مشكلات المعلمين.. رواتب.. ترقيات.. ندب ونقل
الجمعة 25/أغسطس/2017 - 04:18 م
منذ بداية مقالاتى لـ "السبورة" والزملاء المعلمون يطلبون منى الكتابة عن مشكلاتهم، فى إداراتهم ومع رؤسائهم ومشكلات أخرى متعلقة بالمرتبات والمعاشات.. إلخ
أنا فى الحقيقة أكتب فى المشكلات العامة من منظور واحد وهو المصلحة العليا للدولة المصرية وهى زاوية واحدة لمشكلة التعليم فى مصر، ولكنى أراها الأهم فكتبت مثلا عن بداية سن التعليم للطفل المصرى وما يجب أن يكون عليه، وكتبت أيضا رؤيتى لحل مشكلة المدرسة والدروس الخصوصية وغير ذلك من الموضوعات..
ولكنى ما أن كتبت عن طريقة اختيار قيادات التربية والتعليم منتقدا هذه الطريقة حتى انهالت على الشكاوى من كل حدب وصوب أقصد من كثير من الإدارات التعليمية (طبعا من تيسر له التواصل معى) وعرض على عشرات المشاكل من معلمين وأولياء أمور يشكون قيادات التربية والتعليم فى إداراتهم، سيل منهمر من الشكاوى..
الحقيقة كل ما ذكر تقريبا فى هذه الشكاوى مكرر ولا جديد فيه كلها تنحصر فى التبرعات التى تطلبها المدارس لإتمام عمليات تحويل الأطفال من مدرسة إلى أخرى وبالنسبة للزملاء المعلمين تجد مشكلات الترقيات المتأخرة وعدم موافقة المسئولين على طلبات نقل أو ندب المعلمين بالقرب من أماكن اقامتهم ومكافآات متأخرة ومعاشات ضعيفة جدا ومرتبات لا تفى بأقل القليل من ضرورات الحياة..
ولكنى لاحظت عبارة تكررت فى أغلب الشكاوى التى وصلتنى بشكل مباشر عن طريق التليفون أو فى مقابلات شخصية بينى وبين زملائى وهى عبارة (لا تذكر اسمى ولا اسم المدرسة التى أعمل بها)، حتى أولياء الأمور طلبوا منى هذا الطلب الغريب خوفا على أبنائهم من بطش بعض المسئولين، طلب منى هذا بالرغم من أن كل ما يعانون منه حقيقى لا كيد فيه حيث أن كل هذه المشكلات رأيتها بعينى وناقشتها عشرات المرات على مدار سنوات أى أننى استطيع أن أقول أنها أصبحت أمراضا مزمنة لا شفاء منها..
الحقيقة أن ما أريد أن أطرحه اليوم ليس مشكلات السادة الزملاء أو أولياء الأمور ولكنى أريد أن أعرف ما هو موقف الوزارة من تلك المشكلات التى تصل إلى المسئولين بالوزارة ما هو اسلوبهم لحل تلك المشكلات بل ما هى رؤيتهم لعلاج مشكلات موجودة منذ سنوات، والكثير منها شكاوى عامة وتمس العملية التعليمية بقوة..
هل لدى الوزارة جهاز لمتابعة تلك الشكاوى، أم أنها تقف موقف المتفرج ضاربة عرض الحائط بكل ما يعانيه المعلم وولى الأمر من احباطات، وكأن وزارة التربية والتعليم تقول للناس أنا لست مسئولة عن مشاكل التعليم فى مصر..
نحن لا نطمع فى تدخل الوزير شخصيا فى حل مشاكل المعلمين وأولياء الأمور فعلى ما يبدو أن هذا حلم بعيد المنال ولكن على الاقل يجب أن تكون هناك آلية لفتح قناة للتواصل مع المعلمين وأولياء الامور لمعالجة مشكلاتهم وأنا متأكد أن هناك من المشكلات ما يتطلب تدخلا سريعا وفوريا من وزير التربية والتعليم..
