كل ماتريد معرفته عن جوهرة مصر الخفية سحر البزار.. طريق غير متوقع إلى هارفارد وبرلمانات العالم الكبرى

سحر البزار، شابة مصرية تمثل قصة ملايين من الشباب في مصر، سافرت مع عائلتها إلى دول الخليج قبل أن تعود للانضمام إلى جامعة حكومية في مصر.

تخرج سحر البزار وعملها في شركات عالمية

سحر البزار، شابة مصرية، تخرجت وعملت في شركات عالمية، حيث بذلت جهودًا كبيرة للبحث عن تعليم متميز. رغم مواجهتها لعدة فشلات، لم تستسلم أبدًا. حصلت على فرصة لدراسة في إحدى أبرز جامعات العالم، مما ساعدها على استكمال مسيرتها الاحترافية بتوليها مناصب متميزة تلو الأخرى. خلال رحلتها، لم تكتف بمسيرتها الشخصية فقط، بل نشطت بنشاط في الأعمال الخيرية والتطوع وخدمة المجتمع، وساهمت في تنمية وبناء المجتمعات في أفريقيا ومناطق أخرى. وصلت لتكون عضوة في مجلس النواب المصري، ووكيلة للجنة العلاقات الخارجية، وقادة عالمية معترف بها في منظمات دولية كبرى.

نشأتها ودراستها

سحر محمد بهاء الدين جودة البزار، الملقبة بـ (سحر البزار)، وُلدت في القاهرة لأبوين مصريين، حيث كان والدها طيارًا في القوات الجوية المصرية ومشاركًا في حرب أكتوبر 1973، ووالدتها كانت أستاذة جامعية. نشأت في قطر حيث أكملت المرحلة الابتدائية قبل أن تعود إلى مصر وتكمل تعليمها الثانوي. حصلت على منحة دراسية كاملة من أمير قطر لكنها اختارت دراسة التجارة بجامعة عين شمس. بدأت نشاطها الطلابي وهي في الجامعة وشاركت في تأسيس جمعية "حلوة يا بلدي"، حيث نفذت مشاريع مجتمعية متنوعة في مناطق شعبية بالقاهرة مثل الشرابية وأبو رجيلة، تركزت على محو الأمية، تشغيل الشباب، وإنشاء مرافق للمسنين والنساء. كما قامت بتوفير فرص تدريب للطلاب في شركات مثل فودافون وبروكتر آند جامبل.

أداء العمرة من راتبها الشخصي

بعد تخرجها من كلية التجارة في عام 2005 بتقدير جيد، انضمت سحر البزار إلى شركة بروكتر آند جامبل في مصنعهم بمدينة ٦ أكتوبر. وفي أثناء تلك الفترة، قررت سحر أن تقوم بأداء عمرة من راتبها الشخصي، بدلًا من الاعتماد على دعم مالي من والدها. وفي وقت ما، واجهت سحر موقفًا غير متوقع، حيث تذكر: "كنت أحجز من مرتبي كل شهر للعمرة، وفي وقت ما اكتشفت أن امرأة محتاجة تحتاج مبلغًا كبيرًا. كان اختياري بين استخدام المال للعمرة أو مساعدتها، فقررت مساعدتها وعملت بالآية "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله..." وفي الوقت نفسه، كان والدي يقوم بإنشاء شهادات بنكية باسمي، وكانت إحدى هذه الشهادات هي التي فازت بجائزة قيمتها ٦٠ ألف دولار بمسابقة البنك، مما أثبت أن النيّة الصادقة والثقة في الله هما الفضلاء في كل نجاح".

عملها في شركات عالمية

خلال فترة عملها في مصنع بروكتر آند جامبل في منطقة ٦ أكتوبر، كانت سحر البزار تقضي وقتًا طويلًا في الطريق من وإلى العمل، مما حرمها من ممارسة نشاطاتها التطوعية والخيرية التي كانت تعتاد عليها في الجامعة وجمعية حلوة يا بلدي. لهذا السبب، انتقلت إلى شركة جونسون آند جونسون بمنطقة مساكن شيراتون، حيث استطاعت أن تعود لممارسة أنشطتها الخيرية بدورها كمسؤولة موارد بشرية. بعد عامين، انتقلت إلى شركة أبوت، الشركة الأمريكية العالمية للأدوية والرعاية الصحية، حيث شغلت منصبًا أعلى في مجال الموارد البشرية لمدة ثلاث سنوات وسبعة أشهر. خلال فترة عملها في هذه الشركة، تولت مسؤوليات كبيرة تشمل الحسابات والمرتبات والمزايا، وشاركت في عمليات الاستحواذ على شركات مثل Solvay. بالإضافة إلى عملها في القطاع الخاص، كرست سحر حياتها لخدمة الناس وعمل الخير، حيث قادت حملات تبرعات للعائلات في أبو رجيلة، ودعمت أطفال الشرابية بالملابس، وزارت أطفال معهد الأورام، ونظمت حملات لبناء غرف في مستشفى 57357 ومستشفى 500500، وأطلقت حملات لتوصيل المياه في أسيوط والمنيا، وأيضًا لتأهيل الأطفال ذوي الإعاقة.

