أغلقوا ماسورة الدراسات العليا و افتحوا الدراسات المهنية
كتب الدكتور هاني أبو العلا، الأستاذ بجامعة الفيوم على صفحته الخاصة بموقع فيس بوك؛ وسط ما نره من هوجة الماجسيرات والدكتوراهات أتساءل: هل معظم هذه الرسائل قيمة بالدرجة التي نتوقعها فيها؟ وهل تم اختيار الموضوعات بعناية وفقاً لخطط اكاديمية تم مناقشتها مسبقاً في مجالس الأقسام و الكليات والجامعات بحيث تخدم القضايا القومية و تتماشى مع الخطط التنموية للدولة؟ الأمر الآخر الأكثر أهمية هل تم تأهيل الطلاب بالشكل الكافي لحمل هذه الدرجات؟.
وهل لدى السادة المشرفين الخبرة الكافية في الموضوعات نتيجة وقوعها في تخصصاتهم الدقيقة، التي بحثوا فيها وما زالوا يبحثون؟ و على الجانب الآخر هل المناقشون حتماً يكونوا متخصصين في التخصص الدقيق للموضوعات؟ و إذا استللنا عناصر محدوده فكان الموضوع قيماً، يتناسب وخطة الدولة، و اجتمع فيه نشاط الطالب و براعة المشرف والمناقش، فهل تجد نتائج البحث طريقها لصانعي القرار؟!.
كلها أسئلة نجد جميعاً الحرج في الإجابة عنها، وها نحن نجدنا أصبحنا نتبارى في تخريج (تفريخ) الكثير والكثير من الرسائل العلمية، أو إن شئت فقل أن منها ما يجوز تسميته بالرسائل اللا-علمية، فباللا-موضوع،و الطالب اللا-مؤهل، والمشرف والمناقش اللا-متخصص تكون الكارثة.
و إن كانت هذه هي النتائج، فما الأسباب إذن!؟
فالناظر بشئ من التدقيق يجد أن نسبة حاملي الشهادات العلمية أصبحت في تزايد مستمر، لكن المستوى العلمي و مخرجات التعلم أصبح معظمها مشوب بالعوار، ومن أراد أن يتحقق فلينظر لأجيال سالفة كانت تزينهم شهادات الابتدائية القديمة و تظهر عليهم علامات الثقافة واضحة جلية، ولينظر إلى عظماء مصر اللذين تفوقوا بحصولهم على درجات لا تزيد نسبتها عن ٩٠٪في الشهادة الثانوية العامة، وليقارن هؤلاء ليس بالحاصلين على ١٠٠٪ في الشهادة الثانوية اليوم، بل ربما بحملة الماجستير والدكتوراه.
ومع هذا العدد الضخم من خريجي الجامعات في كل عام وتقلص فرص العمل و الوظائف يسعى عدد ليس بقليل للالتحاق ببرامج الدراسات العليا بالجامعات بُغية في الحصول على شهادة (ورقية) أعلى تخرجه من فئة إلى فئة أخرى قد يجد معها فرصة للعمل، خصوصاً و أن شروط الالتحاق، من ثم التسجيل والمناقشة، ليست بالأمر الصعب، وعلى جانب آخر فإن حصول بعض الموظفين على تلك الشهادة قد يؤهل لما هو أعلى في المشوار العملي لهم.
وبين هذا وذاك تضيع القضية، فالدراسات العليا بمعظم جامعات العالم المتقدم لم تكن لتقوم بدور المُعوض لرغبات البشر، ولم تكن عرضة للأهواء و المجاملات، إنما هي بمثابة عماد الخطط التنموية وأساسها، أما ما ينوب عنها لتلبية رغبات البشر في الترقي أو البحث عن فرصة عمل أفضل أو غيرها فهي برامج الدبلومات المهنية.