شجون جامعية
الجريمةُ بين الشَبَكةِ العَميقةِ والشَبَكةِ المُظلِمةِ
أثارَت جَريمةُ قتلِ صِبي لبيعِ أعضائه، بِناءً على اِتصالاتٍ وتوجيهاتٍ عبرَ الإنترنت، مَخاوفًا وغَضبًا لبشاعتِها وجَشعِ مُرتكبيها. لذا من الضروري التعريفُ بما هي الشَبَكةِ العَميقةِ والشَبَكةِ المُظلِمةِ والشَبَكةِ السَطحيةِ.
تَصَيُدٌ اِحتيالي
عندما نُفكرُ في الشَبَكةِ العَميقةِ Deep web والشَبَكةِ المُظلمةِ Dark web ترى ما قد يَتبادرُ إلى الذِهنِ؟ نشاطٌ غَيرُ قانوني؟ تَصَيُدٌ اِحتيالي؟ عُملاتٌ مُشَفرةٌ مثلُ البيتكوين؟ الإجابةُ هي نعم ولا. في حين يُمكِنُ اِستخدامُ الشَبَكةِ المُظلمةِ والشَبَكةِ العَميقةِ بالتبادلِ، إلا أنهما مُختلِفتان، وتُعَدُ مَعرفةُ الفَرقِ بينهما بالغةُ الأهميةِ لفهمِ الفوائدِ والمخاطرِ المُحتملةِ المُرتبطةِ بأيٍ منهما. ويُتيحُ التمييز ُبينِهما مَنعَ مُحاولات ِالقَرصنةِ وحِمايةَ خُصوصيةِ البياناتِ عبرَ الإنترنت.
تُشيرُ الشَبَكةُ العَميقةُ Deep web إلى الصفحاتِ المَخفِيةِ داخلَ الإنترنت، تلك التي لا تَتِمُ فَهرستُها بواسطةِ مُحركاتِ البَحثِ المُتداوَلةِ مثلَ Google Chrome، Safari، Microsoft Edge، Firefox وغيرِها. عدَمُ الفَهرَسةِ هذا مُتعَمَدٌ من جانبِ العديدِ من مُقَدمي الخِدْماتِ، لأنه يُساعِدُ في حِمايةِ المَعلوماتِ الخاصةِ. تَشغلُ الشَبَكةُ العَميقةُ حوالي 99%من شَبَكةِ الإنترنت ولا يُمكنُ للمستخدمين العاديين الوصولُ إليها. يَحتوي هذا الجزءُ من الإنترنت على المواقعِ المَحميةِ بكَلمةِ مرورٍ Password مثلَ حِساباتِ البريدِ الإلكتروني وبعضِ مِنصاتِ التواصلِ الاجتماعي، وقواعدِ البياناتِ غيرِ المُفهرسةِ، والحواسبِ الخادمةِ Servers التي تُخَزِنُ بياناتٍ لا يمكنُ الوصولُ إليها عبرَ صفحاتِ الإنترنت العامةِ، ومُستَودعاتِ بياناتٍ مُعَدةٍ لأغراضِ التسويقِ، والشبكاتِ الداخليةِ للشركاتِ والمواقعِ الإلكترونيةِ الحُكوميةِ، والمُحتوى الأكاديمي الذي تَتعاملُ معه الجامعاتُ.
أما الشَبَكةُ المُظلِمةُ Dark web فهي مِساحةٌ فَرعيةٌ مَحميةٌ داخلَ الشَبَكةِ العَميقةِ وتَضُمُ مَواقِعًا مُشفَرةً لا يُمكنُ الوصولُ إليها إلا عبرَ مُتصَفحاتٍ مُحدَدةٍ مثل Torأو عبرَ عَناوينِ إنترنت IP addresses خاصةٍ. التهديداتُ المُرتبِطةُ بالأنشطةِ غَيرِ القانونيةِ على الشَبَكةِ المُظلِمةِ كبيرةٌ، خاصةً فيما يتعلقُ بتوريطِ المُستخدمين وفَضحِ مَعلوماتِهم. وبالتالي، فإن الوصولَ إلى الشَبَكةِ المُظلِمةِ يُثيرُ مَخاوِفًا تتعَلقُ بالسلامةِ ويتطَلَبُ حَذرًا كبيرًا عندَ تَصفُحِها وتَنزيلِ مَلفاتٍ منها. ولتَميُّزِ مواقعِها باِستخدامِ برامجِ التَشفيرِ التي تَجعلُ مُستخدِميها ومواقعِها مَجهولي الهُوِيَةِ، فقد أصبحَت مَلاذًا للناشطين السِياسيين والصَحفيين الذين قد يَخضعون للرِقابةِ أو الاِنتقامِ السياسي إذا اِكتُشِفوا، مثلَ Julian Assange مؤسسِ مَوقعِ ويكيليكس Wikileaks. لذا أيضًا فأن النشاطَ غيرَ القانوني شائعٌ عليها، حيث يستطيعُ مالكو المواقعِ غيرِ القانونيةِ إخفاءَ هُوِيَاتِهم وأماكنِهم، كما يُمكنُهم نَقلَ البياناتِ في مساراتٍ مَجهولةٍ. لذلك، فإن الشَبَكةَ المُظلِمةَ ملاذًا مثاليًا لمُعاملاتِ المُخدراتِ والإرهابِ وصناعةِ المُتفجراتِ وتِجارةِ الأعضاءِ والأسلحةِ الناريةِ غيرِ ِالقانونيةِ والمواد الإباحيةِ والقمارِ. وقد أغلَقَ مكتبُ التَحقيقاتِ الفيدرالي FBI في عام ِ٢٠١٣ سوقًا سوداءً سَيئةَ السُمعةِ على الإنترنت سُمِيَّت طريقُ الحريرِ Silk Road.
ويُقَدَرُ حَجمُ الشَبَكةِ العَميقةِ بخمسمائةِ ضِعفِ الشَبَكةِ المُظلِمةِ من حيث عددِ المواقِعِ وهي أكبرُ أيضًا من الشَبَكةِ السَطحيةِ Surface web ذات الاِستخدامِ العامِ التي تَشغلُ 0.03% من الإنترنت كَكُلٍ، بينما لا تَضُمُ الشَبَكةُ المُظلِمةُ سوى بِضعةِ آلافِ المَواقِعِ ولا تَشغَلُ سوى 0.01% من الشَبَكةِ العَميقةِ.
الجرائمُ الإلكترونيةُ
غيرَت التكنولوجيا أساسياتِ الحياةِ، حتى السَلامُ والكَلامُ، ولم تنسْ الجريمةَ؛ الجرائمُ الإلكترونيةُ بسَرِقةِ الحِساباتِ البنكيةِ واِِختراقِ قواعدِ البياناتِ، وجرائمُ العنفِ أيًا كان بتبادلِ معلوماتِ تنفيذِها.
اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ،،
- كاتب المقال
ا. د/ حسام محمود أحمد فهمي
أستاذ هندسة الحاسبات بهندسة عين شمس