افتتاح مؤسسة الحصري في مساكن شيراتون

في عام 2011، زارت سحر البزار مسجد الحصري في مدينة السادس من أكتوبر، حيث طلبت لقاء أحد المسؤولين. تذكر سحر تلك اللحظة قائلة: "لقيت نفسي أمام نجوى طوغان، التي استقبلتني دون موعد مسبق في مكتبها. طلبت منها نقل علمها الديني إلى ناحية تعمل لصالح الإنسانية كصدقة. لم تستهزأ نجوى بي ولم تسألني ماذا تعني بالصدقة للإنسانية؟ بل دعمتني ووعدتني بتقديم الدعم إذا وجدت مكانًا مناسبًا." وتابعت: "قمت بالبحث حتى وجدت شقة للإيجار لمدة سنة، وقلت لنجوى إنني جاهزة لتأجيرها وتأثيثها لصالح 'الحصري'. أكدت لي نجوى أن الحصري لن يغادر ٦ أكتوبر إلا لمكان آمن، وأن الحد الأدنى للإيجار هو ٣ سنوات." بعد ذلك، وجدت شابة سمعت بالمبادرة وقامت بالتبرع بإيجار المكان لمدة ٢٥ سنة. بفضل هذه الجهود، تم افتتاح "مؤسسة الحصري" في منطقة مساكن شيراتون، حيث بدأت سحر البزار بنفسها وانتهت في نهاية عام 2012 بالحصول على شهادة "مدرسة تجويد" من مؤسسة الشيخ الحصري لخدمة القرآن وتعزيز المجتمع.

بعد وفاة نجوى طوغان في حادث سيارة على طريق الساحل الشمالي، أعربت سحر البزار عن حزنها قائلة: "أنا متأكدة بأن الله سيكرمك وسيجعلك في مكان رائع، لأنك وهبتي حياتك لتعليم آلاف الأشخاص. رحمك الله وأسكنك فسيح جناته."

فرصة عمل في ثالث أكبر شركة بترول في مصر

في عام 2012، تمتلك "سحر البزار" فرصة عمل مثيرة في "بريتيش بتروليوم" في مصر، وهي ثالث أكبر شركة بترول في العالم. كانت هذه الوظيفة تمثل حلم حياتها، حيث تم تعيينها مسؤولة عن المسؤولية المجتمعية في الشركة، وهو المجال الذي كانت تعشق العمل فيه وتتطوع به، بدلًا من اختصاصها الأصلي في الموارد البشرية. خلال فترة عملها في "بريتيش بتروليوم"، قادت سحر ميزانية قيمتها 20 مليون دولار على مدى خمس سنوات، حيث قامت بإجراء مسح لاحتياجات المجتمع ورصدت احتياجات التعليم وغيرها، ووضعت خططًا لمشاريع عملية على أرض الواقع، بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني لتنفيذها.

مستشارة متطوعة في مجال المسؤولية الاجتماعية

في عام 2013، عملت "سحر البزار" كمستشارة متطوعة في مجال المسؤولية الاجتماعية لعدد من الشركات، مثل "فينوس للنقل الدولي"، و"الخديوية للخدمات اللوجستية والبحرية"، و"دار المعمار (dmg)"، حيث دشنت حملة جديدة للتطوع وأدارتها بنفسها.

في بداية خدمتها الاجتماعية عندما كانت في الـ 19 من عمرها، استجابت "سحر البزار" لنداء خدمة العشوائيات، حيث زارت الشرابية والمرج وأبو رجيلة. هناك، شاهدت حقيقة الأسر والأفراد وتفاعلت مع تحدياتهم المختلفة، مما دفعها إلى توسيع رؤيتها والبدء في العمل الاجتماعي أيضًا في الصومال وكينيا.

