ترقية للدكتوراة تحيل صاحبها للتحقيق.. "حسن النوايا والعمق الأكاديمي"
الجمعة 28/مايو/2021 - 01:16 م
هالني هذا الصخب المصاحب لخبر ترقي أحد المدرسين المساعدين بإحدى الكليات، الذي كما جاء بالأخبار المتداولة حاز على عدد كبير من علامات الغضب dislike بعد أن تم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي.
ودون التحقيق والتحقق من صدق ما يذاع أو كذبه، ودون الحكم على عضو هيئة التدريس، كونه حسن السمعة من عدمه، فالمستغرب هو انتقال تلك الأحداث من كونها قضية اعلامية إلى الاعلان عن التحقيق مع عضو هيئة التدريس من قبل سلطات الجامعة.
وهنا نطرح عدة أسئلة، يتحتم علينا الإجابة عنها قبل الشروع في إجراء هذا التحقيق مع يمثل مشروع عضو هيئة تدريس مستقبلي؛ فهل هناك شكاوى موثوقة من طلاب ذوي صلة في موضوع قائم تفيد بانتهاكه للأعراف الجامعية، حتى يحال بشأنها للتحقيق؟
أم أن باللوائح الجامعية ما يأمر بتحويل المعيدين والسادة أعضاء هيئة التدريس للتحقيق جراء استحواذ المنشورات الخاصة بترقياتهم على عدد محدد من علامات غضب الرواد ال dislike؟
وفي المقابل، فهل يحصل على مكافئة في حال حصوله على عدد معين من الاعجابات like؟
أعلم جيداً أن الطالب هو محور العملية التعليمية ، وتتضافر جهود السادة أعضاء هيئة التدريس والعاملين للإرتقاء به من خلال التعليم العالى فى مجالات التخصص المختلفة إعتماداً على قيم أخلاقية وأعراف جامعية، كما لا نثمن التحرك السريع من إدارة الجامعة باستجلاء حقيقة أمر أخذ مساحة اعلامية، لكن ما الدليل على اختراق المدرس المساعد لها؟
وهنا قد يجيب البعض أننا ننتظر استجلاء الحقيقة بعد التحقيق!
ولكن اجرائياً، هل هناك قضية بدون شاكي موثوق؟
وإذا جاز اعتبار ال dislike شكوى تقديرية بأسماء اصحابها، فكيف سوف يتحقق المحقق من اسماء الشكاة؟ وهل ستكون بعض اسماءهم: ليل حزين، وبائع الهوى، والفهد الجانح، و القبطان، و الزعيم، والصقر الجريح، وغيرها من الأسماء المستعارة الموجودة في مواقع التواصل الاجتماعي؟
وما يدرينا إن كانت تلك القضية مفتعلة من عدمه، وهي من الأمور السهلة جدا افتعالها من خلال بعض محترفي الاعمال الدونية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبعد التحقيق، فماذا سوف يكون رد الشرف من قبل سلطات الجامعة في حالة عدم ثبوت أي تهمة على عضو هيئة التدريس، فقد حدد القانون الحقوق والواجبات بشكل حازم، وماذا سوف تكون الترضية التي يستحقها بعد اهدار كرامته وقت ذاك.
ومما لاشك فيه، إنه لا يمكن إنكار دور مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت من مكونات الحياة مع الثورة التكنولوجيا للمعلومات والاتصالات ICT التي أصبح لاغنى عن استخدامها في كثير من حقول التواصل كوسائل للتأثير على المجتمعات أو لقياس مدى رضاء روادها عن أحد الموضوعات أو القرارات من عدمه بشكل عشوائي، إلا إن اعتبارها دلائل دامغة لفتح تحقيق في أحد الموضوعات ربما يحتاج إلى اجراءات تشريعية مسبقة تتيح للمحقق الاستناد إلى شكاوى غير موثوقة بشكل تقديري من مجرد حيازة أحد منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي لعدد من الdislike كما يقتضي الامر تحديد نوع المخالفات التي سوف تنسب إليه؟
والأمر الأهم بعيداً عن تلك القضية، ونحن في مقتبل التحول الرقمي الذي أصبحنا على أعتابه وأصبح لا مناص عن الأخذ به لمواكبة عالم سريع التغير، فماذا عن أعضاء هيئة التدريس اللذين سوف تتكون لديهم حالة من الرفض النفسي لمواقع التواصل، التي أصبحت وسيلة رئيسة للتواصل مع الطلاب بجانب المنصات التعليمية الرقمية، من قبيل (اللي يريحك من الثوم...)!
إذن فما هو الحل؟
وهنا وفي الموضوع وبقلم باحث تستحوذ المدن الذكية على قدر كبير من اهتماماته البحثية، أقول؛
أن المعاييرية هي الحل، وتطوير التشريعات بقدر يسمح لجهات التحقيق فتح تحقيقات تستند إلى دلائل إلكترونية على غرار المنشورات والتعليقات، بشكل يحفظ للشاكي والمشكو في حقه حقوقهما بطريقة منضبطة.
فوجود تعليقات أو شكاوى الطلاب من عضو هيئة التدريس في المكان المخصص لذلك على المنصات التعليمية أو في استمارات التقييم، التي تفرضها معايير جودة التعليم تقتضي بالضرورة فتح تحقيق مع عضو هيئة التدريس، وتكتمل وقتها أركان موثوقة للتحقيق (شاكي، وموضوع، ومشكو في حقه).
ولكن كيف يمكن اللجوء لمواقع التواصل الاجتماعي المفتوحة، التي يمكن فتح عدد لا نهائي من الحسابات فيها باسماء ومهن مستعارة دون أي ضابط، كقرينة للادانة في واقعة!
كلمات في العمق الإكاديمي.