ثقافة الهدم والحرق
الجمعة 17/أبريل/2015 - 12:03 ص
حين اكتشفت خطورة درس الهدم والبناء المقرر على طلاب الصف الأول الثانوي فى مقرر اللغة العربية منذ أكثر من شهر وقامت الوزارة بإلغاؤه ضمن عدد من الدروس فى مختلف المقررات لأنها تحض على العنف والهدم والفتن والعنصرية وإشاعة القيم السلبية ، ظننت أن خطورة هذا النص على طلاب الثانوي فقط ولم يدر بخلدي أبدا أن الحكومة كلها قد تأثرت بهذا النص الذي يعظم قيمة الهدم فى ذاته باعتباره فضيلة واجتمعت لتقرر بجلالة قدرها هدم بنايه .
أقول ذلك بعد قرار الحكومة المفاجئ بهدم مبنى الحزب الوطني الكائن على كورنيش النيل الملاصق لمبنى المتحف المصري ، قررت الحكومة الهدم بجرة قلم دون أن تقول لنا وماذا بعد الهدم وكيف ستستفيد من الأرض ولماذا لم تأخذ رأى الشارع صاحب الحق الأصيل فى بناء تم منذ أكثر من 37 عام وكان رمزا للحكم ، ولماذا لم تقرر مثلا ترميم البناء وإعادة استغلاله فيما يفيد الناس ويدر دخلا علي الدولة، لماذا كان الهدم أسرع إلى القلم بدلا من الترميم والبناء لماذا لم يطرح الأمر أصلا للنقاش المجتمعي ولماذا لم تطرح بدائل معقولة .
الشيء نفسه قامت به مديرة التربية والتعليم فى الجيزة د.بثينه كشك وبعض المسئولين التابعين للوزارة حين قاموا بحرق كتب وجدوا أنها غير مطابقة للمواصفات وغير مدرجين بقائمة المكتبات ، قاموا بحرق الكتب وهم يحملون أعلام مصر لترفرف على الألحان والاغانى الوطنية ، ليتم مطابقة هذا المشهد بحرق وذبح داعش لضحاياهم وهم يرددون الله اكبر ، بل وربطت وزارة الثقافة فى بيان لها بين هذا المشهد وبين حرق كتب ابن رشد منذ 815 عام فى الأندلس بدعوى الزندقة ، وبعيدا عن تصريحات الوزير د.محب الرافعي الذي أستنكر فيه واقعة الحرق وبعيدا عن دفاع د.بثينه كشك عن نفسها أنها أخذت أذن وموافقة الجهات الامنيه قبل الحرق وخاصة اللواء حسام أبو المجد مدير مكتب الوزير الذي اقر لها بالحرق ، المهم أن الحرق قد تم وان هدم البناية سوف يتم ، بعيدا عن الرؤية المستقبلية وتحديد الهدف من القرار ، سيتم بعيدا عن التخطيط والحلم المدروس لبكرة .
حين ذهبت لتهنئة د.محب الرافعي بحقيبته الوزارية اقترحت عليه هدنه محارب فيما يخص المقررات والكتب الدراسية قلت له لماذا لا توقف طباعة الكتب لمدة عام واحد فقط وسيادتك تعلم تماما أنها تذهب بحالتها لبائع الروبابيكيا بقروش زهيده رغم ما انفق على طباعتها من مليارات ، وفى هذا الوقت تعكف الوزارة بكل إمكاناتها على تطوير المناهج بما يتفق مع بيئتنا المصرية واحتياجاتنا الفعلية المستقبلية ولا تخشى على هذا العام الدراسي لأنه يعمل بالمذكرات والكتب الخارجية ،
وقتها استنكر الوزير الفكرة بل رفضها لان طباعة الكتب مرتبطة بكل مؤسسات الدولة ومطابعها الرسمية والخاصة والمؤسسات الصحفية فقلت له إن كل مشكله ولها حل وممكن تسويه كل ما يترتب على وقف الطباعة من مشاكل ، لكن الوزير رفض حتى مناقشة تفاصيل الفكرة ، حتى فوجئت الأسبوع الماضى بطرحه لفكرة طباعة المقررات الدراسية على سيد يهات بشرط موافقة ولى الأمر ، لم يوضح الوزير الغرض من هذا الطرح هل هو للتوفير أم هدنه للتطوير ولم يناقش البدائل أو آلية التنفيذ فى الميدان مع المعلمين والوزير يعلم تمام العلم أن الطالب والمعلم أدمن المذكرات والكتب الخارجية وان مافيا الدروس الخصوصية قضت بالفعل كل فرص التعليم الحقيقي ، الوزير يطرح مشروع السيد يهات للنقاش وما زال مشروع التابلت الفاشل الذي قام به الوزير السابق د.محمود أبو النصر وأقره فى صعيد مصر بالأمر المباشروالنيابه الاداريه مازالت تفكر فى تحريك المخالفات للتحقيق .
الأمر يحتاج إلى رؤية واضحة بعيدا عن ثقافة الحرق والهدم والاستسهال والتخبط الادارى والقرارات الفوقية التي ما زالت هي الحاكمة للأسف الشديد.