خلال تلك الفترة، كانت "سحر" تسعى كل عام للحصول على درجة الماجستير من جامعات مختلفة في أوروبا، لمدة أربع سنوات متتالية. وكانت تُقبل في الجامعات، ولكن تواجه رفضًا من المنح الدراسية، مما دفعها للتفاوض للحصول على تخفيض في الرسوم أو منحة كاملة، إلا أنها واجهت صعوبات في تحقيق هذا الهدف.

التقدم إلي جامعة هارفارد

في السنة الخامسة، قررت "سحر" التقدم إلى أفضل جامعة في العالم، جامعة هارفارد، بمنحة من وزارة المالية، ولكن الجامعة رفضت طلبها الأول. بعد ذلك، استشارت خريجين سابقين واستعانت بمراجع لغوي، وحصلت على خطابات تزكية قوية. في ديسمبر 2013، قررت المحاولة مرة أخرى وقدمت طلبًا جديدًا، وبعد ثلاثة أشهر من التوقيع، تم قبولها أخيرًا بمنحة دراسية كاملة، بعد سنوات من الجهد المستمر والإصرار.

في عام 2016، عادت "سحر البزار" إلى مصر بعد إتمام دراستها في جامعة هارفارد، حيث عملت مع البنك الدولي على مشروع للحماية المجتمعية وتمكين الشباب في المناطق العشوائية مثل رقيقة الحال. كانت "سحر" همزة الوصل بين البنك الدولي وجامعة "إم آي تي" لقياس الأثر، وكذلك مع الجمعيات الأهلية في مصر التي تعمل في هذا المجال. عملت "سحر" على تخطيط وتنفيذ مشاريع تنموية حقيقية تستهدف تحسين الظروف المعيشية.

عام الحزن

في عام 2017، تعرضت "سحر البزار" لصدمة كبيرة بوفيات والدها، جدتها، وصديقاتها، وزوج عمتها خلال فترة قصيرة، وكانت هذه الفترة تحمل لها الكثير من الحزن والصعاب. بعد وفاة والدها، قررت "سحر" إنشاء صدقة جارية على روحه، حيث تبرعت بإحدى الدور غير المستغلة تابعة للجمعية الشرعية بالشرابية، لتأسيس مطعم يسمى "بيتنا". تم تصميم المطعم ليكون مكانًا يقدم وجبات مجانية يوميًا للأرامل والأيتام وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة والدخل الضعيف، مع توظيف الأرامل كطباخات لتوفير فرص عمل لهن.

بدأ "بيتنا" في أبريل 2017 بإطعام 400 شخص يوميًا، ثم زاد إلى 900 شخص، وتوسع المطعم ليصبح دورين، ويواصل تقديم خدمة التوصيل لكبار السن المشتركين في البرنامج. يعد "بيتنا" مثالًا للنجاح والعطاء المستمر، حيث يعمل منذ سبع سنوات ومازال يواصل رسالته الإنسانية. تحلم "سحر البزار" بأن يتم توسيع "بيتنا" ليصبح له فروع في كل محافظة، ليستمر في خدمة المجتمع وتحقيق الرفاهية للفئات الأكثر احتياجًا.

خلال عام الحزن والصعاب التي مرت بها، أرسلت "سحر البزار" بريدًا إلكترونيًا إلى وزيرة التضامن الاجتماعي السابقة، "غادة والي"، التي كانت تبحث عن شخص يمتلك خبرات مماثلة لتلك التي يتمتع بها "سحر". بعد شهر من لقائهما الأول، بدأت "سحر" العمل مع الوزيرة في عام 2017، لتصبح أصغر مستشارة لها. تولت "سحر" مسؤولية التواصل مع المنظمات الدولية والقطاع الخاص، بهدف خلق شراكات استراتيجية لبرامج الحماية الاجتماعية بالوزارة، مثل برنامج كسكن كريم، وحماية المرأة المعنفة، ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوظيف الشباب. نجحت "سحر" في خلق فرص شراكات تسهم في تأمين ملايين الجنيهات لصالح الوزارة، لدعم هذه المشاريع الهامة.

منصب في الأمم المتحدة

بعد أكثر من عامين في المنصب، رحلت "سحر البزار" بمغادرة الوزيرة التي انتقلت لتولي منصب في الأمم المتحدة. بعد ذلك، عملت "سحر" لمدة سبعة أشهر في شركة الاستشارات الأمريكية "تيترا تك"، حيث تخصصت في مجال الاستشارات الإدارية المتقدمة والخدمات الفنية. خلال تلك الفترة، عملت "سحر" على مشاريع متنوعة في قطاعات متعددة مثل الحوكمة، والتعليم، والنمو الاقتصادي، وتنمية القدرات. كما أدارت "سحر" علاقات قوية بين السفارة البريطانية في مصر وعدة وزارات مصرية، مثل وزارات المالية، والتضامن الاجتماعي، والتعليم، والصحة، وقدمت الاستشارات الفنية للسفارة البريطانية في مصر في هذه القضايا المتعددة الأبعاد.

