الدروس الخصوصية فى الجامعات
السبت 04/نوفمبر/2017 - 04:55 م
الدروس الخصوصية اصبحت من الأمراض المتوطنة التى أصابت كل مراحل التعليم انهكت اقتصاد الأسرة المصرية وقد تجاوزت تكلفتها 25% من دخل الأسرة المصرية.... من ثم وجب على المجتمع كله شعب وحكومة التصدى لها وتجريمها حتى يمكن القضاء عليها تماما وخاصة بعد أن بين فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر بأن إعطاء الدروس الخصوصية يعتبر خيانة أمانة من قبل المدرسين. ولعل أهم مخاطر الدروس الخصوصية لاتقتصر على إرهاق أولياء الأمور والأسر المصرية ماديا وبدنيا وإجتماعيا بل شملت جوانب أخرى اهمها مايلى:
الإخلال بمبدأ تساوي الفرص في التعليم حيث أن الطالب القادر ماديا هو فقط من يمكنه الحصول على الدروس الخصوصية وهذا يعنى تميز الأثرياء بخدمات تعليمية متميزة يحرم منها غيره من الطلاب غير المقتدرين، على الرغم من إمكانية أن يكون هؤلاء أفضل منه في القدرات والمهارات الفردية ولعل هذا هو سبب اعتراضنا على البرامج التى قدمها وزير التعليم العالى.
ضعف إنتاجية المعلم وعدم اهتمامه بتوصيل المعلومة للطلاب داخل الفصل المدرسي: وذلك يرجع إما لطمعه في أن يقوم الطلاب بالإقبال على الدروس الخصوصية أو لإرهاقه نتيجة الجهد المضاعف الذي يبذله في الدروس الخصوصية خارج أوقات الدوام الرسمي.
هدم جانب رئيسي من جوانب العملية التعليمية التي تهتم ببناء شخصية المتعلم وأصبحت الدروس الخصوصية تولد لديه روح الاتكالية والتلقى وتقضى على روح التفكير والإبتكار.
ضعف علاقة الطالب بالكلية حيث يعتمد على مصدر آخر للتعلم يمثل له مفتاح الحصول على المعلومة بطريقة تضمن له الحصول على أكبر معدل دراسي ممكن.
تدني نظرة الطالب إلى المعلم والذى من المفترض أن يكون قدوة لتلاميذه حيث ينظر إليه الطالب كتاجر يقدم خدماته التعليمية لقاء أجر...
عدم اهتمام الطالب بالشرح داخل الفصل الدراسى مما يؤدي لعدم محافظته على نظامه واستقراره، الأمر الذي يؤدي بدوره للتأثير سلباً على تحصيل زملائه من الطلاب الذين لا يحصلون على الدروس الخصوصية، والذين لا مصدر لهم في التعلم سوى شرح مدرس الفصل.
تحول اهتمام الطالب إلى مجرد النجاح في الامتحان مما يدفعه إلى التعامل مع الخبرات التعليمية في داخل هذا لإطار فقط، الشيء الذي يخل بالهدف الأساسي للعملية التربوية والمتمثلة في بناء الإنسان وتكامل الخبرات واكتساب المعرفة والخبرة العملية التي تؤهله للنجاح في حياته فيما بعد.
التقليل من اعتماد الطالب على نفسه باعتماده على المدرس الخصوصي في تبسيط المعرفة وحل المشكلات التي تعترضه بدلاً من الاعتماد على نفسه في حلها واكتساب الخبرات التي تؤهله لحل ما يواجهه من مشكلات في حياته العملية التالية.
تتسبب الدروس الخصوصية في ضياع جزء كبير من وقت الطالب مما يؤثر سلباً على مستواه في بقية المواد.
هناك أيضاً بعض المشكلات الأخلاقية التي قد تنشأ عن الدروس الخصوصية حيث يقوم المدرسون الذكور في بعض الأحيان بالتدريس للبنات في غيبة الأهل أحياناً مما قد ينتج عنه آثار سلبية خطيرة.
التأثير على مستوى الأداء في مؤسسات التعليم العالي حيث يحصل الطلبة على معدلات فوق قدراتهم الطبيعية، ومن ثم ينتسبون إلى كليات تستلزم بذل جهود تفو ق قدراتهم ، مما يؤدي إلى تعثر دراستهم الجامعية أو فشلها.
