الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم

شجون فلاح ..وماشاع عن اعادة بدر وزيرا للتربية والتعليم

الأحد 15/يونيو/2014 - 10:49 م

" الشيخ محمد " من أبناء قرية شطورة بسوهاج ، مساعد شرطة بالمعاش ، كان قبل نحو خمسين عاما يعمل بمركز شرطة أبو تيج بمحافظة أسيوط ، كان الرجل قرويا ،بسيطا ، متصوفا ، زاهدا ، معروفا بين زملائه ورؤسائه بالعفة والترفع والقناعة ، فلم ينجح أحد طوال خدمته في " تحيته" ولو بسيجارة أو ثمن كوب شاي ، وكان من لوازمه مداومة ذكر الله بمسبحة لا تفارق يده ، وحدث ذات يوم أن جاء إلى المركز مأمور جديد صارم الملامح ، وفيما كان المأمور يتفقد مواقع العمل بالمركز وحوله الضباط ، رأى عم محمد واقفا في خدمته أمام غرفة السلاح ، وبيده المسبحة ، فشخط فيه بصوت غليظ : " أنت يا راجل أنت ارمي السبحة دي من ايدك ، ما عندناش دراويش في البوليس" ، كان يتوقع من هذا " الصول" أن تنتفض عروقه، وترتعش يداه ، وتصطك أسنانه ، وتختلف ركبتاه ، وتصطفق ضلوعه، ويتلعثم لسانه ، وتختلج عيناه ، وينحني ذليلا ، ويقذف بالمسبحة أدنى الأرض ، ويرزع حاجبه بجنب كفه علامة الامتثال وال" تمام يأفندم !!" ، لكنه فوجئ بالرجل ذي الخمسين عاما يقول له بصوت هادئ واضح النبرات لكنه ثابت : " سيادتك اطلع مكتبك وسأكون خلفك باستقالتي بعد دقيقتين لا أكثر " !! انفعل المأمور وانصرف مغضبا إذْ لم يعهد في خدمته السابقة أن يصطدم بردود من هذا النوع . وفي مكتبه أحاط به كل ضباطه يقولون بلغة واحدة إنهم يشهدون لهذا العجوز بما لم يروا طوال خدمتهم من زهد وتعفف وأمانة وقناعة ، وأنهم لا ينادونه إلا ب" الشيخ محمد" ، ورووا للمأمور الجديد أن سابقيهم من زملائهم تعودوا هذا الوضع . بعد ما هدأ المأمور أرسل للشيخ محمد ، فدخل الرجل مرفوع الرأس وبيده اليسرى استقالته ، وأدى التحية للمأمور بيده اليمنى ، وفوجئ بالمأمور يقف له ليرد تحيته قائلا : " أنا باعتذر لك يا عم محمد " ثلاث مرات !!

وعاد الرجل محفوظ الكرامة .. ومايزال يعيش حتى هذه اللحظة في مدينة أبو تيج التي أحبه أهلها الكرام ، ومازالوا يروون عشرات الوقائع المماثلة عن مواقف هذا الرجل الفقير البسيط العفيف الذي بادلهم حبا بحب ، ولم يعد لقريته الأم منذ خمسين عاما أو تزيد . ورحل المأمور ورحل معه اسمه فلم يعد يذكره أحد .

-----------------------------

تذكرت قصة هذا الرجل وموقفه وأنا أسترجع [ بمناسبة ما شاع عن إعادة أحمد زكي بدر وزيرا للتربية ] موقفه مع مدير مدرسة بائس تجاوز الخمسين ، ووقف أمام الوزير مرتعشا دامعا ذليلا ، والوزير يتفقد المدرسة وحوله كاميرات التلفزيون ، ويعامل الرجل بعنجهية وغلظة وسخرية وقهر نفسي رهيب ويستظرف فيخاطبه مقلدا سَقَطة الممثلين ( إييييييه يا حضلة الناصل ؟ ) هل خطر ببال معالي الوزير يومها أن

لهذا المربي العجوز البائس.. بنينَ وحفدةً وأهلاً وجيراناً ؟ وكيف سيعيش أبناؤه وحفدته مع ذويهم بعد هذه الحفلة من الإهانة المبثوثة فضائيا للعالم بأسره ؟ لو فعل ذلك المدير ما فعله عم محمد الصول لكان في ذلك درسٌ للوزير إلى أن تتطهر منه الوزارة ..