في تقرير بالشراكة مع كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية
القمة العالمية للحكومات 2022: مؤشر التنوع الاقتصادي العالمي يكشف عن فجوة في التنويع
الأربعاء 30/مارس/2022 - 03:07 م
ارتباط إيجابي بين مؤشر التنوع الاقتصادي ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي
الدول التي تمتلك وفرة في الموارد الطبيعية تميل إلى تحقيق نمو اقتصادي أقل وأكثر تقلباً
أكد تقرير معرفي بعنوان "مؤشر التنوع الاقتصادي العالمي 2022"، أطلقته القمة العالمية للحكومات بالشراكة مع كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، وجود تفاوت كبير في نجاح الدول التي تعتمد على مواردها الطبيعية في تحقيق أهدافها للتنويع الاقتصادي خلال العقدين الماضيين.
وأشار التقرير إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نجحت بخفض حصة النفط من ناتجها المحلي الإجمالي، مقابل صعود الصادرات المصنعة وصادرات التكنولوجيا المتوسطة والعالية، مع وجود تفاوت بين هذه الدول، في حين سجلت دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية أفضل النتائج على هذا الصعيد.
وتناول التقرير الظاهرة المعروفة بمفارقة الوفرة، التي تعني أن الدول أو المناطق التي تمتلك وفرة في الموارد الطبيعية تميل إلى تحقيق نمو اقتصادي أقل وأكثر تقلباً، ما يجعل من التنويع الاقتصادي المفتاح الأساسي لمعالجة قضايا استقرار الاقتصاد الكلي، والنمو الاقتصادي، والتنمية.
أهمية التنويع الاقتصادي
وركز التقرير على أهمية التنويع الاقتصادي الذي أصبح مصطلحاً يومياً في معجم مصدري النفط وبلدان مجلس التعاون الخليجي والبلدان المعتمدة على الموارد الطبيعية، والذي تعمل على تطبيقه منذ سنوات دون وجود أداة لقياس تقدمها، وهي الفجوة التي يهدف مؤشر التنويع الاقتصادي إلى سدها من خلال النظر إلى التنويع من زاوية متعددة الأبعاد، واستكشاف الدخل أو النشاط، والتجارة وتنويع الإيرادات الحكومية عبر دراسة نحو 25 مؤشراً تغطي مزيجاً من الأبعاد الثلاثة للتنويع، " الناتج والتجارة والإيرادات الحكومية".
ويستعرض التقرير تجربة 89 دولة على مدى العقدين الماضيين، ويدرس نطاقاً أوسع من البلدان المعتمدة على السلع الأساسية، مقابل مجموعة فرعية من الاقتصادات القائمة على موارد النفط والغاز، ويصنّف التقرير الدول بأنها "معتمدة على الموارد" إذا كانت الموارد الطبيعية تشكل أكثر من 60 ٪ من إجمالي صادراتها من حيث القيمة.
وحسب البيانات للفترة بين عامي 2000 و2019 فإن الفجوة اتسعت بين أكثر الدول تنوعاً وأقلها تنوعاً بدلاً من أن تضيق وقد ظلت 7 دول على الدوام في المراكز العشرة الأولى طوال هذه الفترة، وكلها من بين الدول ذات الدخل المرتفع، ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة واليابان وسنغافورة، كما انضمت الصين إلى مجموعة الـ 10 الأفضل منذ عام 2008.
7 دول ضمن قائمة أدنى 10 دول في التنويع الاقتصادي
وأشار التقرير إلى أن 7 دول بقيت ضمن قائمة أدنى 10 دول في التنويع الاقتصادي، بينها 4 دول منتجة للنفط (2 من دول مجلس التعاون الخليجي) و2 من الدول ذات الدخل المنخفض والمعتمدة على الزراعة، وشملت الدول التي استطاعت أن تتحسن أكثر من غيرها في درجات مؤشر التنويع الاقتصادي "الصين والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وألمانيا وعُمان" اثنتين فقط من بينها دول مصدرة للنفط ما يؤكد على الحاجة الملحة لجهود التنويع.
