السندوتشات..مقابل الغش بالمدارس !!
جرت العادة في وزارة التربية والتعليم ، أن تُرسل مُعلميها ، إلي غير المدارس التي يعملون بها ، للمراقبه علي طلاب امتحانات الشهادات الإعدادية أوالثانوية ، حتي تتمكن من تقليص محاولات الغش ، التي ربما تحدث من جانب المراقبين علي الطلاب الممتحنين داخل اللجان ، وأيضاً للحفاظ علي جَهد كل مُذاكر يسعي لنيل التفوق ، وتقديساً لهيبة الإمتحان ، الذي يُكرم عِنده المرء أو يُهان !!
وكثيراً ما يحدُث
بالصدفة ، أن يكون من بين الطلاب الممتحنين من تربطهم علاقة قرابة أو معرفة بالمراقبين
عليهم ، مما يعتبره المراقبين فرص سانحه لتسهيل الغِشْ لهؤلاء الطلاب ، كنوع من الخدمة
الشخصية لهم ، أو مجامله بسيطة لأولياء أمورهم ، أو ربما أن المعلمون الممتحنون ، يقومون
بإعطاء هؤلاء الطلاب دروساً خصوصية ، فبالتالي تجد المعلمون في خوف من رسوب طلابهم
أو تدني درجاتهم ، لو إمتنعوا عن مساعدتهم بالغش
، مثلما هو يحدث تسيُب وكتابة لإجابات أسئلة الإمتحانات علي السبورة ، أو إملائها
شفهياً ، في الكثير من إمتحانات النقل والصفوف العادية ببعض مدارس الجمهورية .. ولا
عجب!!
وأذكر أن إحدي مدارس
القاهرة ، قد إتخذت من الغش والفوضي عنواناً لها ، لضمان إنجاح كل فاشل وضعيف من أولادها
، لدرجة أن إدارة تلك المدرسة ، كانت تجمع مبلغاً من المال من كل مُعلم ، يُدرِسْ لطلاب
الشهادات ، أثناء فترة إمتحاناتهم ، ثم يقوم معلمو المدرسة ، بشراء اللازم لعمل سندويتشات
اللانشون والجبنه الرومي وغيرها من الأطعمه ، ثم تساعد معلمات الفصول ، في صنع السندويتشات
الطازجة ، المحشوه بالطماطم والخيار، ليتناولها المراقبون مع المشروبات الغازية ، وكل
هذا ، إنما هو يُقدَم ، في صورة إفطار ، أو تحت مسمي " تحية اللجنه المُراقبة
" أو بمغزي يؤكد الحكمة القائلة " أطعم الفَمْ تستحي العين " حتي يرضخ
رئيس لجان المراقبة والمراقبون جميعهم لرغبة مدير المدرسة بالتساهل في تغشيش الطلاب
، كي تتحقق نتيجة رائعة لدرجات طلاب المدرسة !!
وذات مره ، حضر مع إحدي لجان المراقبه علي الشهادة الابتدائية
، أحد الموظفين ، ويدعي فواز ، وكان من أشد المؤيدين لمبدأ " السندويتشات مقابل
الغش " ، لدرجة أنه كان يحضر صباح كل يوم ، متلهفاً ومتشوقاً لما لذ وطاب من السندويتشات
الشهيه التي ترتاح لها بطْنُهْ ومعدته ، ويتلذذ بها لسانه ، ويستطعمها فاه ، حتي أن
ذلك الرجل ذات مره حاول أن يأخذ ، لأهل بيته ، من بعض هذه السندويتشات ، ولكن أحرجه
البعض ومنعه ، فإستحي وامتنع !!
وذات صباح حضر فواز
لمقر المدرسة ، التي يراقب فيها ، وفي هذه المره ، تأخر تجهيز السندويتشات عن ميعادها
اليومي ، فجنَ جنون فواز ، وعلا صوته ، وظل يهدد ويندد ويستنكر ، عندما رأي معلماً
من أعضاء لجنة الكنترول المدرسي ، جالساً بإحدي الحجرات ، يتناول الطعام ، ظاناً أن
هذه الأطعمه هي المخصصه لتحية اللجنة ، فوسوس له الشيطان أن " شندويتشات الغش
" تم توزيها دون علمه واستهتاراً في شأنه ، فظل يصرخ غضباً، حتي أسرع بعض العاملون
بالمدرسة بتهدئة صاحب الصوت العالي ، وقد وضَحوا الأمر له ، بأن ما يتناوله مُعلم الكنترول
، هي أطعمه قد أحضرها معه من بيته ، ومن ماله الخاص، أما ما يخصه من إفطار مع زملائه المراقبين ، فلم يتم تجهيزه بعد ، حتي إقتنع فواز وهدأت ثورته
، ولكن لم تهدأ معدته ، وظلَ يحلُم بالوجبة الغذائية المعتاده ، التي لا تُكلِف ، المراقب
، درهماً ولا ديناراً .
كان معلمو المدرسة نفسها ، والمكلفون بعمليات الغش من جانب
مدير المدرسة ، يُهرولون بدخول لجان الإمتحانات - بعد إطعام الطعام للمُراقبين الغُرباء
- ويبدأ كل معلم في تغشيش للطلاب ، وإملائهم الإجابات شفوياً ، أو
كتابتها لهم بخط أيديهم في أوراق الإجابة ، ليضمنوا نجاحاً واكتساحاً ، وخشيةً من الرسوب ، الذي ربما يحدُث ، إذا ما
مُنِعَ الغش !!
وسيظل الغش يفترش أمتعته الرديئة ، ذات المنظر القبيح والرائحه
الكريهه ، داخل مدارس مصر، كلما استمر مبدأ
إطعام البطون ، وما لازمه من الحِيل الضاله ، هي الطريق المُستحل ظُلماً بغير حق ،
لإقناع كل مُراقب بتسهيل الغش ، الضار بمصلحة
الطالب .. نعم الطالب الذي هَجر المُذاكرة ، وإتجه للعب في الشوارع والطرقات ، واعتاد
إستخدام الانترنت فيما لا يفيد ، بل والتغيب عن المدرسة لأيام طويله ، لأجل السفر للفُسح
والمرح ، بعدما إطمئن قلبه بأن الغش بالسندويشات ، صار الممر المختصر للنجاح المسروق
والمسلوق ، كلما استمرت ظاهرة فواز الأكول
.. وأشباهه !!!