الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

السندوتشات..مقابل الغش بالمدارس !!

الجمعة 25/مايو/2018 - 11:44 م

جرت العادة في وزارة التربية والتعليم ، أن تُرسل مُعلميها ، إلي غير المدارس التي يعملون بها ، للمراقبه علي طلاب امتحانات الشهادات الإعدادية أوالثانوية ، حتي تتمكن من تقليص محاولات الغش ، التي ربما تحدث من جانب المراقبين علي الطلاب الممتحنين داخل اللجان ، وأيضاً للحفاظ علي جَهد كل مُذاكر يسعي لنيل التفوق ، وتقديساً لهيبة الإمتحان ، الذي يُكرم عِنده المرء أو يُهان !!

 وكثيراً ما يحدُث بالصدفة ، أن يكون من بين الطلاب الممتحنين من تربطهم علاقة قرابة أو معرفة بالمراقبين عليهم ، مما يعتبره المراقبين فرص سانحه لتسهيل الغِشْ لهؤلاء الطلاب ، كنوع من الخدمة الشخصية لهم ، أو مجامله بسيطة لأولياء أمورهم ، أو ربما أن المعلمون الممتحنون ، يقومون بإعطاء هؤلاء الطلاب دروساً خصوصية ، فبالتالي تجد المعلمون في خوف من رسوب طلابهم أو تدني درجاتهم ، لو إمتنعوا عن مساعدتهم بالغش  ، مثلما هو يحدث تسيُب وكتابة لإجابات أسئلة الإمتحانات علي السبورة ، أو إملائها شفهياً ، في الكثير من إمتحانات النقل والصفوف العادية ببعض مدارس الجمهورية .. ولا عجب!!

 وأذكر أن إحدي مدارس القاهرة ، قد إتخذت من الغش والفوضي عنواناً لها ، لضمان إنجاح كل فاشل وضعيف من أولادها ، لدرجة أن إدارة تلك المدرسة ، كانت تجمع مبلغاً من المال من كل مُعلم ، يُدرِسْ لطلاب الشهادات ، أثناء فترة إمتحاناتهم ، ثم يقوم معلمو المدرسة ، بشراء اللازم لعمل سندويتشات اللانشون والجبنه الرومي وغيرها من الأطعمه ، ثم تساعد معلمات الفصول ، في صنع السندويتشات الطازجة ، المحشوه بالطماطم والخيار، ليتناولها المراقبون مع المشروبات الغازية ، وكل هذا ، إنما هو يُقدَم ، في صورة إفطار ، أو تحت مسمي " تحية اللجنه المُراقبة " أو بمغزي يؤكد الحكمة القائلة " أطعم الفَمْ تستحي العين " حتي يرضخ رئيس لجان المراقبة والمراقبون جميعهم لرغبة مدير المدرسة بالتساهل في تغشيش الطلاب ، كي تتحقق نتيجة رائعة لدرجات طلاب المدرسة !!

وذات مره ، حضر مع إحدي لجان المراقبه علي الشهادة الابتدائية ، أحد الموظفين ، ويدعي فواز ، وكان من أشد المؤيدين لمبدأ " السندويتشات مقابل الغش " ، لدرجة أنه كان يحضر صباح كل يوم ، متلهفاً ومتشوقاً لما لذ وطاب من السندويتشات الشهيه التي ترتاح لها بطْنُهْ ومعدته ، ويتلذذ بها لسانه ، ويستطعمها فاه ، حتي أن ذلك الرجل ذات مره حاول أن يأخذ ، لأهل بيته ، من بعض هذه السندويتشات ، ولكن أحرجه البعض ومنعه ، فإستحي وامتنع !!

وذات صباح حضر  فواز لمقر المدرسة ، التي يراقب فيها ، وفي هذه المره ، تأخر تجهيز السندويتشات عن ميعادها اليومي ، فجنَ جنون فواز ، وعلا صوته ، وظل يهدد ويندد ويستنكر ، عندما رأي معلماً من أعضاء لجنة الكنترول المدرسي ، جالساً بإحدي الحجرات ، يتناول الطعام ، ظاناً أن هذه الأطعمه هي المخصصه لتحية اللجنة ، فوسوس له الشيطان أن " شندويتشات الغش " تم توزيها دون علمه واستهتاراً في شأنه ، فظل يصرخ غضباً، حتي أسرع بعض العاملون بالمدرسة بتهدئة صاحب الصوت العالي ، وقد وضَحوا الأمر له ، بأن ما يتناوله مُعلم الكنترول ، هي أطعمه قد أحضرها معه من بيته ، ومن ماله الخاص،  أما ما يخصه من إفطار مع زملائه المراقبين ،  فلم يتم تجهيزه بعد ، حتي إقتنع فواز وهدأت ثورته ، ولكن لم تهدأ معدته ، وظلَ يحلُم بالوجبة الغذائية المعتاده ، التي لا تُكلِف ، المراقب ، درهماً ولا ديناراً  .

كان معلمو المدرسة نفسها ، والمكلفون بعمليات الغش من جانب مدير المدرسة ، يُهرولون بدخول لجان الإمتحانات - بعد إطعام الطعام للمُراقبين الغُرباء -  ويبدأ كل معلم  في تغشيش للطلاب ، وإملائهم الإجابات شفوياً ، أو كتابتها لهم بخط أيديهم في أوراق الإجابة ، ليضمنوا نجاحاً واكتساحاً  ، وخشيةً من الرسوب ، الذي ربما يحدُث ، إذا ما مُنِعَ الغش !!

وسيظل الغش يفترش أمتعته الرديئة ، ذات المنظر القبيح والرائحه الكريهه ، داخل  مدارس مصر، كلما استمر مبدأ إطعام البطون ، وما لازمه من الحِيل الضاله ، هي الطريق المُستحل ظُلماً بغير حق ، لإقناع كل مُراقب  بتسهيل الغش ، الضار بمصلحة الطالب .. نعم الطالب الذي هَجر المُذاكرة ، وإتجه للعب في الشوارع والطرقات ، واعتاد إستخدام الانترنت فيما لا يفيد ، بل والتغيب عن المدرسة لأيام طويله ، لأجل السفر للفُسح والمرح ، بعدما إطمئن قلبه بأن الغش بالسندويشات ، صار الممر المختصر للنجاح المسروق والمسلوق ، كلما استمرت ظاهرة  فواز الأكول .. وأشباهه !!!

[email protected]