مجرى العيون.. يمسح دموعه!
أخيرًا وبعد عقود طويلة من الإهمال والنسيان عادت الحياة إلى منطقة سور مجرى العيون حيث طالتها يد التطوير وحولتها من مرتع للبلطجية والمدمنين وتجار المخدرات والعشوائيات إلى ما يشبه المنتجع الحضارى وباتت بحق مقصدًا سياحيًا ومعلما أثريا مهما بقلب القاهرة.
مجرى العيون.. يمسح دموعه!
حيث شملت أعمال التطوير القضاء على عشوائية المدابغ واستبدالها بكمبوند متكامل، صُممت داخله عمارات على الطراز المعمارى الإسلامى ويتوسط المشهد مول تجارى ضخم يضم عددا من المحال التجارية وقاعات سينما ومسرح، علاوة على جراج كبير.
يأتى هذا المشروع المهم لتطوير منطقة «سور مجرى العيون» تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بإعادة القاهرة لعهدها القديم ورونقها الحضاري، مع تهيئتها لأداء دورها التاريخى والثقافى والسياحي.
وسور مجرى العيون يعد واحدًا من أهم المواقع الأثرية والمقاصد السياحية بالقاهرة التاريخية، وذلك لما يمثله من قيمة تاريخية وجغرافية منذ إنشائه فى عهد السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبى قبل 800 عام تقريبا حيث تم تشييد السور فى منطقة مصر القديمة لنقل المياه من خلال قناة للمياه لترفعها السواقى من إحدى الآبار القريبة من القلعة التى كانت تمثل مقر الحكم فى عصر الدولة الأيوبية حتى تقوم بتوصيل المياه إلى القلعة، ثم استخدام هذا السور لنقل المياه من النيل من خلال السواقى إلى القلعة حتى تصل إلى مجموعة من الآبار الضخمة الموجودة داخل القلعة.
يبلغ طول السور حوالى 3500 متر ويتميز بطرازه المعمارى الذى يعود لفن العمارة الإسلامية باستخدام حجر «النحيت» ويبدأ السور من منطقة فم الخليج إلى منطقة السيدة عائشة، ويتكون من برج «المأخذ» ويحتوى على 6 سواقي، ويقسم إلى عدة عقود تسمى عقود السواقى المسئولة عن حمل القناة المائية.
وقام السلطان محمد بن قلاوون بعد توليه الحكم بتجديد السور بشكل كامل عام 1312م على مرحلتين من خلال إنشاء أربع سواقى على ضفاف النيل فى منطقة فم الخليج، وفى عصر السلطان الغورى أمر بإنشاء ست سواقى تقع بالقرب من منطقة السيدة نفيسة لتقوم بتقوية تيار المياه التى تصل إلى آبار القلعة.
ومع مرور الزمان تعرض السور لحملة من الانتهاكات وحاصرته العشوائيات إلى أن جاءت الجمهورية الجديدة وانتشلته من حالة الضياع التى عانى منها لسنوات طويلة تجرع فيها مرارة الإهمال وأعادت له بريقه وأخيرًا تذوق من جديد طعم الاهتمام والتطوير.