فورين أفيرز: انضمام القرم لروسيا .. خسارة أم مكسب ؟
الأربعاء 12/مارس/2014 - 01:29 ص
رجحت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية أن يحكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السيطرة الكاملة على شبة جزيرة القرم الأوكرانية بنهاية شهر مارس الجاري, وقالت ان من الواضح أنه يطمح إلى أكثر من ذلك بكثير.
وقالت المجلة في تقرير بثته علي موقعها الإلكتروني امس- انه على الرغم من الهدوء المتوتر الذي يسود شبه جزيرة القرم منذ تدفق الآلاف من القوات الروسية
عليها خلال الأسبوع الماضي, إلا أن فرصة القوات الروسية للتوغل داخل أوكرانيا ازدات
بشكل ملحوظ في يوم 4 مارس .. عندما أعلن بوتين في مؤتمر صحفي أنه "ليس قلقا"
من نشوب حرب في أوكرانيا.
ونقلت المجلة عن بوتين قوله إنه إذا قررت روسيا القتال, فسيكون من أجل "حماية المواطنين
الأوكرانيين".. مشيرا إلى أنه من المستحيل أن تقوم القوات الأوكرانية بأي شئ
حيال ذلك, قائلا "دعونا نري القوات الأوكرانية تحاول إطلاق النار على مواطنيها
وقواتنا خلفهم ليس أمامهم بل خلفهم- دعوهم يحاولون إطلاق النار على السيدات أو الأطفال!".
ونوهت المجلة الى أنه في الوقت ذاته وسع بوتين مجال نواياه في أوكرانيا من مجرد "حماية"
المواطنين الروس (المبرر الذي استخدمه لغزو واحتلال القرم) لـتشمل "حماية"
كافة المواطنين الأوكرانيين. ويتضح أنه سيستخدم المدنيين الأوكرانيين من النساء والأطفال
كمسوغ لغزو القوات الروسية.
ورأت المجلة أن الوقت قد حان لتصور ما كان يستحيل يوما تصوره: هجمات بوتين وتقسيم
أوكرانيا فضلا عن شبه جزيرة القرم والاستيلاء على مدن جنوب شرق أوكرانيا التي تعد
دوما أكثر المدن عرضة للغزو ومنها دونيتسك وخيرسون وغيرها من المدن التي تعد معقل
المواطنين الروس.. وفي مثل هذا السيناريو, ستكون روسيا هى الفائز المباشر بينما
ستكون أوكرانيا هي الخاسر المباشر ولكن على المدى المتوسط إلى المدى الطويل ستتمكن
أوكرانيا من المضي قدما في نهاية الأمر.
ولفتت المجلة إلى أن الخسائر الأولية الأوكرانية واضحة وتتمثل في: الهزيمة في حرب
برية والتخلي عن أراض وسكان والتضحية بالآلاف وربما عشرات الآلاف- من المواطنيين
الأوكرانيين. وبمجرد انتهاء الحرب, من المتوقع أن تكون أوكرانيا أكثر إحكاما واتساقا
وترابطا, وسيتغير الوضع بالنسبة للناخبين في إقاليمها الشرقية التي تؤيد دوما
الحزب الشيوعي وحزب الأقاليم المؤيد للرئيس الأوكراني المعزول فيكتور يانوكوفيتش.
ونتيجة لذلك, ستتراجع المشاعر المعادية للأوكرانيين والغرب.
وتوقعت المجلة أن تتمكن الحكومة الأوكرانية الجديدة من المضي قدما بثقة والتزام في
تنفيذ برنامج إصلاحي جذري في الأنظمة السياسية والاقتصادية والسعي للاندماج السريع
في الهياكل الأوروبية والعالمية. وأضافت المجلة أنه من المتوقع أن يصبح الاقتصاد
الأوكراني أكثر انفتاحا للاستثمار الأجنبي المباشر واستعدادا للانطلاق إذا حررت
الدولة نفسها من بعض القطاعات الصناعية غير المربحة . وأشارت المجلة إلى أن أوكرانيا
ستصبح أصغر حجما إذا انفصلت عنها شبه جزيرة القرم ومدنها الجنوبية الشرقية,
ولكنها على الأرجح ستنجو وتصبح أكثر قوة.
وبالانتقال إلى مكاسب روسيا, أفادت المجلة أنها أيضا واضحة وتتمثل في: نصر "عظيم ومجيد"
في الحرب والاستيلاء على أراض, ولكن ستتلاشي القومية المفرطة الناتجة عن الحرب
والحماس حول التوسعات الإقليمية عند إدراكهم الواقع .. حيث أنهم في سعيهم للحصول
على السيطرة, سيكتشف الروس سريعا أنهم يمتلكون إقاليم غير قابلة للاستمرار اقتصاديا
والتي لن تتمكن من النجاة بدون دفعات هائلة من الروبل.
وأوضحت المجلة أن روسيا تخدع نفسها باعتقادها أن سكان جنوب شرق أوكرانيا سيرحبون بالاحتلال
.. حيث أنه وفقا لاستطلاع الرأي الذي أجراه معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع
في منتصف شهر فبراير الماضي, ترفض الأغلبية العظمى من الأوكرانيين ?حتى في الجنوب
الشرقي- الانضمام إلى روسيا. خلاصة القول, سيؤدي الاحتلال إلى سخط شعبي بالغ
على عتق روسيا, حيث أنه من الممكن أن يقاوم الشعب الحكم الروسي بسلبية ومن الممكن
أيضا أن يرفعوا ضدهم الأسلحة.
واختتمت المجلة تقريرها بالإشارة إلى أن السخط الشعبي سيصعب مهمة الانسحاب على بوتين.
وسينبغي على عشرات الآلاف من القوات الروسية البقاء في المنطقة كمحتلين لفترة
طويلة قادمة, الأمر الذي سيكلف روسيا مليارات الدولارات سنويا, وحينها لن تتمكن
روسيا من تجاهل اقتصاد المنطقة حيث أن ذلك من شأنه فقط زيادة السخط الشعبي والمقاومة