التعليم ..المهان
الخميس 16/يناير/2014 - 01:50 م
تحول ( تطوير التعليم ) لأسطورة تتناقلها الأجيال في مصر ، وتقف أمامها وزارة التعليم جيلا بعد جيل تسبر أغوارها بلا طائل ، الكل ينتظر الوزير الذي يقود دفة التطوير ، وهو أمر لا يحدث سوي علي صفحات الجرائد و الإعلام فقط ، وكأنه اختراع لا يعرف كنهه أحد .
كل وزير يأتي يبدأ من حيث أتي ، و لا يسأل ما الذي فعله من قبلي ، ينصب المؤتمرات و يدعوا الإعلام للتصوير و يقيم ورش عمل و تخرج نتائج هي نفسها النتائج القديمة !
و نسيت أن أقول أن من يقوم بوضع الخطط والتوصيات هم نفس من وضعوا المناهج العقيمة التي تسببت في الإعاقة الذهنية للطلاب !
ويتفرق مستقبل أبنائنا بين الجزر المنعزلة ، بين السادة المستشارين من جهة ، وبينهم وبين الوزير من جهة أخري ، و بين الوزير و باقي الوزراء في مجلس الوزراء من جهة ثالثة . الكل يعمل بمعزل عن الآخر و كأنهم تلاميذ في مدرسة يجب أن ينهوا الواجب المنزلي بغض النظر إن كان مطلوبا أم لا !
التعليم هو جوهرة التاج في أية دولة تسعي للنهوض من غفوتها ، و هو المنظومة الأهم ، و يحتاج لرؤية مجتمعية شاملة تشتمل علي خطوات محددة و زمنية تنفيذها متدرج و لا تتغير بتغير الوزراء بل تتطور بتطور مستحدثات العلم و تطور نظرياته و جديد الاختراعات في العالم .
لأن المجتمع الذي لا يملك التميز المعرفي والقوة التنافسية لن يجد له مكانًا سوى في الهامش. وقدره سيكون التبعية والصفوف الخلفية أو حتى خارج السياق الحضاري تمامًا!!
أمريكا تشكو من تخلف التعليم وتريد أن تطوره ! و تبحث في أسباب ذلك ، ونحن نتباري في تبرير التخلف و تجميله و تهدئة الرأي العام بنشر أخبار كاذبة عن نطور نوعي ، و وعود بالتطوير ـ لن تحدث ـ في ظل سياسة الإنكار بسوء أوضاع التعليم في مصر و خاصة المناهج التي تقتل الإبداع والابتكار في الصفوف الابتدائية من حيث الكثافة و الصعوبة و اضطرار الأطفال لأخذ دروس تعليمية ليفك طلاسم المواد التي يدرسها .
و نأتي إلي مستحدثات لا يدرسها طلابنا في سنوات التعليم المختلفة و أقصد بذلك أن طالب ينهي دراسته الثانوية ولا يعرف شيئا عن أجزاء الذرة سوي أنها تتكون من إلكترون وبروتون ونيوترون في حين انه في عقد التسعينيات توصل العلم لان الذرة تنقسم لأجزاء أصغر وهي الكواركات و ليبتونات !!
التحديات كثيرة أمام مصر المرحلة المقبلة ، ولعل على رأسها تحدي التعليم، وهو تحدٍ كبير ومهم وخطير!
و يري المؤرخ (توينبي) أن المجتمع يتحدد مصيره بناء على تعامله مع التحدي، فإما أن يكون مجتمعًا متطورًا فيكتب التاريخ، أو حضارة معاقة محنطة، أو حضارة مندثرة!!
أخيرا :
فلسفة التعليم غائبة وغير واضحة تمامًا، سواء في أذهان من يدير العملية التعليمة نزولا الي المعلمين و الطلبة ناهيك عن المجتمع نفسه ، بعد أن صنعنا من تطوير التعليم ألغاز وطلاسم . و البداية الجديدة تستوجب رؤية موحدة من بين جميع الأطراف ؛ الدولة , و المجتمع , و المؤسسة التعليمية بكامل هيئتها .. و بشكل مبسط يفهما القاصي و الداني و تكون هدفا يحققه الجميع لا هدفا في أذهان من وضعوه فقط !