الخميس 14 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم

مسلمون أنقذوا مئات اليهود من النازية

الإثنين 24/نوفمبر/2014 - 10:37 م

أثناء الحرب العالمية الثانية خاطر العديد من المسلمين، مثل سي قدور بنغبريت وعبد الحسين سرداري، بحياتهم من أجل إنقاذ العديد من اليهود من الترحيل إلى معسكرات الاعتقال النازية. بيد أن عملهم الإنساني البطولي الذي أدوه بكل مهارة ومن دون أي مقابل بات منذ أعوام طويلة نسيا منسيا، مثلما يذكر الصحفي عمران فيروز في بحثه التالي .

غالبًا ما يتم تصوير الصراع في الشرق الأوسط من جانب واحد بصورة "حرب دينية"، وهذا أمر غير صحيح، وذلك لأنَّ اليهود والمسلمين كانوا دائمًا يعيشون سوية بسلام لفترة طولة من الزمن - سواء في الشرق أو في الغرب. ولكن مع ذلك فإنَّ الأمثلة على هذا التعايش السلمي بين اليهود والمسلمين أو حتى الأمثلة التي تظهر تبادلهم المساعدة، ليست معروفة كثيرًا مثل تلك الأمثلة التي من المفترض أنَّها تثبت الصراع الأزلي بين الحضارات.

في فترة تفاقم الجنون العنصري النازي، خاطر بعض المسلمين بحياتهم من أجل إنقاذ حياة غيرهم من اليهود. غير أنَّ عملهم الشجاع هذا بات منذ فترة طويلة نسيًا منسيًا. لقد شهد على سبيل المثال مسجد باريس الكبير واحدة من مثل حالات إنقاذ اليهود هذه. تم افتتاح مسجد باريس الكبير في عام 1926، كما أنَّه يُعدّ من دون ريب من أجمل بيوت الله الإسلامية في أوروبا. وهو يعتبر كذلك دليل شكر وامتنان لأولئك المسلمين، الذين قاتلوا في الحرب العالمية الأولى ضدّ ألمانيا إلى جانب فرنسا ضمن وحدات جنود المشاة المناوشين "Tirailleurs" - أي ضمن القوَّات المساعدة الاستعمارية. وفي تلك الحقبة سقط سبعون ألف محارب مسلم كانوا يحاربون تحت الراية الفرنسية.

وبعد الاجتياح الألماني لفرنسا في عام 1940، بات اليهود هناك مهدّدين بخطر الموت. وفي تلك الأيَّام، كان سي قدور بنغبريت، وهو من أصل جزائري، مدير مسجد باريس الكبير وإمامه الرئيسي. ولذلك فقد كان العديد من اليهود الشرقيين (المزراحيين) الباحثين عن المساعدة يتوجّهون إليه من أجل حمايتهم. ومن بين هؤلاء اليهود كان أيضًا الشاب سالم الهلالي، الذي أصبح في وقت لاحق مطربًا وممثّلاً شعبيًا وقد توفي في عام 2005. لقد استقبل سي قدور بنغبريت العديد من هؤلاء اليهود وأخفاهم في داخل المسجد ونجح في إنقاذهم، وذلك من خلال تزويدهم بهوية إسلامية.

وبما أنَّ اليهود الشرقيين لا يختلفون كثيرًا في مظهرهم الخارجي عن إخوانهم وأخواتهم المسلمين، ويتحدّثون اللغة نفسها ويحملون أسماء مشابه، فلم يكن من الصعب كثيرًا على سي قدور بنغبريت التضليل بالمحتلين الألمان. حيث حصل لكلّ فرد منهم على وثائق مزيفة تثبت أصولهم الإسلامية المفترضة، وقد أنقذهم من خلال ذلك من الترحيل إلى معسكرات الاعتقال النازية. لا يزال من غير المعروف تمامًا كم كان يبلغ عدد اليهود الذين نجح سي قدور بنغبريت في إخفائهم، ولكن من الممكن أن يكون عددهم كان يصل إلى ألفي شخص، ومن المفترض كذلك أنَّ من بينهم كان يوجد الكثيرون من مقاتلي المقاومة الفرنسية والكثير من النساء والأطفال.

نقلا عن موقع قنطرة