إن دراسة المشكلات وحلها قبل أن تستفحل يخلق جوا من الثقة المتبادلة بين أطراف العملية التعليمية، وحل مشكلات المعلمين يزيد من احساس المعلم بالرضا ويدفعه للعمل والعطاء والعكس صحيح إن إهمال شكاوى المعلمين وأولياء الأمور يخلق جوا من الاحتقان، والمعلم الذى يقع فريسة للإحساس بالظلم والقهر لا يستطيع أن يؤدى عمله بإخلاص وإبداع فالحالة النفسية للمعلم عنصرا هاما فى توفير الجو المناسب للعمل..
وأنا أفضل أن اوجه كلامى مباشرة لمعالى وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقى، أريد أن أقول أن الانسان الذى يعانى من الظلم والقهر لا يمكن أبدا أن يقوم بعمله بشكل مرض، هذا على المستوى الإنسانى، اما على المستوى الوظيفى، فتجد أن ضياع حق المعلم وتكرار شكواه لعشرات المرات دون أن يلتفت إليه أحد يخلق جوا من اليأس بل الاخطر من ذلك أن هذا الإهمال المتعمد يجعل الزميل مستجيبا لكل محفزات الفساد فهو لايملك تغيير ولا أحد يسمع له ولا فائدة تجنى من وراء الشكاوى..
وعلى العكس تماما فإن إحساس المعلم أن وزارته تحميه وتردع المفسد سيكون لذلك أعظم الأثر فى نفسه أما إهمال المعلمين يصيبهم بالإحباط الدائم ويغزى مشاعر عدم الثقة بينهم وبين وزارتهم..
ومن زاوية اخرى فإن المفسد سيتمادى فى فساده لأنه أمن العقاب وقد سمعت من أحد المسئولين ونحن فى معرض حديثنا عن أحد المعلمين وقد وصلنا خبر أنه واقف الآن على باب مكتب وكيل المديرية لتقديم شكوى فى رئيسه الذى أنا جالس معه، أقول أن هذا المسئول بعد أن غرق فى الضحك علق قائلا (الشكوى هاتيجى لغاية هنا وانا هرد بالطريقة التى أريدها).
معالى وزير التربية والتعليم.. علمت أن فكرة "المعلمون أولا" هى فكرتك فأنت قررت الاهتمام بالمعلم كخطوة أولى لإصلاح ما أفسده الزمن فى العملية التعليمية فى مصر وبدأت فى تدريب المعلمين على استراتيجيات جديدة وحديثة تساعد المعلم على القيام بعمله على الوجه الأكمل. وهذا اتجاه محمود نوافق عليه ونشجعه ونشكرك عليه..
ولكن مراعاة الحالة النفسية للمعلم قد تكون أكثر أهمية من كل هذه التدريبات.. فما معنى أن يقع آلآف المعلمين ضحية لفشل وفساد أحد المسئولين ولا يجدون من يسمع شكواهم أو يعيد إليهم حقوقهم الضائعة.. إننى أرجو من وزارة التربية والتعليم التدخل بشكل مباشر وفورى فى الإدارات التى يشكو المعلمون من سوء إداراتها، وأنا لن أدخل فى تفاصيل تلك الحالات ولكنى سأشير فقط إلى إدارة القاهرة الجديدة، والتى وصل الفساد فيها مبلغه مما اضطر المعلمون لتنظيم وقفة احتجاجية على أبواب الإدارة بالأمس وكذلك إدارت أخرى بالقاهرة والجيزة علمت أن الشكاوى منها وصلت ديوان الوزارة منذ وقت طويل..
معالى وزير التربية والتعليم لا يصح أبدا أن تكون مشكلات السادة المعلمين فى ذيل قائمة الاهتمامات، بل يجب أن تكون على رأس تلك القائمة..