الاجتماعي قد ساهمت في نشر معلومات مغلوطة، وتحريض التلاميذ على اتخاذ مواقف قد تضر بمستقبلهم التعليمي وتؤثر سلبًا على استقرار المؤسسات التربوية.
وقد أضافت الفيدرالية أن حكومة الجزائر تتبنى سياسة منظمة في ما يخص دروس الدعم، بما يتوافق مع الشروط القانونية والصحية، مع التركيز على مصلحة التلاميذ. وأكدت أنه يجب الوقوف بحزم ضد كل ما من شأنه أن يعرقل العملية التعليمية في البلاد.
احتجاجات في الشارع
تجدر الإشارة إلى أن الاحتجاجات لم تقتصر على مقاطعة الدراسة فقط، بل امتدت إلى مسيرات في الشوارع، حيث نظم التلاميذ احتجاجات حاشدة في بعض المدن الجزائر.
وعلى الرغم من أن هذه الاحتجاجات كانت سلمية في معظم الأحيان، إلا أن بعض المناوشات وقعت بين التلاميذ والإداريين في المؤسسات التربوية، مما ساهم في تعميق الهوة بين الجهات المتنازعة. وقد أدت هذه التوترات إلى مواقف متباينة حول مدى شرعية هذه الاحتجاجات وتأثيرها على استقرار النظام التعليمي.
التأثير على المجتمع
تعتبر هذه الاحتجاجات بمثابة مؤشر على تصاعد الإحساس بالضغط لدى التلاميذ في الجزائر. في الوقت الذي يسعى فيه النظام التعليمي إلى تقديم مناهج قوية، تظهر هذه التحركات أن هناك حاجة ماسة إلى مراجعة البرنامج الدراسي ليتماشى مع احتياجات التلاميذ، ويأخذ بعين الاعتبار الصحة النفسية والجسدية لهم.
في المقابل، فإن الاعتماد المتزايد على منصات التواصل الاجتماعي في نشر الدعوات للاحتجاج وخلق حراك شعبي يعكس دور هذه الوسائل في تحفيز التلاميذ على التعبير عن آرائهم وتنظيم احتجاجاتهم بعيدًا عن الأطر الرسمية. وتستمر هذه التطورات في طرح أسئلة حول كيفية التعامل مع هذه التحركات في المستقبل، ومدى تأثيرها على النظام التعليمي الوطني.
الاحتجاجات التي قام بها التلاميذ في الجزائر تسلط الضوء على تحديات كبيرة تواجه النظام التعليمي في البلاد، سواء على مستوى ثقل المناهج الدراسية أو على مستوى القرارات السياسية المتعلقة بتنظيم العملية التعليمية. ورغم أن بعض الأطراف استنكرت هذه التحركات، إلا أنها تشير إلى ضرورة مراجعة سياسات التعليم في الجزائر، من أجل إيجاد حلول توازن بين تحقيق الأهداف التعليمية وضمان صحة وراحة التلاميذ.