حرمان بعض الطلبة ذوي القدرات المتميزة والتحصيل العلمي الجيد من الالتحاق بكليات متميزة: نتيجة لشغل أمكنهم من قبل الطلبة الأقل في المستوى العلمي والتحصيلي والذين تم تأهيلهم بناء على درجاتهم العليا في الامتحانات بسبب الدروس الخصوصية.
إرهاق ميزانية الأسرة: حيث يضطر الوالدان إلى اقتطاع جزء كبير من دخل الأسرة للوفاء بالتزاماتهم المالية تجاه المدرسين الخصوصيين.
وبإعتبارى أحد قدامى أعضاء هيئة التدريس بجامعة طنطا أؤكد أن نسبة الطلاب الذين يأخذون دروس خصوصية فى بعض الكليات الجامعة لا تقل عن مثيلتها بين طلاب الثانوية العامة...! كما أؤكد أن وباء الدروس الخصوصية قد انتشر فى كل الكليات تقريبا وصارت المراكز الخاصة للدروس الخصوصية تشكل جامعة موازية على مسمع ومرأى كل المسئولين عن التعليم العالى والقيادات السياسية بمدينة طنطا...
ولن أضيف جديدا إذا قلت أن العائد المادى ضخم جدا وقد يتجاوز ملايين من الجنيهات فى العام الواحد لمدرس مساعد أو مدرس مجموع مايتقاضاه من الجامعة لايتجاوز عدة آلاف جنيها سنويا..! والغريب بعض أطباء إمتياز وبعض الأطباء الذين أنهوا فترة طبيب مقيمين ولم يتم تعيينهم بالجامعة وأطباء ثوالث بالمستشفيات الجامعية يقومون بإعطاء الدروس الخصوصية بدلا من حضورهم لعمل بالمستشفيات!!. ولقد سمعت من صديق عن مدرسين مساعدين أخذوا أجازة بدون مرتب للتفرغ لإعطاء الدروس الخصوصية في بعض الكليات ..! والأغرب من ذلك أن بعض محترفى الدروس الخصوصية كانوا يحضرون من القاهرة لإعطاء دروس فى المراكز المتخصصة للدروس بمدينة طنطا..! وهناك عدة مراكز معروفة للجميع يتم إعطاء الدروس فيها ..أما علية القوم فأن الدروس تتم فى منازلهم...! ومعظم أساتذة الجامعات تقريبا يعرفون من يعطى الدروس فى مجال تخصصهم ولكنهم لايملكون السلطة لمكافحة تلك الآفة ..
لذلك نرى أن دور الأجهزة الرقابية مهم جدا للكشف عن المخالفين .. بل إننى أرى أقترح أن تقوم كل جامعة بإنشاء ادارة تتبع رئيس الجامعة مباشرة لمكافحة الدروس الخصوصية ويكون لها سلطة الضبطية القضائية ...وأعتقد أن التحدى الحقيقى الذى يواجه وزارة التعليم العالى هو تحقيق التطوير وجودة مظومة التعليم لكنى أؤكد بأن ذلك لن يتحقق طالما سمحت الدولة باستمرار الدروس الخصوصية وعدم تجريمها ...كيف يمكن أن تعلق لافتات مراكز الدروس الخصوصية فى الشوارع..؟ أين التطوير هذا الذى تتحدث عنة وزارات التعليم ومراكز الدروس المحظورة على عينك ياتاجر....!
ولكى نكون واقعيين لابد أن نعترف بأن الحل الجذرى لقضية لن يكتمل باسلوب القمع وحده لكن لابد أن يتزامن قمع المخالفين مع قيام الجامعة بوضع خطط فورية لتعديل جداول التدريس بالشكل الذى يحل مشكلة الأعداد الكبيرة للطلاب والتزام الإدارات الأكاديمية للكليات والأقسام بالقضاء على ظاهرة البديل (دخول شباب أعضاء ومعاونيهم بدلا من الأساتذة الكبار) لأن تلك الظاهرة خطيرة للغاية.. كما أرى أهمية لتنفيذ برامج مجموعات التقوية فى الكليات بشكل يسمح للطالب بإختيار الدكتور الذى يوصل اليه المعلومة بالإسلوب الذى أحبه .. وأعتقد أنه لو عممت هذه التجربة فسوف يقوم العديد من أعضاء هيئة التدريس بتطوير اسلوبهم ليتمشى مع مايلائم استيعاب الطلاب وطالما كان هناك عائدا مجزى فكل شىء ممكن..!