فورين بوليسي: أمريكا تقود العالم إلى الفوضى
الأربعاء 15/أكتوبر/2014 - 12:50 ص
تناول أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد ستيفن والت، في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية اليوم الثلاثاء، التطورات الخطيرة التي شهدها عام 2014، وتداعيات النظام العالمي الجديد الذي أصبح أقل تنظيماً، والدور الذي لعبته الولايات المتحدة الأمريكية بخلق عالم أكثر اضطراباً وأقل تعاطفاً مع جوهر القيم الأمريكية.
يقول المحلل السياسي والت: "يشهد عام 2014 تطورات خطيرة، لدينا حرب جديدة ضد الدولة اللا-إسلامية، وتستمر حركة الانفصالات في كاتالونيا وغيرها، ويوجد صراع متجمد في أوكرانيا، وظهرت حالات إيبولا خارج قارة إفريقيا، وتواجه بكين مظاهرات هونج كونج، وتفسد عصابات المخدرات السياسيين في المكسيك وترتكب جرائم لا تقل بشاعة عن تلك التي تقوم بها الدولة اللا-إسلامية، وفي الوقت نفسه هناك قصف على الحدود بين الهند وباكستان، وحزب الله يقوم بتفجير قنبلة على الحدود بين إسرائيل ولبنان، أما في واشنطن ثمة مسؤول سابق يلقي اللوم على الجميع، باستثناء نفسه بالطبع، في أوجه قصور السياسة الخارجية الأمريكية".
فوضى النظام العالمي الجديد
ويستطرد والت: "لاشك في أن ما يحدث حالياً ليس النظام العالمي الجديد الذي كان يدور في أذهان كل من الرئيس جورج إتش دبليو بوش، ومستشار الأمن القومي برنت سكوكروفت ، حينما انهار الاتحاد السوفيتي ومن ثم باتت الولايات المتحدة على قمة السلطة، وعلى الرغم من بعض التطورات الإيجابية التي حدثت خلال العقدين الماضيين، فإنه لا يمكن الهروب من الاعتراف بحقيقة أن النظام العالمي الحالي أصبح أقل تنظيماً وسريعاً ما سيتحول إلى فوضى".
تجاهل عادات وتقاليد الدول
وحول الأسباب المشتركة التي أدت إلى ظهور تلك المشاكل في النظام العالمي الجديد، يرى والت أن العولمة الاقتصادية ومؤسسات مثل الاتحاد الأوربي وطدت الضغوط من أجل الحكم الذاتي المحلي وصعود المطالبات بالانفصال والاستقلال، إذ لم تعد هناك حاجة إلى الدول الكبرى ذات الأسواق الداخلية الكبيرة.
فعلى سبيل المثال، إذا كان باستطاعة كاتالونيا إجراء صفقات تجارية بحرية مع دول الاتحاد الأوروبي وبقية دول العالم، فلماذا تحتاج أن تظل جزءاً من إسبانيا؟، ويصف والت الاتحاد الأوروبي والمسئولين الفيدراليين بأنهم يتجاهلون العادات والتقاليد المحلية للدول.
العولمة وزعزعة الاستقرار السياسي
ومن وجهة نظر والت، فإن عولمة المعلومات على وجه التحديد، مسؤولة عن زعزعة الاستقرار السياسي خاصة عندما تكون الحكومات المحلية ضعيفة، ويستشهد والت بما حدث في تونس وسقوط الحكومة التونسية عند انتحار بائع الفاكهة في أواخر عام 2010، لاشتعال المظاهرات، وانتشار هذا النموذج سريعاً في معظم أنحاء الدول العربية.
ويرى والت أن سهولة الاتصالات عبر وسائل العولمة سمحت للجماعات المتطرفة بنشر رسائلها بطرق لم يحلم بها لينين أو تروتسكي من قبل، وفي الوقت نفسه تخلق سهولة السفر في عالم اليوم مخاوف انتقال الاضطرابات من الأراضي البعيدة.
يقول والت: "أدى تآكل عناصر النظام العالمي إلى تفاقم التطورات التي نشهدها حالياً، إذ عملت نهاية الحرب الباردة على خفض دعم الدول الكبرى لعدد من الدول التي أصبح حكامها عرضة إلى التحديات الداخلية، وزادت ثورة الحقوق التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية من تشجيع الجهود الرامية إلى التحول الديموقراطي في العديد من الأماكن، بيد أن الأنظمة السياسية اهتزت كنتيجة حتمية، خاصة في ظل غياب السياسات الفعالة والمؤسسات السياسية في دول متعددة الأعراق والجنسيات، ومن ثم أثارت الديمقراطية النزاعات الداخلية بصورة أكبر على الأقل على المدى القصير".
دور الولايات المتحدة
وحول دور الولايات المتحدة يقول والت: "لا يمكن تجاهل الجهود المتعمدة التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض حلفائها لتحويل المناطق الرئيسية في العالم إلى النزاعات المسلحة، الأمر الذي خلق فراغات أكبر غير خاضعة للحكم ترسخت من خلالها جذور الحركات العنيفة، والعراق أبرز مثال على هذه الظاهرة، وكذلك كان لتدخل الولايات المتحدة في ليبيا واليمن والصومال نتائج مماثلة، وللأسف، ساعدت جهود الولايات المتحدة لإسقاط الطغاة وفرض القيم السياسية الأمريكية على المجتمعات الخارجية، على خلق عالم أكثر اضطراباً وأقل تعاطفاً مع جوهر القيم الأمريكية".