خلال عام 2020، انضمت "سحر البزار" إلى حزب مستقبل وطن وشاركت في الانتخابات البرلمانية، مما فتح أمامها مرحلة جديدة في حياتها تستفيد فيها من مجال دراستها السابقة. تم انتخاب "سحر" كوكيلة للجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، وبعد ستة أشهر من دخولها المجلس، خاضت انتخابات دولية وأصبحت رئيسة منتدى البرلمانيين الشباب في الاتحاد البرلماني الدولي، لتكون أول مصرية تتولى هذا المنصب الذي يجمع مندوبين من 179 دولة. استمرت "سحر" في منصبها لمدة عامين، حيث دعت شباب البرلمانيين من أكثر من 70 دولة لحضور أكبر مؤتمر للمنتدي الشباب البرلمانيين بالاتحاد البرلماني الدولي في شرم الشيخ، قبل مؤتمر المناخ COP 27.

أصبحت مصر أول دولة تنظم مؤتمرًا برلمانيًا للشباب قبيل COP 27، بهدف توصيل توصيات الشباب البرلمانيين لرئاسة COP. كما انضمت "سحر" إلى مبادرة تجمع 50 دولة للمطالبة بزيادة فرص مبادلة الديون بمشاريع تكييف المناخ، وتعليق خدمة الديون بشكل مؤقت للدول، لتمكينها من توجيه مواردها لحماية شعوبها من تأثيرات المناخ وتحسين خدماتهم.

المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) يختار سحر البزار كقائد عالمي

في عام 2022، اختار المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) سحر البزار كقائد عالمي، لتصبح أول نائبة مصرية تحظى بهذا التكريم، وتكون جزءًا من شباب مؤثر ومرموق في دولهم، إلى جانب الرؤساء والوزراء من دول الخليج وغيرها. في نفس العام، اختارتها جامعة ييل، ثالث أقدم معهد للتعليم العالي في الولايات المتحدة، كزميل دولي ممثلة لمصر.

دعوة من البيت الأبيض

وفي عام 2022 أيضًا، تلقت سحر البزار دعوة من البيت الأبيض لإلقاء كلمة في المؤتمر الأمريكي الأفريقي كممثلة لشباب القادة من أفريقيا. وفي أبريل 2024، تم اختيارها لقيادة أول مجلس للنساء البرلمانيات للبنك الدولي وصندوق النقد، وهو الأول من نوعه منذ نشأتهما في عام 1944. وتولت مسؤولية تشكيل واختيار الدول الممثلة في المجلس التنفيذي، من بينها كندا وتونجا والهند والسنغال وكينيا واليونان وأوروجواي، التي تمثلها نائبة رئيس الدولة.

لا تنتهي رحلة "سحر البزار" هنا، فالشابة التي حلمت بتغيير العالم منذ خمسة عشر عامًا، لن تُقف عند هذا الحد. تتوقع لها مستقبلًا مشرقًا ومحورًا على المستوى الدولي أو المحلي في المستقبل القريب. بفضل تجربتها الواسعة في القطاعات الخاصة والحكومية والمنظمات الدولية والمجتمع المدني، وبعد تسلحها بالمعرفة والخبرة، تكمل "سحر" مسيرتها كنموذج وقدوة لكل الشباب الطامحين في تحقيق مستقبل أفضل لأوطانهم.

لم تيأس "سحر" أبدًا، سواء في مطاردة دراستها بجامعة حكومية أو في السعي وراء التقديم للدراسة في جامعات أجنبية، حتى وصلت إلى هارفارد حيث بذلت جهودًا جبارة. وكممثلة نائبة في البرلمان، تعكف على مهمتها بكل تفانٍ، متخذة من "راوية عطية"، أول برلمانية مصرية، مثلًا يلهمها ويدفعها لتحقيق المزيد.

باختصار، "سحر البزار" تستمر في تحقيق إنجازاتها وتعزيز مكانتها كقائدة ومناضلة من أجل العدالة والتغيير الاجتماعي، ملهمة للأجيال الجديدة بتفانيها وإصرارها على بناء عالم أفضل.