السائح والكادح فى الجامعات المصرية ...!
حقيقة يكاد يعرفها الجميع الآن أن نسبة
كبيرة من أساتذة الجامعات غلابة...! فأستاذ الجامعة مجموع دخله الشهرى قرب نهاية خدمته
وبعد حوالى 36 سنة من العمل الدئوب حوالى تسعة آلاف جنيها مصريا لاغير.... ومطلوب منه
حسن المظهر أمام طلابه ...ومطلوب منه شراء كتب والإشتراك فى مجلات علمية ليساير العصر
بحكم طبيعة عمله .. ومطلوب منه الإشتراك فى المجلات العلميه وقيمة الإشتراك فى أى مجلة
عالمية حوالى خمسة آلاف جنيها فى السنة... ومطلوب من استاذ الجامعة أن يشترى كمبيوتر
وأن يشترك فى الأنترنت... ومظلوب منه أن يتدرب علي الكمبيوتر ويجدده وعليه أن يدفع
فاتورة التليفون والنت...ومطوب منه حضور ورش عمل لتطوير الأداء ومطلوب منه أن يجرى
أبحاث علمية، مع العلم بأن ميزانية البحوث العلمية لا تذكر ...!
ومطلوب من استاذ الجامعة أن يحضر مؤتمرات
داخل وخارج البلاد...والجامعة تساهم مرة واحدة كل عامين فى جزء من تكاليف حضور مؤتمر
للأستاذ ومرة طول مدة أستاذ مساعد ومثلها للمدرس....! وأى مؤتمر فى اوروبا يتكلف حضورة ولمدة اسبوع فقط
حوالى عشرين الف جنيها....لأن رسم إشتراك المؤتمر يتراوح بين 8000-12000جنيها وتذكرة السفر ثمنها حوالى 5000-7000 جنيها .. والأقامة فى فندق متوسط الحال مع النقل
الداخى تتكلف حوالى2000 جنيها يوميا والباقى تكاليف الأكل لو فاض .!. أما اذا كان المؤتمرفى أمريكا أو اليابان فأن تكاليف
المؤتمر تتجاوز هذا المبلغ..... ولما كان معظم أساتذة الجامعات من ذوى الدخل المحدود
لذلك فهم يحجمون عن حضور هذه المؤتمرات لأنه ليس باليد حيلة.
وعلى الرغم من هذه التكاليف الباهظة أعرف
أفرادا داخل الجامعات وأعضاء ببعض الجمعيات الأهلية بيسافروا عشرات المرات سنويا....! يعنى متوسط تكلفة سفرالفرد منهم اكثر من مائة ألف
جنيها فى العام الواحد وهى ميزانية تكفى لتطوير البحث العلمى داخل الجامعة !... وبعض
تلك السفريات التى يحظا بها علية القوم يطلقون عليها مأموريات، وأخرى يطلقون عليها
مهمات وتلك السفريات يتم تحميل تكليفها علي
نفقه الجامعة ...وبعض السفريات يطلقون عليها
منح من بعض الجهات الأجنبية ويتم صرف المسحقات الماليه لها علي الرغم من الجهة المانحة
توفر اللإقامة ..وهناك أنماط أخرى من السفريات تكون علي حساب الشركات الموردة لللأدوية
والمستلزمات والأجهزه... فلماذا لا يتم ترشيد هذا الإسراف السياحى لتطوير البحث العلمى،
وخاصة إننا لم نسمع أن أحدا من هؤلاء السائحين على نفقة الدولة قد حقق أعجازا أو إنجازا
فى مجال تخصصه أكثر من الذين لم يستطيعوا السفر ...كما وإننى لم أسمع أن أحد هؤلاء
المحترفين للسفر قد حصل أو حتى تم ترشحه لجائزة نوبل...وبالمناسبة الكاتب المصرى العالمى
نجيب محفوظ لم يسافر السويد لإستلام جائزة
نوبل ...
واذا كانت هناك وظائف بعينها تقتضى السفر
فما هى وظيفة الملحق الثقافى وباقى الملحقين الموجودين فى كل سفارة لمصر بالخارج...
واذا قيل أن بعض هذه السفريات تأتى منحة فالرد أن الجامعة أو الهيئة سوف تستضيف هذا
الشخص لرد المجاملة.. يعنى بالبلدى كله على حساب صاحب المحل..! وفى الآخر الدولة هى
اللى بتدفع الفاتورة
وهناك سفريات بعينها يحتكرها أشخاص يحتلوا
مواقع قيادية فى الجامعات، وبيسافروا عدة مرات فى العام بمبررات واهيه، ويبدو أنهم
قد أحبوا السياحة فجأة بعد أن تقلدوا تلك المناصب وصاروا مسئولين عن امورها وخاصة ان
بدلات السفر مرموقه...! ومراجعة أوراق الماضى القريب لمعظم تلك القيادات تؤكد أنهم
لم يعتادوا السفر قبل المنصب لكنهم تعودوا عليها بعد تقلدهم للمنصب وكأنها صارت من
مقتضيات الوجاهة الوظيفية .! ولو راجعنا الملف الضريبى لهؤلاء فسنجد عجب العجاب
... ومن غرائب الأمور ان بعض القيادات الجامعية سافرت للخارج أيام الإمتحانات مع أن
هذا ممنوع علي باقي أساتذة الجامعات.! وبالمناسبة مرة أحد رؤساء وزراء مصر السابقين
أعاد رئيس جامعة سابق من المطار لأنه سافر بدون داع..
وأخيرا وليس آخرا أدعوا المولى أن يوفق
رئيس مصر وحكومته والأجهزة الرقابية فى جمهورية مصر العربية لمراجعة عدد مرات سفريات
المسئولين وعمل دراسة جدوى لتلك السفريات ..
·
كاتب المقال الأستاذ الدكتور/ محمد نبيه الغريب
استاذ متفرغ بقسم التوليد وأمراض النساء
بكلية الطب - جامعة طنطا