الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

شجون جامعية

يومُ جمعةٍ للتاريخِ..انقطاع أنظِمةَ Microsoft

الخميس 25/يوليو/2024 - 07:55 م

اِستيقظَ العالمُ يومَ الجمعة ١٩ يوليو على تعطلِ المطاراتِ والخِدْماتِ الحكوميةِ والمستشفياتِ والبنوكِ وغيرِها من المَرافقِ الحيويةِ. أبلغَت شَرِكاتُ الطيرانِ في معظمِ أنحاءِ العالمِ عن توقفِ رحلاتًها لحين عودةِ خِدْماتِ الإنترنت. اِمتدَ الانِقطاعُ ليشمَلُ أنظِمةَ Microsoft المُزَوَدةَ ببرمجياتِ لشركةِ كراود سترايك CrowdStrike عملاقُ برمجياتِ مُكافحةِ الهَجْماتِ السيبرانية والفيروساتِ، واِِعتُبِرَ عُطلُ خِدْمات الإنترنت الأكبرُ في التاريخ. وقتُها، كانَ الخوفُ كلُه من هجومٍ سيبراني Cyber attack على قواعدِ البياناتِ والمَلَفاتِ الحيويةُ وهو ما يؤدي إلى تلَفِها أو التَجسُسِ عليها أو التعديلِ فيها، ما يَجعلُ الإصلاحَ عسيرًا. 

 

ماهى مشكلة انقطاع أنظمةَ Microsoft؟

إذن، ما هي المشكلةُ؟ بدايةً، CrowdStrike هي شركةٌ أمريكيةٌ أُنشئت عام ٢٠١١ ومقرُها أوستن بولاية تكساس، ويعملُ بها ٨،٥٠٠ موظفٌ ويبلغُ عدَدُ عملائها ٢٤،٠٠٠ من كُبرياتِ الشَرِكاتِ والمؤسساتِ.  أصدَرَ جورج كورتز مؤسسُ الشركةِ ومديرُها التنفيذي بيانًا أوضحَ  فيه أن سببَ الاِنقطاعِ هو عَيبٌ في برمجةِ تحديثِ Update محتوى فالكون Falcon  لأجهزةِ الحاسباتِ التي تعملُ بنظامِ Microsoft Windows، بينما تلك التي تعملُ بأنظمةِ Mac وLinux لم تتأثرْ. إمتدَ تأثيرُ التحديثِ الخاطئ أيضا لمنصةِ Microsoft Azureلخِدماتِ التخزين السحابي وكذلك لمنصةِ Microsoft 365 التي تقدمُ خِدْماتِ الحوسبة السحابية لبرامجِ Word وExcel وPowerPoint وغيرِها. كما أكدَ أن سَببَ العُطلِ لم يكنْ هجومًا سيبرانيًا وشددَ على تفادي تلك الأعطالِ مُستقبلًا. 

 

 

لكن القَولُ أسهلَ من الفِعلِ، إذ بينما يتمُ إصلاحُ العُطلِ بتنزيلِ تحديثٍ سليمٍ، فإن بعضَ الأجهزةِ لا بدَ من تحديثِها يدويًا وهو ما يَستغرقُ وقتًا أطولَ لقِلةِ خبرةِ الموظفين، لذا فإن الشَرِكاتِ عانَت من بُطءِ التَعافي.

 

وفقًا لشركةِ ميكروسوفت أثرَ انقطاعُ خِدْماتِ الإنترنت على ما يُقَدَرُ بنحو ٨.٥ مليون جهاز مُزَودٍ بنظامِ Windows، وهو أقلُ من ١٪؜ من جميعِ أجهزةِ Windows. وعلى الرَغمِ من أن النسبةَ المئويةَ صغيرةً، إلا أن الآثارَ الاقتصاديةَ والمجتمعيةَ ضَخمةٌ.

 

 

كما أعلَنَ موقعُ تَتبُعِ رحلاتِ الطيرانِ فلايت أوير  FlightAware أنه قد أُلغِيَّت في يوم الجمعة ١٩ يوليو  أكثرُ من ٣،٠٠٠ رحلةٍ إلى الولاياتِ المتحدةِ أو خارجِها أو داخلِها، بينما تأخرَت أكثرُ من ١١،٠٠٠ رحلةٍ. أما يوم السبت، فتَمَ إلغاءُ أكثرِ من ٢،٣٠٠ رحلةٍ وتأخرَت أكثرُ من ٦.٠٠٠ رحلةٍ. 

