الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

إحنا بتوع اليونسكو ...

الجمعة 13/أكتوبر/2017 - 07:44 م

بعد إنشغالنا بكأس العالم، إنتقلنا إلى انتخابات اليونسكو، ودارَت سيناريوهات الانتخاباتِ على خلافِ ما روَجه الإعلام لفترة طويلة عن تفوقِ مرشحةِ مصر ووقوفِ الدولِ الأفريقيةِ وراءها، وهو ما أكَدَ كَمَ الأوهامِ وعدمِ الإدراكِ الذي يُروِجُ له إعلامٌ حكوميٌ موجهٌ مُنغلقٌ وإعلامٌ خاصٌ مُرَوَضٌ، إعلام جعجعة وبدون مؤاخذة غنِاءٌ في الحمامِ.

لكن بعد نتيجةِ انتخاباتِ اليونسكو، هل تستأهلُ مصر حقًّا قيادةَ أكبرِ منظمةٍ ثقافيةٍ في العالمِ؟ العبرةُ ليست بقيمةِ المرشحِ فقط، ولكن بالبيئةِ التي يعيشُ فيها، وبثقافةِ شعبِها، وبنظامِ الدولةِ الداخلي وسياساتِها الخارجيةِ. التباكي من استخدامِ المالِ والتربيطاتِ والبَغبغة عن الانتخاباتِ النزيهةِ لا يصُبُ في الصالحِ ويخاصمُ الواقعَ، كيف؟ هل الانتخاباتُ التي تشتركُ فيها مصر لابدَ أن تكون مغسولةً ببرسيل وتايد لما تَكُونُ خارجيةً، لكن لما تكون داخليةً فيُباحُ الضربُ تحت الحزامِ وتلويثُ سمعةِ من يفكرُ في خوضِها؟!

لنتصارحَ، هل الشعبُ المصري في غالبيتِه يعترفُ ويتقبلُ الاختلافِ في الدينِ والفكرِ والأصلِ والرزقِ. لو كانت الإجابةُ بنعم، كيف يُقتلُ كاهنٌ في الشارعِ؟ كيف يُمنعُ مصريون من الصلاةِ وإقامةِ دورِ عبادةِ؟ هل تحظى المرأةُ بنظرةٍ سويةٍ في المجتمعِ بعيدًا عن النظرةِ الشهوانيةِ التي تعتبرُها سببَ الفتنةِ وإغواءِ الرجلِ الغلبان؟ كيف يستيقظُ المجتمعُ بضميرٍ حَى على صوتِ إطلاقِ الرصاصِ على حيواناتٍ ضالةٍ بدلًا من البحثِ عن حلولٍ علميةٍ إتبَعَها العالمُ؟ كيف يُنظَرُ لحيواناتٍ خلقَها الله على أنها شياطينٌ؟ هل يُحتَرَمُ الأكبرُ سنًا أم يُستباحُ خداعُهم والتعدي على حقوقِهم؟ كيف يَسودُ قانونُ الغابةِ في الشارعِ أمام نَظرِ وسَمعِ الجميعِ وتسامُحِهم؟ هل فتاوى الجهلِ وفيسبوك هي مهنةُ من لا مهنةَ له والفاضي والتافه؟

أما على مستوى الدولةِ فماذا قَدَّمَت ليعترفُ العالمُ بدعمِها للثقافةِ وحريةِ الفكرِ؟ أهو بمنعِ كُتابٍ وبرامجٍ مُعارِضةٍ؟ هل هو بالإعلامِ المُوجه المُسِيَّر سليطِ اللسانِ؟ التعليمُ على كُلِّ مستوياتِه يخضعُ للعنترياتِ من المُسيطرين على مقدراتِه لعقودٍ في المجلسِ الأعلى للجامعاتِ وفِي وزارةِ التربيةِ والتعليمِ؟ الوزراءُ يفشلون ويظلون مؤبدين في كل لجانِ الدولةِ والوزاراتِ. المعلمونُ وأعضاءُ هيئاتِ التدريسِ بالجامعاتِ يعانون مرتباتٍ متدنيةٍ ولا يلقون إلا اتهاماتِ الفسادِ والتقصير. أعضاءُ هيئاتِ التدريسِ المتفرغون يتقاضون مبلغًا ثابتًا لا يتغيرُ أبدًا ولو طارَت الأسعار لفوق، هل بذلك تُثبتُ الدولةُ احترامَ العلمِ وأهلِه والوفاءَ لهم؟ ماذا فعلَت الدولةُ للنهوضِ بالثقافةِ والوعي العامِ؟ هل هناك من يَعرِفُ الفرقَ بين العلمانيةِ والإلحادِ؟

نظريةُ المؤامراتِ الكونيةِ تحكمُ الدولةِ والأفرادِ، لتبريرِ الإخفاقِات والتعصبِِ وضيقِِ الأفقِِ؛ مهما عَلَت الشهاداتِ هناك من ينتهجونَها ببجاحةٍ. الحضارةُ ليست مجردَ أثارٍ بناها الأجدادُ منذ آلاف السنين، لكنها باستمرارِ مجهودِ الأبناءِ الحضاري، شعوبٌ ونُظمُ حكمِ.

الكلامُ عن قطر ومرشحِها لا يختلفُ كثيرًا وهي من تُكرِسُ مبدأَ من معه قرش محيره يجيب حمام يطيره. لكن هل فعلًا أنفقَت قطر وراحت عليها الفلوس، أم وعدَت بالإنفاقِ في حالة المكسب؟ إعلامُنا أَعْلَم بالسقطة واللقطة.

سيظهرُ بؤساءُ نظريةِ المؤامرةِ، ألم نقُلْ أن فرنسا ستَكسبُ!! بالذمة، أية آمارةٍ لمصر أو قطر؟

الشكر للسفيرة مشيرة خطاب وفريقها، لكن السياسة للكبير، الكبير بس.
خُلاصةُ الكلامِ، وبمنتهى الصراحة، وبدون زعل، وبغَصةٍ، هل فعلًا تُضيفُ مصر المديونةُ جدًا لليونسكو؟