تجارة المؤتمرات الطبية..!
الأربعاء 04/أبريل/2018 - 04:54 م
لاحظنا فى السنوات الأخيرة زيادة كبيرة فى اعداد ما يطلق عليه بالمؤتمرات الطبية فى كافة التخصصات وكذلك تعدد الجهات التى تقيم هذه المؤتمرات وهى الجامعات والكليات ومستشفيات وزارة الصحة وبعض الهيئات مثل التأمين الصحى والنقابات والجمعيات الأهلية والمراكز الطبية الخاصة وشركات الأدوية وشركات المستلزمات الطبية..الخ..
وبطبيعة عملى وخبرتي حضرت معظم المؤتمرات التى عقدت فى مجال تخصصى.. وعلى الرغم من أن بعض هذه اللقاءات وجدت أن القليل منها مفيد جدا ويقدم مادة علمية مفيدة إلآ أن غالبية هذه اللقاءات ليست على المستوى المطلوب، ولاحظت العديد من السلبيات لهذه الظاهرة التى بات حتميا ترشيدها..!
ولعل أول الملاحظات هو أن عدد الحاضرين فى الجلسات العلمية أقل بكثير جدا جدا عن الحاضرين اثناء تناول الطعام...! وأقل بكثير من عدد الأطباء المسجلين فى المؤتمر ..! والسبب هو أن معظم الأطباء يحضرون بقصد السياحة والفرفشة فى فنادق خمس نجوم على حساب شركات الأدوية، والبعض يحضر للحصول على شهادة لتقديمها لجهة العمل تفيد ان حاملها قد حضر المؤتمر..! وهكذا تحول مفهوم المؤتمرات الى سياحة للجهاز الهضمى..!
والملاحظة الثانية هو ندرة البحوث العلمية التى تقال فى المؤتمرات بطريقة ملفتة للأنظار بل أن معظم ما يقال فى هذه المؤتمرات عبارة عن محاضرات نظرية معادة ومكررة وبذلك تحولت هذه اللقاءات المسماة بمؤتمرات الى ندوات.. وعلى الرغم من ذلك يصر المنظمون لهذه اللقاءات على تسميتها مؤتمرات..
والملاحظة الثالثة هو أن معظم المتحدثين فى كل هذه المؤتمرات هم نفس الأشخاص تقريبا وكأنهم فريق واحد يلعب بكامل أفراده مهما اختلفت أرض الملعب لكن أحيانا بينزل الاحتياطى ..! وأتذكر أننى استمعت خلال عام واحد أربعة مرات فى أربعة مؤتمرات متتالية لنفس المحاضرة من نفس المحاضر..! ولم أسمع أن أحدا من محترفى المؤتمرات قد حصل على جائزة نوبل أو جائزة مبارك أو جائزة الدولة التقديرية.. وإن كان بعضهم من أصحاب الملايين..!
والملاحظة الرابعة أن بعض أصحاب المراكز الطبية الخاصة سيطروا على الجلسات الرئيسية لعدد كبير من الجمعيات والمؤتمرات .. واستغلوا المؤتمرات كوسيلة لدعاية غير مدفوعة الأجر لمراكزهم الخاصة..! وجعلوا بعض الجمعيات الطبية تسير على نفس المنوال..
والملاحظة الخامسة هو ظهور فئة محترفة فى اعداد وتنظيم المؤتمرات بقصد التربح المالى..
والملاحظة السادسة هو ما يتعلق برعاية المؤتمرات فقد لاحظت أن بعض المؤتمرات تقام تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء ومؤتمرات أخرى تقام تحت رعاية وزير التعليم العالى ومؤتمرات ثالثة تكون تحت رعاية وزير الصحة وبعض المؤتمرات يكون تحت رعاية محافظ الاقليم ومؤتمرات اخرى تقام تحت رعاية رئيس الجامعة ونوابه والعديد من المؤتمرات يكون تحت رعاية عدد من الوزراء وسمعت عن بعض الرعاة للمؤتمر يغضبون لو كتب اسم فلان قبل علان وآخرين يعتذرون لو لم تكتب الأسماء بالترتيب حسب رغبتهم...! وكم من الوقت تتعطل اعمال المؤتمرات بسبب تأخير حضور الراعى عن الموعد المحدد لافتتاج المؤتمر...!
لذلك أقترح على السيد الأستاذ الدكتور وزير التعليم العالى ضرورة اتخاذ اجراء لترشيد اقامة المؤتمرات العلمية وذلك بتوحيد مؤتمرات الأقسام المنتاظرة بين الجامعات المختلفة وجعلها مشتركة بين كافة الجامعات (أو على الأقل الجامعات المتقاربة) وتحديد عدد مقبول لها سنويا كما أقترح على السيد رئيس مجلس الوزراء أن يصدر قرار ينص على أن رعاية المؤتمر العلمية لاتتجاوز رئيس المصلحة التى تقيم المؤتمر اذا كان بدرجة وزير (مثل الجامعات فتكون الرعاية لرئيس الجامعة) وفى حالة اذا كان المؤتمر مشترك بين أكثر من جامعة اوبين جامعة ومركز البحوث مثلا فتكون الرعاية لوزير التعليم العالى واذا كان المؤتمر قومى تشارك فيه أكثر من وزارة تكون الرعاية لرئيس الوزراء..
أما المؤتمرات الدولية التى تقام على أرض مصر وتشارك فيها مصر فإن الرعاية تكون للقيادة السياسية أو ماتراه فى هذا الشأن ... أما المؤتمرات الخاصة بالجمعيات فتكون الرعاية لمحافظ الإقليم الذى يعقد على أرضة المؤتمر... مجرد اقتراح قد يوفر العديد من الوقت والإعلانات واللافتات واسعار الدواء....
الأستاذ الدكتور/ محمد نبيه الغريب
استاذ بقسم التوليد وأمراض النساء
بكلية الطب - جامعة طنطا