وهم لغوي شائع وتصويبه
يشيع في كتب اللغة قول الأشجعي :
( وعدتَ وكان الخُلْفُ منك سَجيّةً ...
مواعيدَ عُرْقُوبٍ أَخاه بيَثْرب )
وأكثر الرواة يروونه بيثرب ، ويعنون به
المدينة ، وهذا وهمٌ أنكره أبو عبيدة وابن الكلبي الذي حقق أن الرواية بيترَب بالتاء
والراء المفتوحة ، و"يترَب " هذا موضع يقرب من اليمامة ويتاخم منازل العمالقة
. واحتج في ذلك بأن عرقوبا كان من العمالقة الذين لم ينزلوا المدينة .
وكذلك رواه أَبو عبيدة بَيَتْرَبِ وأَنكر
بيَثْرِبِ وقال : عُرقُوبٌ من العَمالِيقِ ويَتْرَبُ من بِلادِهم ولم تَسْكُن العمالِيقُ
يَثْرِبَ .
وأما عُرْقُوبٌ هذا فهو رجل من العَمالِقة
اسمه عُرْقُوبُ بن مَعْبَدٍ كان أَكذبَ أَهل زمانه !!
ضَرَبَتْ به العَرَبُ المَثَلَ في الكذب
وخُلْف الوعد !! فقالوا مَواعِيدُ عُرْقوبٍ !! وذلك أَنه أَتاه أَخٌ له يسأَله شيئاً
فقال له عُرْقوبٌ إِذا أَطْلَعَتْ هذه النخلةُ فلكَ طَلْعُها فلما أَطْلَعَتْ أَتاه
على الوعد ، فقال له دَعْها حتى تصيرَ بَلَحاً ، فلما أَبْلَحَتْ قال دَعْها حتى تَصيرَ
زَهْواً ، فلما أَبْسَرَتْ قال دَعْها حتى تَصير رُطَباً ، فلما أَرْطَبَتْ قال دَعْها
حتى تصير تمراً فلما أَتْمَرَتْ عَمدَ إِليها عُرْقُوبٌ من الليل فَقَطَعَها ولم يُعْطِ
أَخاه من التمر شيئاً فصار مَثَلاً في إِخْلاف الوعد !!
والوهم الثاني أنهم يجعلون المخاطَبَ بالبيت
مفرداً مذكّرًا كما أثبتناه أول المنشور ، والحقُّ أنه كان يخاطب به حبيبته فالأصح
أن يكون صدر البيت بكسر تاء المخاطبة في الفعل ( وعدتِ) وكسر الكاف في ( منكِ) هكذا
:
( وعدتِ وكان الخُلْفُ منكِ سَجيّةً ... مواعيدَ عُرْقُوبٍ أَخاه بيَثْرب )