 

 

أمامَ هذه الأزمةِ لجأت شَرِكاتُ الطيرانِ إلى إصدارِ بطاقاتِ الصعودِ إلى الطائرةِ يدويًا. ومع إلغاءِ الرحلاتِ أو تأجيلِها اِضطرَت إلى تقديم بدائلٍ مثل اِستردادِ قيمةِ التذاكرِ أو توفيرِ إقامةٍ لحينِ إصلاحِ العطلِ. كما اِعتمَدت على السبَوراتِ اليدويةِ لإعلامِ الركابِ، وما بيدِهم سوى الصبرِ.

 

 

أما المستشفياتُ فقد اِقتَصَرَت على حالاتِ الطوارئ، مع عدمِ القُدرةِ على الوصولِ إلى السِجلاتِ الطبيةِ الإلكترونيةِ والاِختباراتِ المَعمليةِ والوصفاتِ، ما تسبَبَ في إلغاءِ مواعيدِ المرضى والعملياتِ الجراحيةِ. كما أصابَ اِنقطاعُ خِدْمات الإنترنت البنوكَ والشَرِكاتِ التجاريةِ وشَرِكاتِ الإعلامِ وشَبكاتِ السككِ الحديديةِ والجامعاتِ والمدارسِ. مُجرمو الإنترنت اِستفادوا من الفوضى بالترويجِ لمواقعٍ مُزيَّفةٍ بها برامجٌ ضارةٌ مُصمَمةٌ لاِبتزازِ ضحاياها، وفقًا لتحذيراتِ المُتخَصِصين في الأمنِ السيبراني.

 

لماذا تأثَرَت بعضُ المطاراتِ وشَرِكاتِ والطيرانِ ولم يمتدْ الاِنقطاعُ لأخرى

لكن لماذا تأثَرَت بعضُ المطاراتِ وشَرِكاتِ والطيرانِ ولم يمتدْ الاِنقطاعُ لأخرى؟ أصابَ الإنقطاعُ من اِستخدَموا أنظمةَ Windows ومِنصةِ الخِدماتِ السَحابيةِ Microsoft Azure في إدارةِ أنظمةِ الحجزِ والإيراداتِ والتحكمِ في المُغادرةِ. لم يؤدْ الاِنقطاعُ التكنولوجي العالمي إلى توقفِ المطاراتِ في روسيا والصين لاِعتمادِهما على التكنولوجيا المحليةِ. ومن المثيرِ للاِهتمامِ أن المطاراتِ التي تُديرُها الدولةُ في الهند لم تتأثرْ بهذا الاِنقطاعِ، بينما أضيرَت مطاراتِ دلهي وحيدر أباد ومومباي وبنغالور التي يديرُها القطاعُ الخاصُ. 

 

 

إلا أن عدمَ اِنقطاعِ الخِدمةِ في مطاراتٍ لا يعني أن الأمورَ فيها على ما يُرام؛ فالمطاراتُ في العالمِ شَبكةٌ واحدةٌ لا يُمكنُ أن يعملَ فيها مطارٌ بمُفردِه، فهو يستقبلُ طائراتٍ ومنه تَنطلقُ طائراتٌ، وبالتالي سيتوقفُ عن العملِ طالما أن المطاراتِ الأخرى مُتوقفةٌ. 

 

 

إذن كان الاِنقطاعُ التكنولوجي نتيجةً لتحديثاتٍ خاطئةٍ لشركةِ CrowdStrike نَجا منه من لم يستخدمْ أنظمةَ Windows أو من لم يُجرْ التحديثاتِ أو من اِعتمَدَ على التكنولوجيا المحليةِ مثل روسيا والصين. 

 

يوم الجمعة التاريخي أكَدَ على نظريةَ الدومينو في عالم التكنولوجيا، فقد توقفَت عالَميًا مظاهرُ التقدمِ العلمي مُكَبِدةٌ بلايين الدولارات، لكن الإنترنت سيظلُ مُستمرًا. 

 

اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ،،

 

  • كاتب المقال

ا. د/ حسام محمود أحمد فهمي 

أستاذ هندسة الحاسبات بهندسة عين شمس