وحلت دول الشمال الأوروبي في المرتبة الأولى في المؤشر الفرعي للإيرادات، بالنظر إلى ارتفاع مستوياتها وتنوع ضرائبها، في حين حل العديد من منتجي السلع الأساسية في أسفل السلم، فيما حدد الأداء الإقليمي أمريكا الشمالية على أنها الأفضل أداءً، ومنطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى على أنها الأسوأ أداءً، على أساس مقارن عبر إجمالي مؤشر التنويع الاقتصادي ومعظم المؤشرات الفرعية.
وتسارعت وتيرة الارتفاع في أداء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال السنوات القليلة الماضية 2016 ـ 2019 في ظل تركيزها على دفع النمو للقطاع الخاص غير النفطي، إضافة إلى تدابير تعزيز الإيرادات من خلال فرض ضريبة القيمة المضافة وضرائب الإنتاج مؤخراً.
وأظهر التقرير وجود ارتباط إيجابي بين مؤشر التنوع الاقتصادي ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. وتعد الإمارات العربية المتحدة والنرويج مثالين على الدول في عملية التنويع والاقتراب من متوسط درجات مؤشر التنويع الاقتصادي في عام 2019.
تحويل ريع الموارد إلى محرك للنمو
ويتمثل التحدي الذي تواجهه الدول التي تعتمد على الموارد في كيفية النجاح في تحويل ريع الموارد إلى محرك للنمو بدلاً من أن يكون عائقاً أمام التنمية الاقتصادية، وتجنب "لعنة الموارد"، حيث إن هناك أمثلة على دول تغلبت على الاعتماد على الموارد الطبيعية مثل "النرويج وأستراليا وتشيلي وماليزيا" وهناك دول أخرى، مثل نيجيريا، لا تزال تعتمد على الموارد.
وحدد المؤشر عوامل تساهم في هذه الفوارق على صعيد تحقيق التنويع وتتعلق بمتغيرات الاقتصاد الكلي، بينها سعر الصرف الحقيقي والتضخم والتدفقات الصافية للاستثمار الأجنبي المباشر، ومعدلات التبادل التجاري، والاستثمار الخاص كحصة من الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب العوامل الهيكلية مثل السكان ورأس المال البشري والبنية التحتية والمؤسسات.
وأشار التقرير إلى حفاظ منطقة "أمريكا الشمالية" على تصدرها للتنويع الاقتصادي متقدمة على مناطق "أوروبا الغربية" و"شرق آسيا" و"أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى" و"أمريكا اللاتينية"، لتحل بعدها منطقة "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، التي لم تتقدم سوى على منطقتي "جنوب آسيا" و"أفريقيا جنوب الصحراء".
وأوضح أنه رغم أن أداء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ضمن المؤشر الفرعي للإنتاج تحسن خلال الفترة من عام 2000 حتى 2019 إلا أنها لا تزال واحدة من المناطق الواقعة في أدنى التقييم، بينما ظلت منطقة جنوب آسيا راكدة خلال هذه الفترة، أما المؤشر الفرعي للتجارة فأظهر تحسنا كبيرا لمنطقة "شرق آسيا والمحيط الهادئ"، أما المنطقة الوحيدة التي سجلت درجة أسوأ مع مرور الوقت فهي جنوب آسيا.
وتطرق التقرير إلى انخفاض صادرات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من الوقود كحصة من الناتج المحلي الإجمالي حيث انخفض من 47% للفترة من عام 2004 ــ 2007 إلى 38.5 للفترة 2016 ــ 2019 مصحوباً بزيادة في الصادرات المصنعة وصادرات التكنولوجيا المتوسطة والعالية كنسبة مئوية من إجمالي صادرات البضائع وشهدت منطقة دول مجلس التعاون الخليجي تحسناً كبيراً في درجات مؤشر التنويع الاقتصادي خلال الفترة من 2000حتى 2019، مدعومة بخطط التنويع التي تتبناها.