الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

إن المعلم لا يعيش طويلاً

الخميس 05/أكتوبر/2017 - 06:23 م

لم يمارس أمير الشعراء : أحمد شوقي مهنة التعليم  ،ولكن في وقته كان التعليم مهنة مقدسة ومحترمة ،

وبما أنه كان متعلماً وتلقى المعرفة على يد أساتذة  أجلاء قال الآتي :

 

قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجــــــــــــــــــــ يـلا ***** كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا

 

أعلمتَ أشرفَ أو أجــــــــلَّ من الذي ***** يبني وينشئُ أنفـساً وعقولا

 

سـبحانكَ اللهمَّ خـيرَ معـــــــــــــــــــلّمٍ ***** علَّمتَ بالقلمِ القـرونَ الأولى

 

أخرجـتَ هذا العقلَ من ظلمـــــــــــاتهِ ***** وهديتَهُ النـورَ المبينَ سـبيلا

 

وطبعتَـهُ بِيَدِ المعلـــــــــــــــــّـم ِ ، تـارةً ***** صديء الحديدِ ، وتارةً مصقولا

 

أرسلتَ بالتـوراةِ موسى مُرشـــــــــــداً ***** وابنَ البتـولِ فعلَّمَ الإنجيـلا

 

وفجـرتَ ينبـوعَ البيانِ محمـــــــــــــّداً ***** فسقى الحديثَ وناولَ التنزيلا

 

علَّمْـتَ يوناناً ومصر فزالــــــــــــــــتا ***** عن كلّ شـمسٍ ما تريد أفولا

 

واليوم أصبحنـا بحــــــــــــــالِ طفولـةٍ ***** في العِلْمِ تلتمسانه تطفيـلا

 

من مشرقِ الأرضِ الشموسُ تظاهرتْ ***** ما بالُ مغربها عليه أُدِيـلا

 

ذهبَ الذينَ حموا حقيقـــــــــــةَ عِلمهم ***** واستعذبوا فيها العذاب وبيلا

 

في عالَـمٍ صحبَ الحـــــــــــــيـاةَ مُقيّداً ***** بالفردِ ، مخزوماً بـه ، مغلولا

 

سقراط أعطى الكـــــــــأس وهي منيّةٌ **** شفتي مُحِبٍّ يشتهي التقبيـلا

 

عرضوا الحيـاةَ عليه وهي غــــــباوة ***** فأبى وآثَرَ أن يَمُوتَ نبيـلا

 

إنَّ الشجاعةَ في القلــــــــــوبِ كثيرةٌ ***** ووجدتُ شجعانَ العقولِ قليلا

 

إنَّ الذي خلـقَ الحقيقـةَ علقـــــــــــماً ***** لم يُخـلِ من أهلِ الحقيقةِ جيلا

 

ولربّما قتلَ الغـرامُ رجـــــــــــــالَـها ***** قُتِلَ الغرامُ ، كم استباحَ قتيلا

 

  

إلا أن دوام الحال من المحال، فجاء بعده الشاعر الفلطسيني ابراهيم

طوقان ليعبر بصدق عن مهنة التعليم التي تحولت إلى مهنة المتاعب

فقال :

شَوْقِي يَقُولُ وَمَا دَرَى بِمُصِيبَتِي

 

قُمْ لِلْمُعَلِّـمِ وَفِّـهِ التَّبْجِيــلا

 

اقْعُدْ فَدَيْتُكَ هَلْ يَكُونُ مُبَجَّلاً

 

مَنْ كَانِ لِلْنَشْءِ الصِّغَارِ خَلِيلا

 

وَيَكَادُ يَفْلِقُنِي الأَمِيرُ بِقَوْلِـهِ

 

كَادَ الْمُعَلِّمُ أَنْ يَكُونَ رَسُولا

 

لَوْ جَرَّبَ التَّعْلِيمَ شَوْقِي سَاعَةً

 

لَقَضَى الْحَيَاةَ شَقَاوَةً وَخُمُولا

 

حَسْب الْمُعَلِّم غُمَّـةً وَكَآبَـةً

 

مَرْأَى الدَّفَاتِرِ بُكْـرَةً وَأَصِيلا

 

مِئَـةٌ عَلَى مِئَةٍ إِذَا هِيَ صُلِّحَتْ

 

وَجَدَ العَمَى نَحْوَ الْعُيُونِ سَبِيلا

 

وَلَوْ أَنَّ في التَّصْلِيحِ نَفْعَاً يُرْتَجَى

 

وَأَبِيكَ لَمْ أَكُ بِالْعُيُون بَخِيلا

 

لَكِنْ أُصَلِّحُ غَلْطَـةً نَحَوِيَّـةً

 

مَثَـلاً وَاتَّخِذ الكِتَابَ دَلِيلا

 

مُسْتَشْهِدَاً بِالْغُـرِّ مِنْ آيَاتِـهِ

 

أَوْ بِالْحَدِيثِ مُفَصّلا تَفْصِيلا

 

وَأَغُوصُ في الشِّعْرِ الْقَدِيمِ فَأَنْتَقِي

 

مَا لَيْسَ مُلْتَبِسَاً وَلاَ مَبْذُولا

 

وَأَكَادُ أَبْعَثُ سِيبَوَيْهِ مِنَ الْبلَى

 

وَذَويِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرُونِ الأُولَى

 

فَأَرَى (حِمَارَاً ) بَعْدَ ذَلِكَ كُلّه

 

رَفَعَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ وَالْمَفْعُولا

 

لاَ تَعْجَبُوا إِنْ صِحْتُ يَوْمَاً صَيْحَةً

 

وَوَقَعْتُ مَا بَيْنَ الْبُنُوكِ قَتِيلا

 

يَا مَنْ يُرِيدُ الانْتِحَارَ وَجَدْتـهُ

 

إِنَّ الْمُعَلِّمَ لاَ يَعِيشُ طَويلا