الفكر التربوي الخرطوشي !!
الجمعة 22/مايو/2015 - 01:17 ص
نشرت جريدة البوابة يوم الخميس21مايو2015 خبرا بصفحتها الأولى مفاده أن وزير التربية والتعليم يدرس التصريح لمراقبي امتحانات الثانوية العامة بحمل السلاح لمواجهة الغش المصحوب بالعنف !!( .... خاصة في بعض محافظات الصعيد !!! ) بالتأكيد هذه طفرة في فكرنا التربوي لم تخطر ببال طه حسين ولا حسين بهاء الدين ولا كمال الدين حسين ولا حتى اسماعيل القباني ... فكرة عبقرية نهنئ إدارة الأمن بالوزارة على نباهة التوصل إليها ....
لكن المزعج أن الجريدة في صوغها للخبر فاتها أن تحدد للقراء : بم سيتسلح المعلمون المراقبون ؟ أبالمسدسات أم بالبنادق ؟ أم بالكلاشينكوف ؟ أم بالآر بي جي ؟ أم أن سياسة اللامركزية الرشيدة التي تنتهجها الوزارة ستسمح بالتنويع بين ذلك كله حسب المناطق الموبوءة من كردستان : يعني مثلا : مراقبو البداري وأبنوب تكفيهم المسدسات والبنادق الروسي ، وجهينة البنادق الآلية ، والسمطا ودشنا : الكلاشينكوف ... وفرشوط : الآر بي جي ...وإدفو : الجرينوف .
طيب : وما العمل في حالة قرية " قاو النواورة " التي تشتغل في تخصيب اليورانيوم من10سنين على الأقل ؟ بم سيتسلح مراقبوها ؟ .....
والجريدة العزيزة أخطأت مرة أخرى لأنها لم تتقن صياغة الخبر على هذا النحو " المهني " المفصل ...ولم تجب عن سؤال عبد الصبور أفندي : وهل سيتلقى المعلمون تدريبا على استعمال السلاح في الأكاديمية المهنية للمعلمين أم في أكاديمية الشرطة ؟ وكم ستكون مدة تدريب المعلمين على حمل السلاح واستعماله ؟ ومن الذي سيدفع ثمن الذخيرة ؟ رئيس اللجنة أم مراقبو الأدوار أم الكنترول ؟
وهل حددت الوزارة – على سبيل الحصر – الحالات التي تستدعي استخدام المراقبين لهذا السلاح المرخص ؟ وإذا ما انطلقت رصاصة على سبيل الخطأ من مراقب يتسلى بتنظيف سلاحه في أثناء الامتحانات ، هل سيتريث أولياء الأمور المحيطون بالمدرسة ( وهم صعايدة كما تقول الوزارة ) حتى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود أم سيقتحمون اللجان ليتأكد كل منهم أن الرصاصة لم تستقر في كبد ابنه ؟
ولم يظهر مما نشرته البوابة ، ما ستكون مهمة رجال الشرطة الذين يحرسون اللجان في حال تسليح المعلمين المراقبين ؟ هل سيكون هم أيضا مسلحين أم سيتحولون إلى باعة لب وترمس للتلاميذ في أوقات الراحة بين جلسات الامتحان؟
إن وزارة التربية بهذه الخطوة الرشيدة قدمت للأمة فتحا مبينا ، وإبداعا فريدا لم يخطر ببال أي مؤسسة ترعى التعليم في العالم بأسره .... وفي هذا تأكيد جديد على أن الفكر التربوي للوزارة في هذه المرحلة خلاق وإبداعي وغير تقليدي ، وتستحق الوزارة من التربويين التقليديين كل تقدير لما توصلت إليه من جودة وتميز وابتكار .
وبالتأكيد لا صحة لما روجته بعض الأقلام المغرضة من أن تسليح معلمي اللغة العربية سيكون بالشوم وتسليح معلمي التربية الفنية سيكون بالعكاكيز ، و وتسليح معلمي التربية الوطنية سيكون بالمطاوي ، وتسليح معلمي الجغرافية سيكون بالسنج ، وتسليح معلمي الفلسفة سيكون بالفؤوس ، وتسليح معلمي الرياضيات سيكون بالبمب ، وتسليح معلمي العلوم سيكون بالجنازير، وتسليح معلمي الموسيقا سيكون بالشماريخ .. فكل ذلك خيال مريض تروج له تلك الأقلام العميلة ولا أساس له من الصحة . والوزارة جادة كل الجد في الترخيص للمراقبين في حمل الأسلحة النارية الحديثة فقط .
وأغلب الظن أن وزارة التموين قد تحذو حذو وزارة التربية فتدرس تسليح مفتشي التموين بالأسلحة النارية لمواجهة أي مواطن يشتري سلعة بأكثر من ثمنها الذي يعرضه البائع !!
وأغلب الظن أن وزارة الأوقاف قد تحذو حذو وزارة التربية فتدرس تسليح مفتشي المساجد
بالأسلحة النارية لمواجهة أي مواطن تسول له نفسه أن يصلي منفردا ولا يأتم بإمام الأوقاف
فإذا كان في وزارة التربية مفتشون فإن في وزارتي التموين والأوقاف مفتشين أمثالهم ، والعدالة الاجتماعية التي ينشدها مجتمعنا حاليا تتطلب أن يتساوى المفتشون في الحقوق والواجبات ... قوَّى الله إيمانكم جميعا أيها المبدعون !!!