ابتزاز مديرى المدارس.. والتحويلات
الأحد 06/أغسطس/2017 - 12:05 ص
قفز الى ذهنى سيناريو خيالى غريب ، فأنا الآن عدت طفلا بصحبة والدى ونحن فى المدرسة التى من المفترض ان انتقل اليها بسبب انتقال الاسرة الى مسكن جديد، والدى يطلب مقابلة مدير المدرسة تشبثت بيده فنحن سنقابل السيد المدير..
بعد أن شرح والدى سبب رغبته فى نقلى إلى هذه المدرسة ، بدأ السيد المدير فى الكلام ويا ليته ما قال شيئا فقد قال أن المدرسة فى حاجة إلى حمام سباحة وطلب من والدى إنشاء هذا الشيء مقابل الموافقة على التحويل ، تعجب أبى وتلعثم فى الكلام فانفطر قلبى حزنا على والدى وما يتعرض له من ابتزاز لا يملك أن يستجيب ولا حتى لجزء صغير لما يطلبه المدير، ولكنه تماسك وحاول مناقشة المدير الذى رفض أى نقاش فى هذا الموضوع ، تغير صوت ابى إلى نبرة لم اسمعها منه من قبل إلا مرة واحدة يوم وفاة جدتى (والدته) وقال للمدير أنه سيذهب إلى مديرعام الإدارة ووكيل الوزارة بل والوزير شخصيا وانا أسمعه وأعلم تماما أنه لا يعرف أى شخص من الاشخاص الذين ذكرهم..
واندهشت عندما رأيت مدير هذه المدرسة الملعونة لا يهتم بما قاله ابى ولم يهتز فقرر أبى أن يشكو هذا الرجل لرؤسائه علهم يعيدون إلينا حقنا فى التحويل إلى أقرب مدرسة لبيتنا الجديد وفى اليوم التالى خرج أبى من المنزل متوجها لا أعلم إلى أين ولكنه كان يحمل الملف الخاص بى فتوقعت أنه ذاهب إلى المسئولين الذين ذكرهم بالأمس فأنتظرته وأنا أنظر إلى ساعة الحائط كل نصف ساعة تقريبا ، وأخيرا عاد أبى وعندما سألته أمى ماذا فعل لم يرد ودخل إلى حجرته مباشرة ، ودخلت هى خلفه وسمعته يقول لها حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم كلهم. كان من الواضح أنه فشل فى مهمته..
لا أعلم لماذا تذكرت على الفور كلام كان مدرس اللغة العربية قد قاله لنا مرات كثيرة عن الوطنية والولاء والإنتماء ووجدت نفسى لا اطيق أن أتذكر تلك الحصة التى شرح لنا فيها مدرس اللغة العربية هذه المعانى - التى كنت اتصورها جميلة - والتى يجب أن تكون ملازمة لنا طوال حياتنا وإلا فقدنا قيمة الحياة وفقدنا كبريائنا ، تذكرت وتعجبت أى وطنية تلك التى كان يتحدث عنها الاستاذ ونحن نعيش فى وطن نحبه ولا يحبنا فهو حب من طرف واحد وما قيمة الولاء أو الانتماء الذى ملأ أسماعنا به لوطن يرفضنا ويحاول أن يبعدنا عنه فكيف لنا أن أن نبادله المشاعر وسألت نفسى هل يجب على أن أظل أؤمن بهذه المعانى التى لا أجد مقابل لها غير الإهانة و الإنكسار إنه وطن يرفضنا ، ولكنى مصمم على أن أرد لهذا الوطن الذى كنت أحبه ما فعله مسئوليه بى وبأبى..
عزيزى القاريء انا لم اتخيل قصة احكيها لك من اجل التسليه ولكن هذا ما حدث بالفعل مع ولى أمر حضر إلى مدرسة بالتجمع الخامس لتحويل ابنه إلى تلك المدرسة ، أنا فقط تخيلت مشاعر الطفل الذى حضر هذه المقابله العجيبة والتى تمت بين والده ومدير المدرسة..
إن الضغوط التى يتعرض لها أولياء الأمور الراغبين فى تحويل أبنائهم إلى مدارس القاهرة الجديدة فاقت كل وصف حتى أصبح التبرع للمدرسة مقابل قبول التحويل عرف لايمكن أن تتم عملية التحويل بدونه وكل مدير مدرسة يحدد تسعيرة مدرسته فهذا المدير الذى طلب إنشاء حمام سباحة كان يطلب من أولياء الأمور اجهزة تكييف ومعدات موسيقية ثمنها آلاف الجنيهات، ومدير آخر كان يحدد الحد الأدنى للتبرع بخمسة آلاف جنيه ، ومديرة مدرسة تسأل ولى الأمر عن عمله وسكنه قبل أن تطلب مبلغ التبرع حتى تستطيع تحديد المبلغ الذى ستطلبه..
والسؤال الملح الآن هل تحتاج المدارس لكل هذه المبالغ؟ أسمح لى عزيزى القارىء أن اجيب بلا ( أقول هذا وأنا لازلت مدير مدرسة)، فالمبالغ التى تخصصها الوزارة لصيانة المدارس وشراء الأجهزة تكفى تماما وكذلك نصيب كل مدرسة من المصروفات التى يدفعها الطالب هى مبالغ كبيرة فى حين أن أغلب مدارس القاهرة الجديدة تترك ميزانيتها ولا تستفيد منها وتعتمد على تبرعات أولياء الأمور لا أعرف لماذا ولكن حسب ظنى " وليس كل الطن إثم " أن فى التبرعات فوضى فلا يمكن لأحد أن يعرف المبالغ التى تقاضاها مدير المدرسة نظير توقيعه بقبول التحويل..
ولك أن تسأل عزيزى القارىء، هل لدى المسئولين فى إدارة القاهرة الجديدة التعليمية علم بما يحدث من مديرى المدارس؟ والاجابة، نعم بالتأكيد يعرف الجميع كل التفاصيل بل أن مدير عام الإدارة قام منذ يومين تقريبا بنقل المدير الذى طلب من ولى الأمر إنشاء حمام سباحة وكان ذلك بضغط من جهة أمنية سيادية وحدث هذا أيضا العام الماضى مع مدير مدرسة بالتجمع الثالث وكان النقل بسبب تدخل نفس الجهة الأمنية وأنا رأيت كل هذه الأحداث ومتأكد أنه لولا تدخل هذه الجهة الأمنية ما كان قد تم نقل أو إستبعاد أى مدير مدرسة يبتز أولياء الأمور ، والدليل على ذلك أن أغلب ( أو كل ) مديرى المدارس بالقاهرة الجديدة يمارسون نفس العمل ولا تحرك الإدارة ساكنا بل تسميه الإدارة مشاركة مجتمعية..
وأنا ادعو القراء الأعزاء الذين مروا بهذه الحالة من الإبتزاز أن يعلقوا على هذا المقال بما حدث لهم ليس من المهم ذكر اسمائهم بل يكفى ذكر المبلغ أو الشىء الذى تبرعتم به و اسم المدرسة ، فما أنا بصدده الآن ليس شكوى ولكنه حراك مجتمعى الهدف منه وقف مهزلة إبتزاز أولياء الامور تحت أسم التبرعات أو المشاركة المجتمعية..